لم تعد مشكلة العنوسة مشكلة محلية تنفرد بها دولة عربية بعينها.. بل اصبحت ظاهرة اقيلمية تشترك فيها جميع الدول العربية فقد عكست الارقام الرسمية في الآونة الاخيرة - من واقع المسح الشامل - ظاهرة العنوسة في المجتمع الخليجي حيث تحتل هذه المشكلة المرتبة الثانية بعد ظاهرة الطلاق مما يثير قلق المجتمع العربي بوجه عام، حيث بلغ عدد الفتيات الخليجيات غير المتزوجات رغم بلوغهن سن الزواج رقماً قياسياً، فقد شملت الظاهرة ثلث عدد الفتيات الخليجيات ليصل الى مليون و 539 الفاً و 418 فتاة غير متزوجة في مختلف مناطق ومدن المملكة على سبيل المثال. الأسباب وتعزى الاسباب العامة لهذه الظاهرة الخطيرة في جوهرها وابعادها النفسية والاجتماعية والحضارية، كما ترجع ايضاً الى عوامل تتفاعل فيما بينها لتساهم في تشكيلها وبلورتها وتتمثل في ارتفاع الاسعار بشكل كبير والمغالاة في قيمة المهور فضلاً عن التكلفة العالية لمتطلبات الزواج من ناحية الى جانب احجام نسبة كبيرة من الشباب الخليجي عن الزواج من الفتيات الجامعيات كما انعكس انتشار البطالة على تفكير الشباب الخليجي في الزواج وتأثير ذلك على مدى استعدادهم النفسي والمادي للخوض في هذه التجربة، وبشكل خاص الشباب الاماراتي التي تتراوح تكلفة الزواج لديه بين 200 : 250 الف جنيه موزعة بين مهر وشبكة واثاث وهدايا وعقد زواج. العنوسة في المملكة فعلى الصعيد السعودي تقدر دراسة علمية ان يرتفع عدد العانسات السعوديات من مليون ونصف المليون عانس حالياً الى الضعف خلال السنوات الخمس المقبلة في حال ما اذا استمرت معدلات الزيادة بالوتيرة نفسهاً. وفي احدى الدراسات التي اجراها الدكتور عبد الله الفوزان استاذ علم الاجتماع المشارك في جامعة الملك سعود يوضح ان العنوسة في المجتمع السعودي باتت شبحاً يخشاه على كل فتاة واسرة من ان يتحول الى ظاهرة مقلقة مستقبلاً. تغيير العادات ودعت الدراسة الى ضرورة تغيير العادات والتقاليد المتعلقة بتحسين اوضاع الشباب الاقتصادية الامر الذي سيسهم في الحد من العنوسة، وترجع الدكتورة ابتسام حلواني الاستاذ المشارك في جامعة الملك عبد العزيز في جدة ظهور مشكلة العنوسة الى رغبة الفتيات السعوديات في اكمال الدراسات العليا قبل الاقدام على الزواج وتقيدهن بمواصفات ومتطلبات استهلاكية معينة في المتقدمين لطلب الزواج منهن. العنوسة في الكويت تكشف الاحصاءات في الكويت ان نسبة العنوسة بين الفتيات الكويتيات تقترب من 30% والسبب هو ان الشباب الكويتي بدأ يتأخر في الاقدام على الزواج نظراً للاعباء الاقتصادية الباهظة مما دفع الحكومة الكويتية الى تأسيس صندوق للزواج يموله رجال الاعمال ومسؤولو الجمعيات الاهلية والخيرية وذلك للقضاء علىالمشكلة هناك، حيث يقوم الصندوق بتقديم القروض المالية اللازمة للزواج بدون فوائد، وعلى اقساط بسيطة، بالاضافة للتوفيق بين الراغبين في الزواج ويساهم ايضاً في تلقي طلبات الراغبين في الزواج من المطلقين والارامل من الجنسين، خاصة بعدما كشفت الاحصائيات ان نسبة الطلاق بالكويت وصلت الى 33% من المتزوجين. دول الخليج الأخرى اما في قطر فقد تنبأ مكتب التعداد الامريكي بان عدد النساء سوف يزيد على الرجال بحوالي مليونين كل 10 سنوات.