نحو اقتصاد مستدام    أسعار النفط تتحرك بالقرب من أدنى مستوياتها وسط مخاوف الركود    سورية: جامع خردة يتسبب في انفجار صاروخ ومقتل 16 شخصاً    غزة: 80 % فقدوا مصادر الغذاء    التصعيد في اليمن.. الولايات المتحدة تواصل ضرباتها والحوثيون يهددون بالتصعيد    إيدي هاو: نيوكاسل استحق التتويج بكأس الرابطة الأندية الإنجليزية    عمومية الأولمبية الأفريقية تعترف باتحاد الهجن    الغيرة تشعل هجوم العالمي    «بسطة خير».. دعم الباعة الجائلين    مشروع الأمير محمد بن سلمان يطور مسجد السعيدان بالجوف    ولي العهد يُطلق خريطة العمارة السعودية    نائب أمير منطقة تبوك يشارك الأيتام إفطارهم    الكوادر النسائية بأمانة المدينة.. تعزيز جودة العمل البلدي    نائب أمير نجران يثمَّن جهود الأفواج الأمنية.. ويكرم الطلاب المميزين    محمد بن ناصر: المملكة تضم نخبة من المميزين والمبدعين    مبادرات دينية على منصة المعرض الرمضاني الأول    مكة في عهد الوليد بن يزيد.. اضطرابات سياسية وتأثيرها على إدارة الحرم    جامعة أم القرى تطلق هاكاثون المواقع التاريخية والإثرائية    وزير البيئة يُطلق برنامجا تمويليا بقيمة مليار ريال    استقرار التضخم في السعودية عند 2.0% خلال فبراير    السعودية تحبط تهريب 7 ملايين قرص إمفيتامين في العراق    حكاية كلمة: ثلاثون حكاية يومية طوال شهر رمضان المبارك . كلمة : سراج السمن    من الصحابة.. سهل بن حنيف رضي الله عنه    الهلال يخسر لاعبه في الديربي أمام النصر    قرار من جيسوس في فترة التوقف    مستشفيات المانع تقيم غبقتها الرمضانية السنوية في الخُبَر    جامعة الأمير سلطان تحصل على براءة اختراع لحماية حقوق المحتوى الرقمي    دول مجلس التعاون تخطو خطوات كبيرة وقيّمة لمكافحة الإسلاموفوبيا    ترحيل 10 آلاف مخالف وإحالة 32 ألفًا لبعثاتهم الدبلوماسية    مرونة اقتصادية ونمو "غير النفطي".. «ستاندرد آند بورز» ترفع تصنيف السعودية الائتماني إلى «A+»    ولي العهد يبحث مستجدات الأحداث مع رئيسة وزراء إيطاليا    ضمن تصفيات مونديال 2026.. الأخضر يبدأ تحضيراته لمواجهتي الصين واليابان    التزام راسخ بتعزيز الأمن والاستقرار في العالم.. ولي العهد.. دبلوماسية فاعلة في حل الأزمات الدولية    لبنان.. رسالة أمريكية لتسريع حصر السلاح والانتشار بالجنوب    «المداح.. أسطورة العهد» مسلسل جديد في الطريق    تحذيرات من العواقب الكارثية لانهيار «الأونروا»    "أبشر" تتيح تجديد رخصة القيادة إلكترونياً    "سعودية" تبتكر تقنية متطورة لتوثيق نبضات الأجنة    جمعية «صواب» تطلق مشروع «العزيمة» للتعافي من الإدمان بجازان    هل تتعرض أمريكا للهجرة العكسية    اختصاصي شؤون طلابية: احموا المدارس من العدوى    جبل أم القصص وبئر الصداقة!    