عزيزي رئيس التحرير تفاعلا مع الموضوع الذي كتبه الاخ الاستاذ وليد بن سليم السليم بتاريخ 29 شوال 1424ه حول الفجوة العميقة التي تفصلنا عن الابناء وما استعرضه من اسباب لوجود تلك الفجوة او الهوة التي ربما تهوي بمجتمع كامل اقول: ليست النظريات التربوية وحدها هي من نلقي عليها السبب ولا حتى الصراع الحواري بين الاجيال. فالمجتمعات دائما تبحث عن المثالية وتطرق ابوابها وحتى نوافذها في سبيل الاشباع والتشبع الروحي والمعنوي والاجتماعي. في الماضي كانت التربية تقوم على اسس متينة وقوية استشفها آباؤنا من واقعهم ومن خبراتهم وحالة مجتمعهم اذ ان المثاليات والاسس الاجتماعية كانت في قوتها وشموخها فنهل منها الابناء القيم والمثل والمفاهيم التي كونت شخصية الابن وبالتالي انضم الى قافلة المثالية, اي ان المجتمع الانساني الحالي وتطوره الكبير في مجال التقنية اصبح قرية صغيرة بينما اصبح في مجال الانسانية اكثر بعدا عن التواصل الاجتماعي والنفسي, فهذا التحول الاجتماعي الملموس اوجد آفاقا جديدة اسهمت في تبدلات سلوكية جوهرية في علاقة الاتصال والتواصل بين الاب والابن. ان اتساع البون بين تفكير الابناء وتفكير الآباء وعزوف الابناء عما قدمه الاباء من خبرات تربوية في زمانهم لم تعد ذات اهمية او قيمة في هذا العصر. وهناك ثمة امر مهم في اتساع الفجوة والهوة بين جيلين فالمناهج تعتبر سببا مباشرا في هذا البون ولنا في وثيقة الاصلاح التعليمي التي قدمها صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - خلال جلسات مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي عقدت مؤخرا كل امل في تقليص الفجوة بين المجتمع والاب والطالب والمدرسة والمنهج, فالمعروف ان مناهجنا تهمل تغذية القلب والروح والوجدان وتعزز دور العقل والجوارح وهو ما ذكره الاستاذ وليد في حديثه السابق, لذا فان النظر في مناهجنا الدراسية امر هام في ايصال والتئام القطعية بين الاب والابن. ان غياب اللغة المشتركة في التواصل والتفكير والتفاهم وفقدان الذاتية والتغييب الكامل للمفاهيم والتطلعات والهموم والاهداف المشتركة كل ذلك ادى الى هوة وفجوة وصراع بين الاجيال, لذا لابد من تصحيح جذري للنظريات التربوية الغربية بما يتوافق مع تطلعاتنا الاسلامية في تربية النشىء وان نأخذ ما يتناسب وقدراتنا وحضارتنا, وان يكون هناك مبدأ الحوار بين الجيلين يقوم على اسس تربوية ومنهجية في حوار متناغم متفاهم بأساليب لفظي المثل والقيم والاتجاهات النفسية والعقلية والاجتماعية الصحيحة, كذلك لابد ان تلامس مناهجنا واقعنا المعايش وان تنظر الى التغذية الراجعة المفيدة التي تخدم الفرد والمجتمع والتواصل الانساني وتقوم ببناء علاقات انسانية متميزة وان تعزز مهارات الاتصال الفعال بين ثقافتين وان تغذي القلب والروح والوجدان وتبتعد عن تغذية الجسد, فالاهتمام بالمشكلة او تلك المعضلة امر في غاية الاهمية فهذا الصراع لابد ان يأتي بعده حوار ثم مصالحة مع هذا الجيل فنحن نريد جيلا واعيا ومدركا لواقعه ولمجتمعه. @@ حمد بن راشد الرشيد ادارة الاشراف التربوي بالاحساء