وفي الامارات بلغت نسبة الفتيات العزباوات اللاتي تتراوح اعمارهن بين 30 و 34 عاماً 73% بينما تزيد اعمار 20% منهن على 35 و 39 عاماً وبلغت اعمار 7% منهن 40 عاماً فأكثر. وفي الامارات ايضاً ادى ارتفاع تكلفة الزواج من فتيات من الامارات الى اتجاه الشباب لفتيات في بلدان عربية اخرى منها مصر وسوريا الى زيادة نسبة العنوسة هناك. العنوسة ظاهرة عربية في مصر تشير النتيجة التي سجلتها آخر دراسات المركز القومي للبحوث الاجتماعية في احصائية اكدت ان قطار الزواج تعدى تسعة ملايين شاب وفتاة بالاضافة الى ما يقرب من 185 الف شاب وفتاة تم عقد قرانهم دون الزفاف بسبب ضعف الامكانيات.. هذا في المدن اما في الريف والذي كان يتميز بسهولة الزواج فهناك ما يقرب من 75 الف شاب وفتاة لم يتمموا زواجهما بسبب الظروف الاقتصادية وارتفاع المهور وازمة السكن والتي ادت كل هذه الاسباب الى وجود 3.5 مليون فتاة حسب اخر احصاء عام للسكان تحمل لقب "عانس" واخريات في انتظار اللقب. وفي السودان تقوم الحكومة السودانية بمعالجة المشكلة بتعدد الزوجات فقد قامت الحكومة السودانية منذ توليها الحكم عام 1989 بتطبيق برنامج الزواج الجماعي الذي ادى الى اشهار الاف الزيجات بتسهيلات منها المهور الرمزية تحت اشراف وتمويل منظمات حكومية وغير حكومية. فلسطين الأقل نسبة اما فلسطين فهي الدولة العربية الوحيدة التي تمثل نسبة العنوسة بين فتياتها حوالي 2% فقط ويأتي هذا نتيجة ظروف الاحتلال والابادة التي تمارسها سلطات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني. وبعد عرض هذه الاحصائيات انتقلت (اليوم) الى خبراء الاجتماع والنفس لطرح هذه المشكلة ومحاولة تفسيرها وايجاد حلول مناسبة.. رأى الخبراء الدكتور احمد المجدوب استاذ علم الاجتماع والخبير بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بمصر يرى ان اسباب العنوسة اقتصادية اكثر منها اجتماعية لان البطالة والتدني في الاجور جعلا الشباب غير قادرين على الانفاق على الاسرة التي ستكون بالزواج كما ان تكاليف الزواج اصبحت مرهقة تجعل الشباب لا يفكر في الزواج الا بعد الثلاثين. من الاسباب الاجتماعية اختلاط المرأة بالرجل في بعض الدول العربية مما جعل كل منهما مكشوفاً للاخر وبدلاً من ان يصبح الاجتماع في العمل او الدراسة ذريعة للتعارف اصبح دافعاً للتهرب فالمحامي يرفض ان يتزوج المحامية والمهندس يرفض المهندسة.. وهكذا. علاج ويطالب د. احمد المجدوب بالعودة للزواج المبكر اذا توافرت الصفات التي وضعها الدين في الزواج معللاً ذلك بان ظهور العديد من الموبقات في المجتمع مثل الزواج العرفي والانحرافات الجنسية وغيرها تؤدي الى عزوف الشباب عن الطرق الشرعية للزواج. التدين ويطالب د. مصباح متولي: اسر الفتيات بأن يجعلوا من التدين مقياساً في قبول المتقدمين للزواج من بناتهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه والا تفعلوا تكن فتنة في الارض وفساد كبير". كذلك من وسائل علاج العنوسة الزواج الثاني وخاصة اذا كانت عدد الفتيات في بلد ما يفوق عدد الشباب. د.مصباح متولي صور تعبيرية