فتاوى الحوثيين تصدم اليمنيين    موعد مباراة الأهلي القادمة بعد الخسارة أمام الأخدود    وغابت الابتسامة    جمعية "شفيعاً" تنظّم رحلة عمرة مجانية لذوي الإعاقة والمرضى وكبار السن والفئات الاجتماعية برفقة أهاليهم    سفيرة المملكة في فنلندا تدشن برنامج خادم الحرمين لتوزيع التمور    الأذان.. تنوعت الأصوات فيه وتوحدت المعاني    مراكيز الأحياء.. أيقونة رمضانية تجذب أهالي جازان    كعب أخيل الأصالة والاستقلال الحضاري 1-2    الصحة تجدد التزامها بحماية حقوق المرضى    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي يستأصل ورماً كبيراً بمحجر العين بعملية منظار متقدمة    القسوة ملامح ضعف متخف    طويق جازان في مبادرة إفطار مرابط بالحد الجنوبي    وفاة الأميرة نورة بنت بندر آل سعود    إطلاق 16 كائنًا فطريًا في محميات العلا    نائب أمير منطقة مكة يستقبل رئيس المحكمة الجزائية بجدة    فرع هيئة الصحفيين بجازان يحتفي بيوم العلم السعودي بالتعاون مع فندق جازان ان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هناك من يغذي التطرف والعنصرية بمعلومات مغلوطة عن ثقافات الآخرين
في كلمة المملكة أمام الدورة ال 60 للجنة حقوق الإنسان بجنيف
نشر في اليوم يوم 18 - 03 - 2004

أكدت المملكة العربية السعودية أن الإسلام من السباقين في مجال الحفاظ على حقوق الانسان وكرامته. وأضافت في كلمتها أمام الدورة الستين للجنة حقوق الانسان المنعقدة حاليا في جنيف التى القاها صاحب السمو الأمير الدكتور تركى بن محمد بن سعود الكبير وكيل وزارة الخارجية المساعد للشئون السياسية ورئيس الادارة العامة للمنظمات الدولية انه بالرغم من المصاعب الجمة والعقبات الكثيرة التى تواجهها الدول النامية الا أنها تحاول التجاوب والتعامل بايجابية مع القرارات الدولية ذات الصلة وتحاول كذلك توعية شعوبها بأهمية احترام ثقافة الآخرين ومحاربة التعصب والتطرف والسعى نحو تحقيق التعاون المشترك لما فيه خير وصلاح مجتمعنا البشرى .
وفيما يلى نص الكلمة..
بسم الله الرحمن الرحيم السيد الرئيس، سعادة المفوض السامى المكلف لحقوق الانسان السيدات والسادة الحضور، يسعدنى في مستهل بيانى لهذه الدورة للجنة حقوق الانسان أن أعبر لكم ولبلدكم الصديق استراليا عن خالص التهنئة على انتخابكم لرئاسة الدورة الحالية للجنة حقوق الانسان وان انتخابكم لهذا المنصب المرموق ليعكس مدى القبول والاحترام الذى يحظى به شخصكم الكريم وبلدكم الصديق وأنا على يقين بأن حكمتكم وخبرتكم وسعة اطلاعكم على مجمل الامور المطروحة على أعمال هذه الدورة سيسهم بلا شك في انجاح أعمالها.. كما يسرنى أن اتقدم لسلفكم السفيرة نجاة الحجاجى بالشكر والتقدير على الدور الفعال الذى قامت به خلال رئاستها للدورة السابقة للجنة وفي الوقت ذاته أود أن انتهز هذه الفرصة للاعراب مقدما للدكتورة جوستيس لويس أربور ولدولتها الصديقة كندا عن تهنئتنا الخالصة على تعيينها في منصب المفوض السامى لحقوق الانسان وبالرغم من صعوبة هذه المهمة الا اننا واثقون من قدرات الدكتورة أربور في السير قدما في مهمة تعزيز وحماية حقوق الانسان على المستوى العالمى حين مباشرة مهامها.
السيد الرئيس أعضاء الوفود الموقرين.
