عندما يقول معالي وزير الصحة الأستاذ الدكتور عبدالله الربيعة: « إن وزارته تواجه تحديات عديدة أهمها إيجاد القوى العاملة المناسبة للعمل في مستشفيات الوزارة « ألا ترون أن هذا التصريح يستحق وقفة نتساءل فيها: هل هذا شيء طبيعي أم أنه اعتراف بفشل خطط التخطيط السابقة ؟؟ هناك إجابتان عن هذا السؤال : الجواب الأول يقول: إن المملكة قارة فيها أكثر من 2750 مركزاً للرعاية الصحية الأولية والمزيد في الطريق وأكثر من 244 مستشفى و66 مستشفى تحت الإنشاء والعديد من المراكز الصحية المتخصصة والإدارات المختلفة التابعة لوزارة الصحة فقط لذلك فالوزارة في عمل مستمر لإيجاد و إحلال القوى العاملة فهذا شيء طبيعي والتحدي مستمر. أما الجواب الآخر فيرى أن هناك قصوراً في التخطيط والتطوير و يعد هذا فشلا لإدارات التخطيط و التطوير في المديريات العامة للشئون الصحية في كافة مناطق المملكة وفشلا للمخططين والمنظرين في وزارة الصحة وأصحاب هذا الرأي يقولون : شيء جميل أن يكون لدينا إدارات تخطيط وتطوير وشيء جميل أن تكون لهذه الإدارات رؤية وأهداف وإحصائيات وكتاب إحصائي سنوي لكن مافائدة كل هذا الجهد إذا لم ننتفع به بل عجزنا عن تقدير احتياجاتنا و بالتالي عجزنا عن توفير القوى العاملة لمنشآتنا الصحية ؟؟ شيء جميل أن يكون لدينا إدارات تخطيط وتطوير وشيء جميل أن تكون لهذه الإدارات رؤية وأهداف وإحصائيات وكتاب إحصائي سنوي لكن مافائدة كل هذا الجهد إذا لم ننتفع به بل عجزنا عن تقدير احتياجاتنا و بالتالي عجزنا عن توفير القوى العاملة لمنشآتنا الصحية فالمسألة ليس فيها استشراف للمستقبل بل هي واضحة وضوح الشمس فواحد زائد واحد يساوي اثنين والقوى العاملة في مستشفى سعته 100 سرير تساوي كذا وكذا من العاملين حتى و إن كان الموضوع ليس بهذه السهولة لكنه ليس بالعسير لاسيما إذا ماتم التعامل مع قاعدة المعلومات بكل حرفية حسب ما يقوله المتخصصون. هل أحد الأسباب في عجز هذه الإدارات عن التناغم مع مشاريعنا الصحية هو تربع الأطباء على إدارات التخطيط و التطوير دون المتخصصين في الموارد البشرية؟؟ لنستمع إلى الأستاذ خالد بن محمد البتال المحاضر في معهد الإدارة العامة والمتخصص في إدارة الموارد البشرية وهو يقول: « تنمية الموارد البشرية مجال كان يمكن أن يكون أنموذجا يحتذى به في دول الخليج وذلك بتحقيق قفزة نوعية في جهود إعداد وتدريب وتأهيل الكوادر البشرية لقيادة ودعم البنيات الاقتصادية، ولكن مع الأسف الإخفاقات طالت هذا الجانب وبرزت بشكل واضح في مجال إعداد وتطوير الكوادر الصحية». الكوادر الصحية موضوع واسع ولست في صدد تعداد الجهود التي بذلتها وتبذلها وزارة الصحة مشكورة - حسب اجتهاداتها - في تأمين و إحلال هذه الكوادر لمنشآتها الطبية لكن دعوني أتطرق الى جانب واحد وهو إعداد القيادات الصحية الإدارية . لاخلاف على أهمية الإدارة في كل شيء وان أي مشروع ناجح يحتاج إلى قيادة مؤهلة إدارياً و حرصاً من الدولة على بناء وتطوير الكفاءات الإدارية فلقد تم افتتاح العديد من الكليات الإدارية بجامعاتنا وتم إنشاء معهد الإدارة العامة ليزود الإدارات الحكومية بالكفاءات الإدارية المؤهلة و يقوم بالتدريب الإداري المستمر لموظفي الدولة وكذلك تم تأسيس الجمعية السعودية للإدارة في عام 1400 وهو زمن مبكر نسبيا مقارنة بالجمعية السعودية للإدارة الصحية التي تم تأسيسها في عام 1431 لكن الملفت للنظر و بشكل واضح هو محدودية وجود أكاديميات لتخريج القادة الصحيين سواء مستقلة أو تابعة لجامعاتنا الوطنية فالغالبية من المتخصصين في الإدارة الصحية هم من خريجي الأكاديميات والجامعات الغربية بالرغم من حاجة البلاد لهذا التخصص الإداري الهام فمعظم قادتنا الصحيين الحاليين سواء في ديوان الوزارة أو المديريات الصحية أو المستشفيات أم المراكز الصحية هم من الأطباء والفنيين والتمريض غير المؤهلين إدارياً بل نجد بعض الإداريين المؤهلين صحيا مهمشين . لماذا لا يكون لدينا في كل جامعة أكاديمية لتخريج القادة الصحيين لنحقق الاكتفاء الذاتي في هذا المجال. لا تكاد تخلو ولاية في أمريكا من هذه الكليات والأكاديميات و في جمهورية مصر العربية الشقيقة يكاد يكون الوضع مشابها فلديهم نقص في كوادر إدارة المستشفيات والمنشآت الصحية حيث إن معظم الكوادر الموجودة غير مؤهلة في الإدارة الصحية لذا فقد تم قبل عدة سنوات إنشاء أكاديمية للقيادات الصحية في القاهرة بالتعاون مع هيئة المعونة الأمريكية وجامعة هارفارد الأمريكية. إنها دعوة لجامعاتنا الوطنية للوقوف مع وزارة الصحة ومساندتها في تحديها لإيجاد القوى العاملة المؤهلة للعمل في مرافقها الصحية وذلك بإنشاء كليات و أكاديميات لتخريج جيل جديد من القادة الصحيين وتدريب القادة الصحيين الحاليين على أساليب الإدارة الحديثة والمتجددة في الرعاية الصحية كما نجدها سانحة أن ندعو معالي وزير الصحة إلى أن ينظر في واقع إدارات التخطيط والتطوير ويصحح أوضاعها بجلب المتخصصين من غير الأطباء لكي لا نجد أنفسنا بعد عشر سنوات في تحد أكبر مما نحن فيه الآن. [email protected]