في زمن الكساد الثقافي والحضاري الشحيح, وزمن الاستسلام لصقور غريبة تحاول ان تغرقنا في بحور الظلام والظلم اللامتناهي, يتساءل المتسائلون: أين تقف المرأة العربية اليوم؟ وما دورها الفعلي في زمن الاستسلام هذا, بعد ان حولها العدو المستعمر الى شوكة في خاصرة الامة؟ لقد نحر بها العدو الامة عندما حاصر الغرب المرأة العربية بشعارات (حق يراد به باطل), وكذلك فعلت الجمعيات النسائية العربية التي استوردت من الغرب في نهايات القرن التاسع عشر مواريث ثقافية غربية وبحذافيرها, دعت فيها الى تحرير المرأة من الآداب الإسلامية والاحكام الشرعية الخاصة بها, وتقليد المرأة الغربية في كل امر فجعلتها غريبة عن همومها ومشاكلها, مما ادى الى عرقلة محاولات الخلاص والنهوض. لو سلطنا الاضواء على اوضاع المرأة العربية اليوم وبعد مائة عام من تقليد صرعة قطعت (شعرة معاوية) سنجد ان تبني افكار منبثقة عن التصور العلماني الغربي المعادي للاسلام جعل التركيز على التحلل من الاخلاقيات والدين مطلبا اساسيا لنيل (اجازة) في التطور والتقدم والحرية, ولكن هل وصلنا الى النتيجة التي وعدونا بها؟ لو تناولنا واقع المرأة الفلسطينية على سبيل المثال سنجد انها فريسة للظروف الامنية القاهرة, وهي تتعرض لعقبات كثيرة ان كانت عاملة, كما هي سجينة الخوف على اطفالها المهددين دوما وابدا، رغم ذلك هي رائدة في النضال من اجل استعادة الحقوق (على صعيد الوطن).. وكذلك وضع المرأة العراقية، فهي تشعر اليوم بعدم الامان بسبب الحرب التي وقعت، غير ان العراق من الدول التي تخطت الامية.. اما في المغرب فتنتشر الامية في الوسط القروي بنسبة 60 في المائة.. في حين ان المرأة السودانية تعاني من (الامية) المتفشية في الارياف والمدن النائية.. والامية متفشية ايضا في كل من موريتانيا والمغرب ومصر وسورية وتحديدا في المناطق النائية والارياف. وعند استعراض مشاكل المرأة الخليجية، سنجد تفاوتا كبيرا بين الدول المتجاورة وهنا يبرز سؤال: عندما نتناول (قضية المرأة العربية) عن اي امرأة نتحدث هنا؟ الجواب في غاية الصعوية، لا سيما اذا تساءلنا ما الذي يجمع اساسا بين المرأة الفلسطينية والتونسية؟ او بين العراقية والمصرية؟ بل ما الذي يجمع النساء العربيات كلهن بعضهن ببعض؟ لعل مايجمعهن هو المعاناة من التهميش حيث ان المرأة العربية مستثناة من اي مساهمة حقيقية في اية عملية نهوض وتقدم لبلادها مع انها نصف المجتمع، ومن بين ايديها قد يخرج الجلاد او الطبيب او السارق او الزعيم الى الحياة، اما الذي سيتحكم في هذه النتيجة فهو الوعي المطلوب، والذي مع الاسف ما زالت معالمه ضائعة بين اقدام الحالمين بالحرية والمروجين لها. لقد منح الاسلام المرأة حقوقا لم تمنحها الى الآن اية حركة نسوية او غيرها مهما اطلقت من شعارات، فأين تكمن المشكلة؟ يرى البعض ان المشكلة تكمن في أن الاسلام هو كتلة واحدة لاتقبل التجزئة فهو اما أن تأخذه كما هو او ترفضه، فهل الالتزام بالاسلام بات ثمنا يجب التفكير اذا كان البعض (قادرا) على دفعه ام لا؟؟ وذلك مقابل مغريات غربية تحيي الغرائز وبأسعار تشجيعية؟ وهل الثمن الذي قد ندفعه من تبني الطريقة الغربية هو ارخص؟ مع التساؤل: منذ متى اصبحت الارض رخيصة؟ ان الجهة التي ستجيب عن هذه الاسئلة هي الاجندة السياسية للحركة النسوية والتي اهدافها كثيرة من اهمها: أ- السماح بالاجهاض: هذا العنوان يستهدف بالدرجة الاولى الشعوب العربية والاسلامية لان الغرب تخطى ذلك بسبب الاباحية المطلقة التي وسمت مجتمعه بعد تغييب الدين, وتمزيق العائلة, وما يشكلان من قيم سامية. لو اخذنا الولاياتالمتحدةالامريكية على سبيل المثال سنجد ان عام 1980م شهد وحده حوالي 000ر553ر1 حالة اجهاض 30% منها خاصة بنساء لم يتجاوزن العشرين عاما من اعمارهن, ولكن الشرطة اعلنت ان الرقم الحقيقي ثلاثة اضعاف ذلك!! في حين ان عام 1997م شهد اغتصاب امرأة كل 3 ثوان, بينما ردت الجهات الرسمية بان هذا الرقم مبالغ فيه, وادعت ان الرقم الحقيقي هو: حالة اغتصاب كل 6 ثوان!! وتؤكد احدث الدراسات ان 700 الف امرأة في امريكا سنويا تواجهن الاغتصاب, وتشير الى حدوث اكثر من 75 الف حالة حمل غير شرعي سنويا بين فتيات المدارس. ب - تحديد النسل: هو احد اهداف الحركة النسوية التي تريد من خلاله تحقيق غايات عدة منها: تفعيل دور المرأة خارج البيت لكونها عنصرا مساهما في دفع عجلة الاقتصاد,لكن ما الفائدة من عمل المرأة خارج المنزل حينما تترك تربية اطفالها للخادمة والمربية؟؟ فهل هي ستحصل على مقابل مادي اقتصادي يغطي نفقات الخادمات والمربيات؟؟ وهل حرمان الاطفال من حنان الامهات يقدر بثمن؟؟ وهل ستتطور الامة حينما يتربى ابناؤها على ثقافات مستوردة تتعدد بتعدد جنسيات الحاضنات المستوردة من الخارج؟ لاشك ان الخسائر اكثر بكثير من الارباح, وهذه مصائب مطلوب الوقوع فيها ارضاء لاصحاب الافكار المستوردة طوعا او غصبا.. وهكذا لمواجهة المشاكل الناتجة عن غياب الام تم انشاء هيئات مختلفة لحماية الطفل وللعب ادوار من تخلوا عن ادوارهم!! لو عممنا هذا المثال على مقاربات عدة سنجد ان المجتمع المدني الحديث بات يبتكر مشاكل لحلول جاهزة معلبة, وكل هذا في سبيل الاقتصاد, وبالطبع هذا بعدما تستوفي الاغراض السياسية كفايتها, والا ما الذي نستطيع قوله عن عمليات التعقيم الجنسي, والتي قاامت بها السلطات الامريكية من 1979 الى 1985م والتي تمت للنساء اللاتي قدمن الى امريكا من امريكا اللاتينية والنساء اللاتي اصولهن من الهنود الحمر, وذلك دون علمهن؟