لا يفوتنى وأنا استهل حديثى أن أشير الى العمل الارهابى الجبان الذى تعرض له الشعب الاسبانى الصديق والمملكة حكومة وشعبا اذ تعرب عن استنكارها وإدانتها لهذا العمل الإجرامى المشين المجرد من كل معانى الانسانية والمتنافي مع أبسط قواعد الضمير الحى والخلق القويم والذى راح ضحيته مئات القتلى والجرحى تتقدم لحكومة وشعب أسبانيا بأحر التعازى ولذوى الضحايا بخالص المواساة.. ان هذا العمل الآثم السيد الرئيس يذكرنا بفقدان المجتمع الدولى ولجنتكم هذه رجلا وصديقا عزيزا ساهم باخلاص خلال الفترة القصيرة التى تولى شؤون المفوضية السامية لحقوق الانسان وعمل على رفع كفاءة وقدرة هذا الجهاز بالقدر الذى جعله أكثر ديناميكية وأشمل عطاء لقد ذهب السيد سيرجيو دى ميلو ضحية عمل إرهابى غادر لم يسلم منه الضعيف ولم يميز بين الصغير والمسن ولا يهدف الا الى سفك الدماء البريئة وتهديد الأمن والاستقرار ولا شك أن مثل هذا العمل الارهابى الآثم يدعونا جميعا الى أن نتكاتف كأسرة واحدة في مواجهة آفة الإرهاب وإعلان الحرب عليه بكل صوره وأشكاله
وفي هذا السياق فان المملكة العربية السعودية باعتبارها أحدى الدول التى عانت من الإرهاب فقد ضمت جهودها الى جانب الجهود الدولية المبذولة للتصدى لهذه الظاهرة الخطيرة فكان أن سنت الانظمة التى تعاقب الارهابيين واعتمدت تدريس مادة عن مكافحة الارهاب ضمن بعض مناهجها الدراسية واتخذت الاجراءات اللازمة لتنظيم عمليات جمع التبرعات للأعمال الخيرية ومراقبة عدم استغلالها في غير الاعمال المشروعة والقانونية المخصصة لها أصلا حيث أنشأت مؤخرا الهيئة السعودية الاهلية للاغاثة الخيرية في الخارج ملتزمة بذلك بأحكام قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
السيد الرئيس السيدات والسادة على الرغم من التفاؤل بغد أفضل لهذه البشرية غد مشرق تسود فيه مبادئ القانون وتحترم فيه ثقافات الشعوب وتقاليدها الا أن واقع الحال يشير الى أنه من الصعب تحويل تلك الاحلام الى حقيقة واقعة ففي الوقت الذى يدعو فيه ميثاق الامم المتحدة الى ممارسة التسامح والتعاون وحسن الجوار يظهر بيننا من يتحدث عن صراع قادم بين الحضارات لا مهرب منه ولا مفر وحين يتحدث الميثاق عن الايمان بحقوق الانسان الاساسية وبكرامته وقيمه نجد أن ثلاثة الاف مليون انسان بين كبير وصغير يعيشون على دولارين في اليوم أو اقل وهناك الف مليون انسان بين كبير وصغير يجهلون مبادئ القراءة والكتابة وهناك الف مليون انسان يعانون من البطالة الجزئية أو الكلية ان الانسان الجائع الذى لا يجد لقمة العيش ولا الماء الصالح للشرب ولا السقف لحمايته من تغيرات المناخ ولا العلاج الذى يقيه مخاطر الامراض لن يستجيب للطروحات عن حقوق الانسان في ظل واقعه الأليم ولهذا فان الشعارات والوعود لا يمكن أن تغنى الفقير أو تشبع الجائع.
غير أننا في هذا الصدد لا يمكن أن ننكر الجهود الجبارة التى بذلتها الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة عبر العقود الماضية والتى كانت عاملا هاما من عوامل التعاون والاستقرار الدوليين بيد أنه لا بد أيضا من أن نذكر المنظمة الدولية بمسئولياتها التاريخية تجاه ضرورة أن تكون هى المرجعية الأساسية في معالجة الأزمات والتحاكم ولهذا فاننا نهيب بها أن تقوم بدور الداعم للعلاقات الدولية المبنية على ما نص عليه ميثاق الامم المتحدة.
