تشهد الحملة السياسية للانتخابات الرئاسية الجزائرية التي ستجرى في الثامن من أبريل المقبل صراعا محموما بين الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وخصمه اللدود علي بن فليس الامين العام لحزب جبهة التحرير الوطني. فقد أظهرت التجمعات الانتخابية لكلا الرجلين أنهما على نفس المستوى من الشعبية وهو ما فاجأ المقربين من بوتفليقة خاصة بعد أن تمكن ابن فليس الخميس الماضي في مدينة قسنطينة من جمع حوالي عشرين ألفا من مؤيديه في ملعب المدينة هتفوا باسمه رئيسا وطالبوا برحيل بوتفليقة. وتقول مصادر مقربة من الرئيس الجزائري إنه ألغى جولته الانتخابية في ولايتي البيض و النعامة غربي البلاد بسبب وعكة صحية ألمت به أرجعها شقيقه و طبيبه الخاص إلى حالة الاعياء الشديد التي شعر بها خلال الايام الاخيرة. وهذه هي المرة الاولى التي يتخلف فيها الرئيس الجزائري عن موعد هام علما بأن ولايات غربي البلاد و منها (البيض) و(النعامة) تمثل المعقل الانتخابي لبوتفليقة بسبب انتمائه إلى غربي الجزائر التي يعرف عنها قوة النزعة القبلية و الاقليمية. من ناحية أخرى سربت مصادر سياسية أن التجمع الوطني الديموقراطي و هو حزب رئيس الحكومة أحمد أويحي قد يعرف انقسامات حادة في الايام المقبلة بسبب احتجاج بعض القيادات الهامة فيه مثل عيسى نواصري وقاسم كبير، ويدعو هذا الاتجاه إلى التمرد على أوامر رئيس الحكومة الذي يؤيد فكرة إعادة انتخاب عبد العزيز بوتفليقة لفترة رئاسية ثانية. أما الاسلاميون فيعانون في الوقت الحالي انقسامات حادة سببها دعوة رابح كبير ممثل الجبهة الاسلامية للانقاذ في ألمانيا إلى التصويت لبوتفليقة لانه ضمن عودة الامن في البلاد من خلال قانون الوئام المدني الذي عفا عن الكثير من الاسلاميين الذين حملوا السلاح ضد السلطات المركزية في السنوات العشر الاخيرة. ويعتبر المراقبون أن هذا الانقسام يمثل ضربة موجعة للمرشح الاسلامي الشيخ عبد الله جاب الله الذي يعول على تجمع الاسلاميين خلفه خاصة منهم أنصار الجبهة الاسلامية للانقاذ المحظورة التي تعتقد مصالح استخبارات الشرطة أن وعاءها الانتخابي يمثل حوالي مليوني ناخب. كما أن انقسام الاسلاميين يخدم بوتفليقة بشكل مباشر و يتخوف منه أنصار علي بن فليس الذين يؤكدون أن الاسبوع المقبل سيمثل امتحانا عسيرا لكل المرشحين وعددهم ستة.. فإلى جانب بوتفليقة وابن فليس و جاب الله يتنافس على كرسي الرئاسة سعيد سعدي زعيم التجمع من أجل الثقافة و الديموقراطية وفوزي رباعين زعيم حزب عهد 54 و لويزة حنون زعيمة حزب العمال اليساري الاتجاه و هي أول سيدة تدخل المنافسة على كرسي الرئاسة. ويحدد تقرير لوكالة الانباء الجزائرية (واج) الوجه الاساسي للخلاف بين المرشحين المتنافسين في الانتخابات الرئاسية في مسألة التواصل والاستمرارية اوالتغيير. ويوضح التقرير أنه بينما يركز مرشحون على حتمية تكريس التواصل والاستمرارية لاخراج البلاد من أزمتها يرى البعض الآخر أن إحداث التغيير وتجسيد القطيعة يبقى السبيل الامثل للنهوض بالاقتصاد الوطني وحل المشكلات الاجتماعية. وفي هذا السياق شدد بوتفليقة على حتمية تحقيق المصالحة الوطنية كقاعدة أساسية للخروج من الازمات مما يسمح بنجاح أي مشروع تنمويا كان أو اقتصاديا أو اجتماعيا أو ثقافيا. لكن المرشح الاسلامي جاب الله يعتقد أن تحقيق الاصلاحات السياسية يمر حتما عبر تعديل الدستور لاقرار نظام تعددي سليم ومحو الخلل في ممارسة السلطة ومراقبتها.. و يرى علي فوزي رباعين أن تطهير المحيط السياسي ينطلق من الاعتناء بكتابة التاريخ الوطني وإظهار كافة الوقائع والحقائق بكل موضوعية مركزا في آن واحد على بناء دولة القانون واحترام حقوق الإنسان عبر تفعيل دور العدالة. ويعتبر ابن فليس من جهته أن علاج المشكلة السياسية يمر من خلال الارتقاء بالديمو قراطية التي تضمن التعددية الحزبية والاعلامية وتعدد الجمعيات وحماية الرأي والرأي المخالف. ويرى سعيد سعدي أن العمل المستقبلي يجب أن يرتكز على إعادة الثقة بين الحاكم و المحكوم و بين الادارة و المواطن كون بناء دولة القانون يمر حتما عبر محاربة التهميش و الاقصاء بل إنه يرى أن ذلك يستلزم جعل المواطن حجر الزاوية في عملية البناء والتشييد.. وأما لويزة حنون فترفض تماما مشروع إصلاح هياكل الدولة معتبرة أنه يهدف إلى تمزيق البلاد .. والمساس بالدستور. وتعهدت حنون بأنه في حال فوزها بالرئاسة أن تعمل على تصفية الاجواء السياسية والاجتماعية وتكريس السلم الاجتماعي. ابن فليس.. يستجمع خصوم الرئيس جاب الله... امل التيار الاسلامي