تواجه الكويت اول ازماتها السياسية الحقيقية بعد سقوط النظام العراقي مع تصاعد الدعوات لاستقالة وزير المالية محمود النوري المتهم بالتقصير في حماية الاموال العامة والذي خضع هذا الاسبوع لاستجواب طويل. وزادت الدعوات لاستقالة الوزير والتي اتت من مختلف القوى السياسية الكويتية بعدما تردد انه عجز عن اقناع النواب خلال الاستجواب الماراثوني الذي استمر عشر ساعات الاثنين الماضي. وانتهى الاستجواب بتقديم عشرة من النواب يمثلون مختلف الطيف السياسي الكويتي في البرلمان، طلبا لسحب الثقة من الوزير. ومن المقرر ان يتم التصويت على الطلب في 22 مارس الحالي. وخلال الاستجواب قام النائب المعارض مسلم البراك بهجوم مركز على مدى ثلاث ساعات ونصف الساعة على الوزير داعيا اياه الى الاستقالة. واعد البراك في طلبه الذي يقع في ثلاثين صفحة، لائحة من المخالفات "المالية والدستورية والقانونية" نسبها الى وزير المالية وكلفت الخزانة ملايين الدولارات، على حد قوله. وذكرت تقارير غير رسمية ان النوري قدم بالفعل استقالته الى رئيس الوزراء الشيخ صباح الاحمد الذي تسلم مهام رئيس الوزراء للمرة الاولى في يوليو الماضي بعدما تم فصل رئاسة الوزراء عن ولاية العهد للمرة الاولى في الكويت. ومن المتوقع ان تتخذ الحكومة قرارا بشأن النوري اثناء اجتماعها الاسبوعي في حين ذكرت بعض التقارير ان رئيس الوزراء الاصلاحي قد يقرر اجراء تعديل وزاري. ويقود الدعوات لاستقالة النوري نائب رئيس مجلس الامة الكويتي النائب مشاري العنجري الذي نصح الوزير بالاستقالة لانه لم يجد سوى نائب واحد يدافع عنه اثناء الاستجواب من بين اعضاء البرلمان الخمسين. وطالب النائب فيصل المسلم الناطق الرسمي باسم التجمع الاسلامي الذي له 15 نائبا في البرلمان، الحكومة بقبول استقالة النوري فضلا عن ازاحة الوزراء الذين يسببون "تأزيم العلاقة" بين البرلمان والحكومة. وتحتاج مذكرة طرح الثقة لتمريرها تأييد 25 نائبا من اصل خمسين عضوا في البرلمان ولا يستطيع اعضاء الحكومة التصويت على طرح الثقة بزملائهم. وطالب النائب الاسلامي عواد العنزي الحكومة "البدء بالتركيز على حل المشاكل العالقة مثل البطالة والاسكان والمياه لان موضوع طرح الثقة يعتبر محسوما" وهو مؤشر الى ان النواب لديهم العدد الكافي من الاصوات لازاحة الوزير. لكن المسألة قد تأخذ بعدا اخر اذا ما قررت الحكومة دعم الوزير النوري حتى النهاية كي لا يقال عنها انها رضخت لضغط النواب. وقال الوزير السابق علي البغلي "اننا مندهشون مما يجري فبدلا من ان يركز النواب على التنمية وحل مشاكل الناس، فانهم يصعدون ويركزون على بؤر التوتر". وقال البغلي ان "المساءلة اداة مهمة لكن يجب ان تركز على امور اساسية وليس هامشية" مضيفا ان معظم المواد في استجواب النوري لم تكن اساسية. وامام الحكومة خيار اخر هو احالة الامر الى الامير الشيخ جابر الاحمد الصباح الذي يملك ان يأمر بحل البرلمان واجراء انتخابات مبكرة. وسبق للشيخ جابر ان حل مجلس الامة في العام 1999 بعدما وصلت الحكومة والبرلمان الى طريق مسدود. وكان امير البلاد قد حل البرلمان من 1976 الى 1981 ومن 1986 الى 1992 اثر خلافات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.