عند كل هذا الحماس وبوادر العمل الجدي على طريق الاصلاح والتطوير والتغيير الذي يجتاح العالم العربي سواء على المستوى الوطني او على المستوى القومي وسواء على مستوى الحكومات او على مستوى المنظمات والمؤسسات الاقليمية والدولية تتصاعد امنياتنا امام سيل الاستهلاكيات ان يضعوا ضمن اولوياتهم انشاء لجنة او منظمة او مؤسسة ايا كانت الصيغة لرعاية المستهلك العربي في حقوقه الانسانية من المنتج سواء كان هذا المنتج اعلاميا او ثقافيا او كماليا لتضع بواسطة اختصاصيين الآليات الممكنة لفرض عقوبات وسن قوانين يمكن ان تفرض على اي منتج لاي بضاعة استهلاكية احترام ذلك المستهلك ليس فقط في حقوقه بل ايضا في عقله وفي تفكيره ومشاعره. فعندما يملأون الدنيا باعلانات الاغذية وكأننا ديدان لاهم لها الا المسح الشامل لنفايات العالم, وعندما يملأون الفضاء بالافكار المنحطة والتافهة والساذجة بكل الاشكال التي تتخذها سواء برامج او أفلاما او مسلسلات وكأننا معتوهون او بلهاء ولاطاقة لنا بالافكار الراقية والحضارية, وعندما يتعاملون معنا وكأننا كائنات منقرضة او في طريقها لذلك فلابد اذن من وقفة جادة وحقيقية لايجدي معها مجرد الحديث بل ينبغي ان تطرح البدائل الممكنة في الساحة وينبغي ان يكون اهتمام اكبر وعلى اعلى المستويات فلم يعد مجرد ابداء الرأي كافيا وانما بحاجة الى مواقف تدعم ذلك الرأي وفي هذا ليس ثمة مسؤول بعينه حيال هذا وانما جميعنا مسؤولون كل من موقعه وكل من تخصصه فاذا كانت الديمقراطية مهمة فهذا من صلبها واذا كانت الحقوق مطلبا اساسا فهذا نواتها فلايمكننا ان نتحدث عن اصلاح اوتغيير ونحن نحتقر انفسنا ونسحق عقولنا الا اذا كانت المسألة اصلاحا لطاولات وكراس وتغييرا لمكاتب وقاعات. فاذا كان الامر هكذا فنحن غير مختلفين لاننا مسمومون حتى النخاع بثقافة الاستهلاك.