السيد الرئيس، السيدات والسادة: لا يخفي عليكم أننا نعيش في مرحلة جديدة من مراحل التاريخ البشرى تلك هى ما أطلق عليها المحللون والمفكرون مرحلة النظام الدولى الجديد وان من أبرز ملامح هذه المرحلة ما يعرف ب(ظاهرة العولمة) التى أضحت تشغل حيزا واسعا في الفكر السياسى الراهن باعتبارها اطارا متطورا للعلاقات الدولية إلا أن هذه الظاهرة تضع أمام العالم تحديات هائلة فعولمة الاقتصاد تكتسح فيها الاقتصاديات الضخمة تلك الصغيرة وعولمة الثقافة والإعلام تنتصر فيها ثقافات الدول الكبرى على تلك النامية وعولمة الحياة الاجتماعية تغزو فيها العادات الدخيلة على عادات البلاد الاصيلة بل لقد شملت العولمة حتى الديموقراطية وحقوق الانسان فأصبح من يدعى الديموقراطية وحماية حقوق الانسان يفرض على الشعوب مفاهيم ومبادئ مختلفة غير آخذ بعين الاعتبار ما لهذه المجتمعات من حضارات وقيم شكلت وتشكل المصدر الرئيس لمفاهيمها ومبادئها ووحدة نسيجها الاجتماعى.
ومن هنا فاننا بحاجة الى ان نطوع تلك الظاهرة لتصبح أداة تعكس التقارب والتعاون الطبيعى بين الأمم بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الشاملة والمساواة بين البلدان وتوسيع افاق التعاون بما يخدم قضايا الامن والسلام والاستقرار والنمو في العالم وأن لا تعتبر مصدرا للتسلط وفرض مفاهيم وقيم بشكل أحادى نمطى يخنق ثراء التنوع وآفاق التعددية على المستوى العالمى.
السيد الرئيس السيدات والسادة، على الرغم من الاهتمام العالمى بحقوق الانسان وبلوغ هذا الموضوع قمة اهتمامات الأمم المتحدة وبالرغم من الجهود الكبيرة التى تبذلها المفوضية السامية لحقوق الانسان لتعزيز وحماية هذه الحقوق وكذلك اللجان والاجهزة الدولية التابعة للأمم المتحدة من خلال اعتماد الصكوك الدولية وعقد المؤتمرات واصدار القرارات التى تصب في مصلحة الفرد والجماعة بغرض الحفاظ على كرامة الفرد والمجتمع وبالرغم من ظهور وجهود العديد من منظمات حقوق الانسان الحكومية وغير الحكومية الا أن هناك من يحاول تغذية التطرف والعنصرية والتفرقة وتجاهل ما يقدمه الآخرون من إسهامات ايجابية في الحفاظ على حقوق الانسان والاستمرار في نشر معلومات مغلوطة عنهم والهجوم على تاريخهم وثقافتهم وايجاد صور نمطية مغلوطة يستخدم فيها وسائل عدة اعلامية وغيرها.
وبالرغم من المصاعب الجمة والعقبات الكثيرة التى تواجهها الدول النامية الا أنها تحاول التجاوب والتعامل بايجابية مع القرارات الدولية ذات الصلة وتحاول كذلك توعية شعوبها بأهمية احترام ثقافة الآخرين ومحاربة التعصب والتطرف والسعى نحو تحقيق التعاون المشترك لما فيه خير وصلاح مجتمعنا البشرى.
السيد الرئيس السيدات والسادة: لقد عرفت الحضارات القديمة الحقوق الطبيعية للانسان كالحضارة اليونانية فيما يعرف بفلسفة الرواقيين التى عرفت حقوق المواطنة ولكن النقلة الكبرى في مجال حقوق الانسان ظهرت مع ظهور الديانات السماوية التى حفلت بمبادئ وقيم وأوامر ونواهي تنظيم حياة البشر وتحفظ حقوقهم وكرامتهم وأكدت على عالمية الانسان من دون التفات الى الاختلافات كما أكدت على العدل والحرية والمساواة وبصفة عامة قدمت الكتب السماوية فيضا غامرا من الحقوق المختصة للبشر ومرجعية عميقة الابعاد لمصادر حقوق الانسان وحرياته وما أود الاشارة اليه هو ان الاسلام كان من السباقين في مجال الحفاظ على حقوق الانسان وكرامته فقال تعالى في القرآن الكريم (ولقد كرمنا بنى آدم) حيث سعى الاسلام الى توحيد ضرورات الحياة المادية مع ضرورات الحياة النفسية والروحية في نظام انسانى متكامل.
