تبعد مدينة الفلوجة التي هي مسرح احداث دامية في العراق الأن عن مركز بغداد مسافة 56 كيلومترا غربا وتقع على نهر الفرات وقريبا من بحيرة الحبانية وتحاذيها شمالا واحدة من اكبر واقدم القواعد الجوية العراقية هي قاعدة الحبانية التي بناها البريطانيون فوق هضبة عالية خلال فترة استعمارهم للعراق ما بين 1919 وحتى نهاية الحكم الملكي عام 1958. وفي ظل حكم حزب البعث اعتبرت هذه القاعدة واحدة من اهم المعسكرات بسبب قربها من بغداد اذ بامكان اي تمرد او انقلاب عسكري ينطلق منها السيطرة على العاصمة فأخضعت لسيطرة قوات الحرس الجمهوري وكان يتم اختيار الضباط العاملين في القاعدة بدقة من الموالين جدا لقيادة صدام حسين. وتعني (فلوجة) لغويا الارض الصالحة للزراعة وكان غالبية اهالي الفلوجة يعملون بالزراعة في حقولهم الخاصة وليس كفلاحين أجراء اذ عرفوا كملاكي اراض وانتقل بعضهم الى العمل في التجارة بسبب وقوع بلدتهم على طرق المنافذ الحدودية واشتهروا خصوصا بتجارة الاقمشة. ويبلغ عدد سكان مدينة الفلوجة القديمة حوالي 70 الف نسمة الا انه بسبب توسع المدينة في اطراف مختلفة تصعب اليوم معرفة مساحتها وعدد سكانها بالضبط لاسيما وان اهلها لا يسكنون في الابنية العمودية بل في بيوت افقية واسعة ولكن بعض الاحصائيات غير الرسمية تقدر عدد سكان هذه المنطقة ككل بحوالي 400 الف نسمة. وغالبية اهالي البلدة من المسلمين السنة وفيها ما يقرب من 80 مسجدا. وارتبطت بلدة الفلوجة في اذهان العراقيين بأنها مدينة يمر بها المسافرون في طريقهم الى الحدود مع الاردن وسورية او الى منتجع الحبانية السياحي وهي على مساحة واسعة من الاراضي حتى اصبحت اكبر قضاء يتبع محافظة الانبار (الرمادي). اما العشائر التي ينتسب اليها اهالي الفلوجة فأشهرها الجبور والجميلات والبو علوان (دليم) والمحامدة وزوبع والبو نمر (دليم) والبو عيسى وشمر. ومع سيطرة صدام حسين على السلطة قرب اهالي الرمادي والفلوجة وانتسب غالبية ابنائهم الى الحرس الجمهوري والحرس الخاص وقوات الطوارئ واجهزة المخابرات والاستخبارات العسكرية. وعندما اندلعت انتفاضة مارس عام1991 ضد نظام صدام وقف اهالي الرمادي والفلوجة مدافعين بشدة عن النظام ولم ينتفض اهلها مما دفع بصدام لأن يطلق عليها تسمية المحافظة البيضاء واغدق عليهم العطايا واعتبرهم من المقربين اليه. ومن المعروف ان صدام لا يأمن لأحد وقد اعدم الكثير من ابناء الفلوجة وخاصة المتدينين منهم. وفي شتاء عام 1992 التقى صدام برؤساء عشائر الرمادي والفلوجة وانذرهم من مخاطر اتساع الحركات الدينية بين شبابهم واقسم بانه سيقطع رؤوس المتدينين كائنا من كانوا وقال انا لا يهمني اذا كان شيعيا او سنيا ابن شيخ عشيرة او فلاحا معدما. وبالفعل اعدمت وجبة تتكون من 90 شابا في ليلة لقائه مع شيوخ العشائر الذين لم تنفع تدخلات لاطلاق سراح المعتقلين وارسلت الجثث الى اهالي المعدومين قبل وصول شيوخ العشائر الى بيوتهم. مع ذلك بقي اهالي الفلوجة يدينون بالولاء لصدام ولم يظهروا اي تمرد ضده فقد بقى يغدق على العشائر بالعطايا من اموال وسيارات حديثة وحتى اسلحة خفيفة وكان يعتبرهم الظهير الذي يحمي بغداد اذا ما دخلت القوات الامريكية عن طريق الاردن وانتسب عدد كبير من شبابهم في ميليشيات (فدائيي صدام) وتم تجهيزهم بالاسلحة الخفيفة (رشاشات كلاشنكوف) وقاذفات (أر بي جي 7). وتعتبر الفلوجة والرمادي من اكثر المدن تضررا بسبب تغيير النظام ورحيل صدام وكان من الطبيعي ان يقف اهالي هاتين المدينتين ضد القوات الامريكية التي دخلت الفلوجة بسهولة واتخذت من مقار حزب البعث والمدارس معسكرات لها في الوقت الذي كان اهالي المدينة قد سيطروا على اسلحة وسيارات وممتلكات الدولة التي انهارت بسبب هزيمة النظام. وكان من الطبيعي ان تقف المدينة بوجه القوات الامريكية لحرمانهم من امتيازات مالية كبيرة كانوا يتلقونها من نظام صدام كما ان الفلوجة وبحكم موقعها المنفتح على الصحراء والمناطق الحدودية تحولت الى مأوى للدخلاء وخاصة من اسموا انفسهم بالمجاهدين العرب الذين دخلوا العراق بصورة غير رسمية.