آفاق أوروبية.. قضية حظر الحجاب في المدارس العامة الفرنسية من شانها أن تؤدي الى انعاش تجربة المدارس الاسلامية في فرنسا في الامد المنظور , ومن المفارقات ان تقرر الحكومة الفرنسية حظر الحجاب في السنة نفسها التي انطلقت فيها أول مدرسة ثانوية اسلامية في البلاد. فبعد مساع حثيثة , وافقت الادارة الفرنسية على افتتاح أول مدرسة ثانوية خاصة بفرنسا يشرف عليها مسلمون وتقدم مناهج تلائم احتياجات التلاميذ المسلمين , فقد انطلقت في العام 2003 2004 م اول مدرسة اسلامية في فرنسا وذلك في مدينة ليل. وجاءت فكرة تأسيس هذه الثانوية اثر طرد سبع عشرة تلميذة مسلمة ملتزمة بالزي الإسلامي من مدرسة فايدارب بمدينة ليل (شمال فرنسا) سنة 1997ه فقد قام اساتذة متطوعون بمساعدة التلميذات المطرودات على اتمام دراستهن حتى حصولهم على شهادة الثانوية العامة (البكالوريا). وللإشراف على الاجراءات الادارية لتأسيس هذه المدرسة , كان قد تم تكوين جمعية حملت اسم العالم والفيلسوف المسلم الاندلسي ابن رشد. وبعد عمليات اخذ ورد , اعطى المجلس الاعلى للتعليم الضوء الاخضر لانطلاق هذه المؤسسة التعليمية الخاصة , التي تديرها الاستاذة الفرنسية المسلمة بمساعدة آخرين من المسلمين. وتفتح هذه المدرسة ابوابها للمسلمين ولغير المسلمين وضمت في سنتها الدراسية الأولى (2003 2004) فصلا واحدا , فيه حوالي ثلاثين طالبا وطالبة , يدرسون فيها المواد نفسها التي تقدم في المدارس العامة الفرنسية مضافة اليها مواد اختيارية في اللغة العربية والحضارتين العربية والاسلامية. وتقع المدرسة في بناية تابعة للمركز الإسلامي بليل وتتطلع ادارة المدرسة الى اضافة فصول أخرى , والاستقلالية عن المركز الاسلامي. كما من المقرر التعاقد مع وزارة التربية الوطنية الفرنسية , بعد خمس سنوات من العمل بجدارة ، كي تقدم الوزارة بموجب هذا العقد مساعدات مالية من شأنها أن تخفف من الميزانية المدرسية الحالية , التي تقدر سنويا بمائة وخمسين الف يورو. وقد نجحت حملات قام بها المسؤولون عن المركز الاسلامي بليل قد أتت ثمارها في تغطية التكاليف التأسيسة والتشغيلية للمدرسة , وذلك بجهود المسلمين انفسهم افرادا وجمعيات , بينما يأمل القائمون على هذا الانجاز الفريد من نوعه في فرنسا ان يتزايد عدد هذه المدارس الاسلامية, لاحتضان اكبر عدد من ابناء المسلمين.