السيد الرئيس الوفود الكرام مع تطور مفاهيم حقوق الانسان منذ فجر التاريخ حتى وقتنا الحاضر بما في ذلك صدور الاعلان العالمى لحقوق الانسان سنة 1948 م فانه لايزال المجتمع الدولى يقوم بتطوير مفاهيم حقوق الانسان والارتقاء بها وهذا التطوير يأتى تبعا لحاجات المجتمع البشرى وتنوع أنشطته والمملكة العربية السعودية من منطلق تطبيقها أحكام الشريعة الاسلامية وكأحد المشاركين في عجلة التطور الانسانى تمر بمرحلة اصلاح وتطوير مستمرين فالمتتبع لعملية الاصلاح التى بدأت منذ انشاء المملكة وتضاعفت منذ عشر سنوات لابد أن يلاحظ التطور الهائل في هذا المجال من سن للانظمة التشريعية وتطوير للمبادئ القانونية ومن انشاء أجهزة ومؤسسات جديدة تهدف للارتقاء بالفرد السعودى والمحافظة على حقوقه ومكتسباته.
وفي هذا السياق وعلى الرغم من ايماننا بضرورة وأهمية الاستمرار في عملية الاصلاح والتطوير فاننا نود ان نشير الى ان رغبتنا في الاستمرار في عملية الاصلاح والتطوير نابعة من ضرورات ومتطلبات مجتمعنا وليس وفق نظريات وأفكار تفرض علينا من الخارج اذ ان عملية الاصلاح لا يمكن املاؤها من خلال ما تراه أطراف أخرى فالاصلاح ليس وصفة جاهزة تتناولها الشعوب انما هو ثمرة تطور وطموح نتيجة احتياجات داخلية تمليها مراحل التطور والتقدم التى يهدف المجتمع الى تحقيقها خلال مسيرة البشرية ولا مندوحة من الاستفادة من تجارب وخبرات الآخرين مادام ذلك لا يتعارض مع القيم والمبادئ التى تؤمن بها ولا تشكل تهديدا للمصالح والاهداف الوطنية ولان طموحاتنا تسعى الى تحقيق الافضل فان حركة الاصلاح لم تقتصر على جانب من جوانب الحياة بل شملت كل المجالات وستظل مستمرة وفق حاجيات ومتطلبات المجتمع والتزاماته الداخلية والخارجية.
فعلى صعيد الاصلاحات السياسية قامت المملكة باصدار النظام الاساسى للحكم وأنشأت عددا من المؤسسات السياسية مثل مجلس الشورى ومجالس المناطق وأعلنت عن عزمها على انشاء مجالس بلدية ينتخب نصف عدد أعضائها ولتعزيز العدالة فقد حظي النظام القضائى بالمملكة باهتمام أساسي من الدولة من خلال صدور نظام الاجراءات الجزائية ونظام المرافعات الشرعية ونظام المحاماة اضافة الى انشاء هيئة مستقلة للتحقيق والادعاء العام كما اننا بصدد انشاء هيئة حكومية لحقوق الانسان تكون رئاستها بمستوى وزير بعد أن تم مؤخرا الاعلان عن بدء أعمال الجمعية الوطنية لحقوق الانسان المستقلة والتى لا شك ستكون رافدا مهما لتعزيز وحماية حقوق الانسان في المملكة ونتطلع الى تعاون معها فيما يخدم ويحفظ مصالح المجتمع السعودى ويحقق الاهداف المرجوة للحفاظ وحماية حقوق الانسان في المملكة.
واشتملت الاصلاحات التنظيمية للمملكة على اكثر من خمسة وعشرين تشريعا حديثا في مجالات الاستثمارات الاجنبية والتأمين والاسواق المالية والضرائب ومكافحة غسيل الاموال والمخالفات المالية اضافة الى استحداث عدد من الاجراءات لمكافحة الفساد.
