تشهد صناعة أجهزة الهواتف الجوالة وأجهزة المساعد الشخصي الرقمي (PDA) في العالم تحولاً مثيراً مع توجه كبرى شركات تطوير تقنيات الجوال لتعزيز الخواص والوظائف المتضمنة في هذه الأجهزة. وتعتبر عملية طرح جهاز "آي. ميت"", وهو هاتف وجهاز كمبيوتر جيبي جوال, نموذجاً مثالياً يؤكد على مدى مساهمة تقنيات الحوسبة اللا سلكية في الإرتقاء بمستوى كفاءة وأداء الأجهزة الجوالة. ويوفر جهاز "آي. ميت" حزمة من الخواص المبتكرة من بينها تقنية التراسل عبر تطبيقات الوسائط المتعددة كما أنه يشتمل على كاميرا مدمجة ويدعم اللغة العربية بالإضافة إلى اعتماده لتقنيتي "جي. أس. أم"و"حزمة خدمات الراديو العامةز(GPRS). وتعد عملية إطلاق جهاز "آي. ميت" بمثابة نقطة إنطلاق إلى مرحلة جديدة في قطاع تقنيات الأجهزة الجوالة, حيث ستساهم في زيادة حدة المنافسة بين مختلف الشركات الموفرة للتقنيات المخصصة لهذا القطاع. ومع التوجه لتعزيز القدرات والخواص الديناميكية لأجهزة الهواتف الجوالة وأجهزة المساعد الشخصي الرقمي, فإن المنافسة بين الشركات العالمية الموفرة لمنصات الخدمات الجوالة في العالم حول أنظمة التشغيل المعتمدة المعتمدة في الأجهزة الجوالة تتزايد بنفس المعدل. ويتمحور الصراع في هذا القطاع بصورة رئيسية على طرفين هما "مايكروسوفت" و"سيمبيان", التي تحظى بدعم كبرى الشركات المصنعة لأجهزة الهواتف الجوالة في العالم مثل نوكيا وسوني إريكسون وسيمنز. وقال بشار دحابرة، مدير عام ومؤسس "إنفوتوسيل دوت كوم": تشتد حدة المنافسة بين كل من مايكروسوفت وسيمبيان في مجال أنظمة تشغيل الهواتف، الأمر الذي يصب في مصلحة المستهلكين الذين يتطلعون إلى تبني أحدث التقنيات الحديثة بأدنى تكاليف ممكنة. ونتوقع أن يطرح في المستقبل القريب تقنيات ومنتجات أكثر تطوراً تكون ثمرة التجاذب القائم بين الشركتين للسيطرة على هذا القطاع المتخصص الذي يتصف بمرونة شديدة. ونرى أن هذا الأمر يعتمد بالدرجة الأولى على الميزات والتقنيات الإضافية التي ستقوم كل شركة بتقديمها. وساهمت عملية طرح جهاز "آي. ميت" الذي يدعم نظام التشغيل "مايكروسوفت بوكيت بي. سي" في تعزيز موقع مايكروسوفت في مجال المنافسة للسيطرة على هذا القطاع. وأشار دحابرة: يوفر جهاز "مايكروسوفت" الجديد ونظام التشغيل "سيمبيان" العديد من الخواص المشتركة من بينها التقويم وسجل الإتصالات الإلكتروني وتقنية مزامنة البريد الإلكتروني مع جهاز الكمبيوتر المكتبي عبر حلول الإتصال بالمواقع الإلكترونية عبر الإنترنت أو الإتصال المباشر بأجهزة الكمبيوتر المكتبي باستخدام الأشعة تحت الحمراء أو من خلال وحدة المنفذ التسلسلي. ويشتمل كلا البرنامجين على أدوات وحلول تقنية متقدمة تمكن المستخدمين من الوصول إلى الإنترنت والمواقع الإلكترونية عبر مختلف برامج المتصفح. ويتوقع دحابرة ان يحظى جهاز "آي. ميت" بقبول واسع في قطاع المستخدمين المتخصصين والمحترفين بشكل خاص, ولكنه لن يحقق معدل الانتشار نفسه بين الشريحة الأكبر في مشتركي خدمات الجوال والمتمثلة في المستخدمين العاديين الذين يستعملون الجوال في المجالات غير الإحترافية. وقال دحابرة: يمثل قطاع مستخدمي الهاتف الناقل من غير المحترفين حوالي 80 بالمائة من إجمالي مشتركي هذه الخدمة, وهو ما يعطي دفعة كبيرة لنظام تشغيل "سيمبيان" الذي اعتاد المستخدمون على استعماله عبر السنوات الخمس الماضية كواجهة تطبيق في هواتف نوكيا وسيمنز وسوني أريكسون. وتتمثل نقاط قوة "سيمبيان" في إعتمادها على القدرات المالية وشبكة التوزيع الواسعة لشركائها من مؤسسات تصنيع أجهزة الهواتف الجوالة، بينما أعلنت مايكروسوفت عن تبنيها لإستراتيجية مبتكرة لتعميم استخدام أنظمتها التشغيلية الخاصة بأجهزة الهواتف الجوالة لتصل إلى 100 مليون جهاز جوال في غضون فترة تتراوح من 3 الى 5 سنوات. ويمثل هذا العدد حوالي 25 بالمائة من مجمل سوق الهواتف الجوالة في العالم. فيما تتركز إستراتيجية سيمبيان على تعزيز إستخدام أنظمتها التشغيلية في كافة الهواتف الجوالة. وقامت مايكروسوفت بطرح أجهزة جوالة تنافس بشكل مباشر الأجهزة التي تتبنى تقنية سيمبيان التي تشمل أجهزة "سمارت فون" التي تقدم ميزات ويندوز لمستخدمي الهواتف الجوالة في العالم. وقال دحابرة : بالمقارنة مع مميزات نظام "سيمبيان", فإن جهاز الكمبيوتر الجيبي الجوال الجديد من "مايكروسوفت" يفتقد إلى دعم تطبيقات "جافا ميدليتس"(Java Midlets). وتمكن هذه التقنية مستخدمي أجهزة الجوال من تحميل تطبيقات "جافا" التي تم تطويرها خصيصاً للأجهزة التي تدعم نظام التشغيل "سيمبيان" إلى جانب توفير العديد من الخواص المضافة بما فيها الألعاب عبر تقنية "حزمة خدمات الراديو العامة"(GPRS) أو الوصول إلى أجهزة الخادم في مؤسسات الأعمال عبر هذه التقنية. من جهة أخرى, يرى دحابرة أن جهاز الكمبيوتر الجيبي الجوال الجديد من "مايكروسوفت" يضاهي الخواص المبتكرة لنظام "سيمبيان" المعتمد في أجهزة "بي 900" و"نوكيا 6600", وذلك من خلال عملية المكاملة بين تقنيات "مايكروسوفت" المخصصة لأجهزة الكمبيوتر وأنظمة مزامنة المعلومات بين الكمبيوتر وأجهزة الهواتف الجوالة. وقال دحابرة: في ضوء المنافسة الشديدة التي يتسم بها هذا القطاع، من المتوقع أن تشهد صناعة الهواتف الجوالة في العالم منعطفاً جديداً. ولن يقتصر استخدام جهاز الجوال على إجراء وتلقي المكالمات الهاتفية، بل ستتعداها أيضاً لتطبيقات الحوسبة المعلوماتية المختلفة. ويوفر الوضع القائم فرصة مثالية لدراسة الإمكانات الفائقة والمتعددة التي توفرها أجهزة الهواتف الجوالة وبخاصة في مجال خدمات التراسل بكافة تقنياتها..