ولما قررت ادارة المعاهد والكليات التابعة لرئاسة الافتاء فتح المعهد العلمي بالاحساء عام 1374ه اختارت لادارته الاديب الشاعر الشيخ عبدالله بن محمد بن خميس كما زودته بمجموعة من خيرة المدرسين للعمل بالمعهد ومن هؤلاء الاعلام : الشيخ مناع القطان لتدريس التفسير ومصطلح الحديث، الشيخ محمد البنا لتدريس الفقه والتوحيد، الشيخ محمد الطاهر لتدريس القرآن والتجويد، الاستاذ تيسير النابلسي لتدريس الادب العربي، الاستاذ محمد بن علي العبد لتدريس التاريخ، الشيخ محمود زايد لتدريس القواعد، د. عبدالفتاح محمد الحلو لتدريس الادب العربي. لقد جاء هؤلاء السادة الى الاحساء وقد بدأ التعليم المنهجي ينتشر بشكل محدود حيث كانت المدرسة الثانوية وما احتوته من جمعيات هي المنطلق الرحب لذلك النشاط الطلابي الادبي منه والعلمي فلما فتح المعهد اراد القائمون عليه ان يكون له نشاط ادبي يسهم في احياء الحركة الادبية في الاحساء فأسسوا النادي الادبي الذي ينعقد كل شهر وتتبعه عدة من الصحف الحائطية وقد شارك في هذه الانشطة كثير من طلبة القسمين الثانوي والتمهيدي منهم عبدالله بن عبدالرحمن النعيم وعبدالرحمن الينيان ومحمد بن عبدالله المبارك ومحمد العمير ومحمد حمد السماعيل وعبدالله بن احمد الشباط وعبدالرحمن عثمان الملا وابراهيم بن محمد المبارك وعبدالعزيز الماجد وخليل الفزيع. وبتعاون اولئك المعلمين الاصفياء وطلابهم الاوفياء ازدهرت الحركة الادبية واتسعت المجالات الثقافية واصبح التنافس بين المدرسة الثانوية والمعهد العلمي في تلك الفترة الذهبية عامل دفع وانماء لتلك الحركة التي اصابها نوع من الخمول فيما بعد وكانت محصلة تلاقح الافكار في المعهد العلمي ان صدرت مجلة هجر مجلة شهرية ثقافية كان لي شرف سكرتارية تحريرها تحت اشراف استاذنا وشيخنا عبدالله بن محمد بن خميس مدير المعهد وقد صدر العدد الاول والوحيد في شهر محرم عام 1376ه اغسطس 1956ه وقد قدم له الشيخ عبدالله بن خميس رئيس التحرير بالكلمة التالية تحت عنوان - أول الغيث : (أينما حللت في جزء من اجزاء هذه المملكة تجد امامك طائفة من شبابه الحي المتيقظ وتسمع ذكر الوطنية والعروبة، وذكر الامجاد والتغني بالآباء والاجداد.. وتشعر ان هذا الشعور له ما بعده، ووعي سيبلغ مداه.. ولكن هل من الممكن ان يوجد شباب من النوع الاول تلقائيا وبدون عمل كبير لايجاده امام هذه الاجواء الصاخبة والتيارات المتلاطمة، والمبادئ المغرية التي كلها تتجاذبه وتجره اليها وتسير في طريق معاكس مع المبدأ الذي نرمي اليه..؟! اننا نحاول عبثا ان رحنا نبحث عن هذا النوع من الشباب قبل ان نعمل الاسباب لايجاده..!! ففكر (المسؤولون) في انشاء مؤسسات علمية توضع لها برامج خاصة تجمع بين دراسة العلوم الدينية واللغوية دراسة قوية متينة مركزة.. وما معهد الاحساء الا واحد من هذه المعاهد في كل ما يكتنفها من ظروف وملابسات فلقد عمل اول ما عمل على تغذية الشعور العلمي والادبي وعلى ايجاد روح قوية بين الشباب وألفة وثيقة في صفوفهم بدأت باجتماعات خارجية ورحلات ثم نشأت فكرة ايجاد ندوة ادبية تكون مسرحا لاحلامهم