بعث رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان -أمس- إشارة أولى محاولا تهدئة الأزمة الناجمة عن فضيحة الفساد التي تعصف بحكومته، بالإعلان عن استعداده للتخلي عن مشروع إصلاح قضائي مثير للجدل. ومع مواصلة التراجع التاريخي في قيمة الليرة التركية التي سجل سعرها ثلاث ليرات لليورو الواحد، شهدت العاصفة -التي تضرب قمة الدولة التركية منذ شهر- فصلا جديدا بإقدام الشرطة على دهم مقر منظمة غير حكومية مقربة من الحكومة، بتهمة تسليم أسلحة للمقاتلين في سوريا. وغداة لقاء قمة مع الرئيس عبدالله غول -الذي يعتبر منافسه في السباق على السلطة الذي فتحته هذه الأزمة- قام أردوغان بخطوة الى الوراء بإعلان استعداده، لكن بشروط لسحب مشروع القانون الرامي الى تعزيز رقابة السلطة التنفيذية على المؤسسة القضائية. ووصف أردوغان تحقيق الفساد -الذي يعصف بحكومته- بأنه "بقعة سوداء في تاريخ تركيا الديمقراطي، وخيانة أسوأ من أي انقلاب عسكري" شهدته البلاد في العقود الماضية. وقال متحدثا لنواب بالبرلمان من حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه: إن تحقيق الفساد تقف وراءه قوى أجنبية معارضة لسياسة تركيا الخارجية وعازمة على تدمير اقتصادها قبل انتخابات هذا العام. وفي تخفيف، على ما يبدو لموقفه بشأن الخطط الرامية لاعطاء الحكومة سيطرة أكبر على تعيين القضاة وممثلي الادعاء قال أردوغان: إنه سيتخلى عن هذه المقترحات إذا وافقت الحكومة على اجراء تعديلات على الدستور. لكن حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض الذي يقول: إن خطط الحكومة تنتهك الدستور قال: إنه على استعداد للجلوس إلى مائدة التفاوض اذا سحب أردوغان مقترحاته أولا. وقال مسؤول رفيع بحزب العدالة والتنمية: إنه ليس متفائلا إزاء التوصل لحل وسط. وتفجرت فضيحة الفساد التي تمثل أحد أكبر التحديات في حكم أردوغان المستمر منذ 11 عاما في 17 ديسمبر ل بعد اعتقال عشرات منهم رجال أعمال على صلة بالحكومة وأبناء ثلاثة وزراء. واعتقلت الشرطة التركية 25 شخصا في عملية مداهمة في أنحاء البلاد ضد تنظيم القاعدة استهدفت مكاتب هيئة الاغاثة الإنسانية المرتبطة بحكومة أردوغان. وشنت الشرطة عمليات متزامنة في عدة مدن وداهمت منازل خمسة أشخاص يعتقد انهم من كبار عناصر القاعدة، حسب صحيفة حرييت. وقالت الصحيفة: إن المعتقلين متهمون بارسال مقاتلين الى سوريا وجمع الأموال للمسلحين السوريين تحت غطاء الأعمال الخيرية للسوريين، كما انهم يزودون تنظيم القاعدة بالسلاح. وقالت مكاتب هيئة الاغاثة الانسانية الإسلامية: جرى تفتيش مكاتبها في مدينة كيليس (جنوبتركيا) في عملية وصفتها بأنها "حملة تشهيرية" متعلقة بفضيحة الفساد التي تحيط بحكومة أردوغان. وتعتبر هذه الهيئة أكبر منظمة خيرية في تركيا ترسل مساعدات لسوريا المجاورة، واتهمت بتهريب اسلحة الى مسلحين يقاتلون ضد نظام بشار الأسد. وتقول الهيئة: إنها ضحية النزاع القائم بين الحكومة الإسلامية-المحافظة التركية وجماعة الداعية الاسلامي فتح الله غولن الذي انقلب على أردوغان. ودون تردد، ربط كوتلواي ايضا بين عملية الدهم التي قامت بها الشرطة التي استهدفت منظمته غير الحكومية بفضيحة مكافحة الفساد التي تهدد رئيس الوزراء. وقال في مؤتمر صحفي: "الأمر لا يقتصر على هيئة الاغاثة الانسانية انهم يريدون تصوير تركيا على انها بلد يدعم الارهاب". وتأتي هذه المداهمات بعد نحو أسبوعين من أنباء عن توقيف قوات الأمن لشاحنة مليئة بالأسلحة على الحدود السورية، واعتقال ثلاثة رجال من بينهم مواطن سوري.