تنشر الصحف بين فترة واخرى اعلانات لوظائف هيئة تدريس في جامعاتنا وبعض الكليات، وهذه الاعلانات تظهر نقصا كبيرا في اعضاء هيئة التدريس السعوديين حيث يكتب بالخط العريض انه مطلوب اعضاء هيئة تدريس في جميع التخصصات وبكافة الدرجات من معيدين ومحاضرين واساتذة بكل المراتب لكل الكليات والاقسام. وهي اعلانات موسمية نشاهدها في صحافتنا، جنبا الى جنب مع الاحصائيات التي تخبرنا عن مليارات الريالات ينفقها السعوديون للدراسة في الخارج سنويا! وكل ذلك يعكس اثار ازمة مازالت مستمرة، تتلخص في ان جامعاتنا العزيزة تشترط شروطا متشددة لقبول طلاب الدراسات العليا، تارة بحجة جودة التعليم والمحافظة على النوعية وتارة اخرى بحجة محدودية الطاقات الاستيعابية، وهذا كله يضطر بشكل طبيعي اي راغب في مواصلة الدراسات العليا ان يتجه الى الخارج للدراسة، او يتجه للمميزات والاغراءات التي تقدم له بعد التخرج، خصوصا في القطاع الخاص، حيث المميزات لاتقارن بما ستقدمه له جامعاتنا من حوافز او حتى ممارسات في طرق التدريس ومدة الدراسة لمرحلة الماجستير مثلا ولعل هذه الاسباب ايضا هي التي تجعل شكاوى اعضاء هيئة التدريس في الجامعات مستمرة منذ سنوات طويلة مطالبين بتعديل اوضاعهم وكادرهم الوظيفي، اذ هي متردية واكثر ما يشجعهم عليه هو التسرب للقطاع الخاص، او الانقطاع لمزاولة اعمالهم التجارية والخاصة لتكون هي السلوان بعد كد السنين وسهر الليالي. والمشكلة كبيرة ومتشعبة ويعرفها الجميع، ولكننا مع هذه الرتابة في التعامل مع القضية ربما نجد انفسنا يوما ما، وبلا مبالغة، بلا (دكاترة) سعوديين في جامعاتنا تاركين هذه الصروح العلمية لاساتذة وافدين لهم من الاحترام والتقدير كما ان استمرار الازمة بهذا الشكل سيجعل ابناءنا يتسربون من بين ايدينا وينفقون المليارات في سبيل خدمات كان الاولى ان يجدوها في اوطانهم! وكان جدير بالوزارة وهذه الجامعات ان تبحث بجدية عن امكانية استثمار هذه النفقات الضخمة لما يخدم المصلحة العامة، وتجاوز العوائق مهما كانت ولا ندري بعد هذا كله متى ستتكرم وزارة التعليم العالي بالاعلان عن اللوائح الجديدة لتنظيم الدراسات العليا، وهل ستسهم هذه اللوائح في حل المشكلة المتفاقمة ام انها ستكون لوائح وانظمة تغني في واد والازمة تسرح في واد آخر.