وميدانا لتنافسهم ونشر افكارهم وآرائهم ووسيلة لانارة الرأي العام في هذه البلاد من الناحية الاجتماعية والعلمية والادبية والصحية.. وأنشأ كل فصل مكتبة خاصة متنقلة بين افراده.. كما اجمعوا على انشاء مكتبة عامة سرعان ما انهال سيل تبرعاتهم لها فبلغ الى حد تسجيل هذا الموضوع ما يداني ألف ريال عدا الكتب وتبرعات الاساتذة ولعل القارئ الكريم يدرك من ثنايا هذا العدد ما يشفع لي ان كنت بالغت.. ففيه نموذج لهذه الثمرة وباكورة لهذا الغرس.. وأول الغيث قطرة ثم ينهمر). وكان الدكتور عبدالفتاح الحلو وبعض معلمي المعهد لا ينقطعون عن زيارة علماء الاحساء والاطلاع على المخزون الادبي المعرض للضياع فقام الدكتور وبعض الطلبة وبعض المشايخ بجمع بعض الاشعار وتراجم الشعراء للدكتور الحلو الذي قام بطبعها واصدارها في مجلد زادت صفحاته على 500 صفحة صدر عام 1379ه بعنوان (شعراء هجر من القرن الثاني عشر الى القرن الرابع عشر) ولما توسعت المجالات والمنشآت التعليمية بتأسيس العديد من الكليات والمعاهد استقدمت الحكومة عددا من ذوي الاختصاص للمشاركة في تفعيل الانشطة التعليمية وغيرها من المجالات الثقافية ومن بين هؤلاء الوافدين الذين نشطوا الحركة الادبية وساهموا في المنتديات والمجالس الادبية بشكل فعال عن طريق المحاضرات والامسيات الشعرية : الاستاذ الشاعر على دمر - يرحمه الله - المدرس بمدرسة الطرف الثانوية والدكتور عبدالرزاق حسين استاذ مشارك بكلية التربية والنشاط في مدارس الكفاح والشريعة والدراسات الاسلامية بجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية - فرع الاحساء وقد كتب سلسلة من المقالات عن الشاعر يوسف ابو سعد - يرحمه الله - الاستاذ عبداللطيف الجوهري. والدكتور ابراهيم الحاوي يرحمه الله : عمل مدرسا بكلية التربية بجامعة الملك فيصل، والدكتور بسيم عبدالعظيم : عمل مدرسا بكلية التربية للبنات ولا يزال، والاستاذ عبداللطيف الجوهري : مشرف النشاط بمدارس الكفاح الاهلية بالاحساء، والدكتور محمود متولي البساطي : مدرس بالثانوية الصناعية بالهفوف صدر له كتاب (المرأة في الشعر السعودي) وغيره من الذين لم يعملوا بالتدريس المهندس عبدالرحمن الصوفي، مهندس زراعي بهيئة الري والصرف والدكتور محمد اياد العكاري : طبيب اسنان في الحرس الوطني (صاحب عيادة خاصة بالاحساء). وغيرهم كثيرون لاتزال بصماتهم شواهد بما بذلوه من جهد عملي ومعنوي عن طريق الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون (فرع الاحساء) او عن طريق النادي الادبي بالمنطقة الشرقية كما ان لبعضهم مشاركات ادبية في احدية الشيخ احمد المبارك واثنينية محمد بن صالح النعيم وكانت لبعض الشعراء منهم مساجلات شعرية مع بعض شعراء الاحساء خاصة الشاعر يوسف ابو سعد - يرحمه الله - والشاعر محمد بن عبدالله الملحم - يرحمه الله - بينما اهتم الاستاذ احمد الديولي بحياة وشعر الشاعر علي دمر - يرحمه الله -. ان هؤلاء النفر يستحقون منا كل تقدير وامتنان غير اننا لا نملك سوى الدعاء لله بالرحمة للاموات ودوام الصحة والتألق للاحياء. انه على كل شيء قدير.