ولا يفوتني هنا بمناسبة الحديث عن الاصلاحات في المملكة ان أشير الى انشاء مركز للحوار الوطنى كالية لاستعراض مشاغل المواطن ووسيلة للتحاور بين ممثلى المناطق والتيارات لمختلف الطوائف في المجتمع رجالا ونساء حيث يبحثون ويناقشون جميع مشاغل المواطن السياسية والاقتصادية والاجتماعية بكل حرية وانفتاح واحترام للتعددية. في اطار مسيرة الاصلاح لابد لى أن أشير الى ان هذه العملية تستند بشكل رئيسى على تطوير الموارد البشرية بما في ذلك العنصر النسائي ففي الستينات قدمت المملكة أول نظام تعليمي حديث للمرأة وذلك على الرغم من بعض المعارضة التى لقيتها من بعض الاطراف واليوم فإن ما يشهده المجتمع السعودى من انفتاح تبرزه الحقائق على أرض الواقع التالية 49 بالمائة من اجمالى عدد 3 ر 4 مليون طالب في التعليم العام من الاناث.
إن عدد الطالبات في المرحلتين الثانوية والجامعية يتجاوز عدد الطلاب الذكور.
ان اكثر من ثلث الوظائف المدنية في الحكومة مشغولة من قبل العنصر النسائي وقد لا تختلف هذه النسبة عما هو قائم بالفعل في بعض الدول المتقدمة.
السيد الرئيس: ان طبيعة الاصلاح والتطور لا تتم الا في بيئة يعمها الاستقرار والامن والسلام وحيث ان الشرق الاوسط وللاسف تنقصه هذه المقومات في الوقت الحاضر فمن باب أولى السعي بجد نحو تحقيق هذه العناصر الهامة وذلك عن طريق حل القضايا الاقليمية العالقة التى تعتبر دون شك عائقا جوهريا أمام التقدم المنشود نحو تحقيق الاصلاح في المنطقة والابتعاد عن سلوك أسلوب سياسة الوصاية المطلقة والتركيز على التعاون البناء لخدمة تطلعات وآمال المنطقة فلاتزال المنطقة تشهد استمرار الاحتلال الاسرائيلى ولاتزال الانتهاكات الصارخة لحقوق الانسان الفلسطينى والسورى في هضبة الجولان المحتل وما تبقى من معتقلين لبنانيين في السجون الاسرائيلية بنودا ثابتة في اعمال لجنتكم على مدى دورتها السابقة والحالية حيث نشهد بشكل يومى تقريبا العدوان المتكرر على حقوق الإنسان الفلسطينى ونجد ان من يتحدث بلغة القانون يتجاهل ذلك عندما يتعلق الامر باسرائيل وتظهر ازدواجية المعايير بأبشع صورها فالإنسان الفلسطينى محروم من أبسط حقوقه فهو يعيش تحت القهر وتدمير ممتلكاته ومصادرة أراضيه وفي نفس الوقت تظل الاوضاع في العراق غير مستقرة وبحاجة ماسة الى التعاون الدولى الذى يرتكز على الوفاء بالمتطلبات الفعلية والملحة للشعب العراقى وفي هذا الصدد يجب تشجيع مشاركة كافة الدول القادرة على المساهمة في هذا المجال تحت مظلة الشرعية الدولية ممثلة في الامم المتحدة. ان الشعب العراقى الذى عانى الكثير عبر العقود الماضية يستحق الاستقرار والحرية والازدهار وأن تحقيق هذه المتطلبات لن يتم الا من خلال نظام سياسى تمثيلى واسع يستند على الوحدة الوطنية بدلا من الاعتبارات الطائفية أو الانقسامات العرقية وقد رحبت المملكة بجهود مجلس ا لحكم العراقى في هذا الاطار وما تم اقراره مؤخرا من قانون مؤقت لادارة الدولة العراقية كما كانت المملكة من أكبر المساهمين في دعم اعادة الاعمار في العراق من خلال مؤتمر مدريد للدول المانحة.
