يبدو واضحا للعيان من خلال اجتماعات وزراء الخارجية العرب في تونس لاعداد جدول أعمال القمة الدورية المرتقبة ان الأمة العربية اضحت اكثر من اي زمن مضى معنية بشكل مباشر بشتى التطورات السياسية في العالم, غير ان من الضرورة بمكان ان تكون للقمة القادمة قوة دفع من الذات العربية ترتبط اساسا بالآلية الدورية المعلنة, وبالتالي فانها بهذه القوة وحدها يمكن ان تحول مشروعاتها التكاملية الى حقيقة مشهودة على واقع الأرض العربية, فصحيح ان ثمة خلافات بين بعض الافكار ولكنها هامشية على اية حال, بل انها ربما ارتبطت بشكل او آخر بحسابات مصالح وطنية خاصة, وهذا يعني ان التنسيق بين الدول العربية لابد ان يتحول الى خطة عمل مدروسة دون الخضوع لاية متغيرات سياسية او حتى خلافات لها ارتباط بمواقف محددة, ولاشك ان تحول القمة الى دورية يعطي مجالا شاسعا لتغييرات يمكن ادخالها على العمل العربي المشترك بما فيها تلك المتعلقة بالاصلاح, والمتعلقة بالتكامل المنشود في شتى مجالات التكامل وميادينه, غير ان الأمر الملح في قمة تونس التركيز على ذاتية الاصلاح وعدم استيراده من خارج الدول العربية, فالاصلاح يفترض ان ينبثق من داخل المجتمعات لا خارجها, ولابد في الوقت نفسه من الاتفاق على اصلاحات ذات صيغة قانونية موحدة تعتمد في اساسها على الضرورات الدافعة للاصلاحات الجماعية, ولابد من استنادها الى حاجات عربية دافعة للاصلاح, فنشوء الخلافات بين قطر عربي وآخر قد لايشكل خطرا لايمكن علاجه بسهولة, وانما الخطر يكمن في الوقت الراهن حول التأثر برياح اصلاحات خارجية غير متوافقة مع الثقافة العربية وبيئاتها, فالقمة المرتبقة مثل سائر القمم الدورية المقبلة لابد ان تكون معنية بالتطورات السياسية الدولية غير ان من المفترض ان تعالج تلك التطورات بصوت عربي, ولن يتأتى ذلك الا في ظل تكتل سياسي واضح يتمتع بحركة فاعلة تؤدي الى تنفيذ خطط الاصلاح بروح وامكانات عربية صرفة.