السيد الرئيس: لم يقتصر سعي المملكة على تعزيز حقوق الانسان على المستوى الداخلى وانما تجاوزه الى المستوى الدولى فبالاضافة الى المساهمات الطوعية التى تقدمها المملكة الى المفوضية السامية لحقوق الانسان والى الاجهزة التابعة لها تبذل المملكة جهودا مضنية على اعمال الحق في التنمية وهو من الحقوق الرئيسية للانسان ففي الوقت الذى دعت فيه للامم المتحدة الى تخصيص 7ر. في المائة من الناتج القومى الاجمالى للدول كمعونات خارجية فاننا نجد أن ما قدمته المملكة في هذا الاطار قد تجاوز هذه النسبة بشكل كبير ويبلغ ما تقدمه المملكة من معونات ومساعدات ما نسبته 4 في المائة من أجمالى الناتج القومى أو ما يقارب 76 بليون دولار خلال العشرين سنة الماضية أى بواقع 7ر3 بليون دولار سنويا وهى النسبة الاعلى في العالم مقارنة بمستوى الدخل القومى الاجمالى للمملكة ونحن اذ نشير الى هذه الجزئية فليس لغرض التذكير بمساهمات المملكة العربية السعودية وانما دعوة الدول الاخرى الى اعمال هذا الحق الهام ضمانا لحق المجتمعات في التنمية والعمل على ازالة كافة العقبات التى تحول دون ذلك والمساهمة في مساعدة الدول الفقيرة التى هى بحاجة ماسة للمساعدات المالية مما يمكنها من القيام بالتزاماتها الضرورية والسعي نحو تحقيق التنمية في تلك المجتمعات.
السيد الرئيس: ان المواضيع المطروحة على لجنتكم الموقرة فيما يتعلق بالنهوض بحالة حقوق الانسان حول العالم كثيرة ومتنوعة وتتطلب منا جميعا تضافر الجهود وارادة سياسية واضحة وبحث مسبباتها وعزم على معالجتها.. وأود أن أشير هنا الى قضايا العنصرية والتمييز العنصري والفقر كأمثلة على تلك المواضيع وفي هذا السياق أود أن أؤكد على أن حكومة بلادي تلتزم بالمقاصد والاهداف النبيلة الداعية الى مكافحة العنصرية والتمييز العنصري وكره الاجانب وجميع أشكال التمييز وفق المبادئ والقيم الاسلامية التى تؤمن بها كما أنها تشجب الفصل والعزل العنصري أيا كان وأى ممارسات تؤدى اليها وتستخدم كل الوسائل الاعلامية والتربوية المتاحة لايصال رسائل واضحة في هذا الاطار الى كافة مؤسسات المجتمع وتحظر المملكة قيام التنظيمات العنصرية أو الداعية لها أو نشر الافكار القائمة على التمييز وكل ما يؤدى الى الفتنة أو الانقسام أو يسئ الى كرامة الانسان وحقوقه وفق ما نصت عليه المادة 39 من النظام الاساسى للحكم ومن جملة المخاطر والظواهر التى تواجه عالمنا وتتطلب تضافر الجهود ظاهرة الفقر الذى تفشى إما لأسباب بيئية أو نتيجة العجز عن مواجهة تحديات المنافسة العالمية في المجالات المختلفة وللاطراد المتزايد لظاهرة العولمة وبات على لجنتنا هذه أن تضع نصب أعينها الآليات المناسبة للتعامل مع ظاهرة الفقر على المستوى العالمى وأثرها على التمتع الكامل بحقوق الانسان.
السيد الرئيس السيدات والسادة: وفي الختام ينبغي ألا يحبطنا تراكم هذه المشاكل والهموم عن العمل على تحقيق الاهداف والمبادئ التى من أجلها تم انشاء هذه اللجنة وانشاء منصب المفوض السامى لحقوق الانسان بما يضمن حفظ الحقوق وتأمين العدالة والابتعاد عن الازدواجية وتجنب تسييس هذا الموضوع الهام وأننى على ثقة بأن اجتماعنا هذا سيوفر فرصة ثمينة لتناول ودراسة العديد من القضايا والمسائل التى لم يسعني التطرق اليها كلها بروح من التعاون والتفاؤل. وأتوجه للجميع بالشكر والتقدير على حسن الاصغاء داعيا المولى القدير أن يكلل جهودنا ومساعينا بالتوفيق والسداد. والسلام عليكم ورحمة الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.