مع مقتل اكثر من خمسة وعشرين شرطيا عراقيا في هجوم استهدف مركزا للشرطة في مدينة الفلوجة العراقية مطلع هذا الاسبوع، وما سبقه من هجوم على مركز للشرطة قبل ايام في مدينة الاسكندريةجنوببغداد لا تبدو ثمة علامات واضحة في العراق تشير الى احتمال توقف حملات قتل رجال الشرطة العراقيين الذين يتهمون بالتعاون مع قوات الاحتلال الامريكي في العراق على الرغم من جهودهم في مطاردة الجريمة في العراق والعمل على خفض مستوياتها المرتفعة. فقبل ايام قتل ضابط شرطة عراقي برتبة مقدم في بغداد، فيما قتل ضابط شرطة عراقي آخر في كركوك ومثل ذاك في الموصل، في الوقت الذي اكدت فيه معلومات صادرة من مديرية شرطة مدينة الديوانية العراقية عن مقتل امرأة شرطية واصابة شرطيتين اخريين في حادث واحد قبل اسابيع وهو اول حادث يستهدف نساء شرطيات في العراق منذ الاعلان عن انخراط النساء في سلك الشرطة.وتشير احصائيات صادرة عن وزارة الداخلية العراقية ان عدد القتلى من الشرطة اقترب من حاجز 700 شرطي منذ تأسيس جهاز الشرطة العراقية الجديد بعد توقف العمليات الحربية في العراق في مطلع مايو الماضي. استهداف الشرطة العراقية بدأ اول الامر في عمليات تفجير مراكز الشرطة العراقية وكانت اول عملية استهدفت الشرطة العراقية قد حدثت في مدينة الفلوجة العراقية الصيف الماضي وادت الى مقتل وجرح ما لا يقل عن اربعين شرطيا ممن كانوا قد التحقوا بالشرطة العراقية في حينها لتلقي تدريبات، ثم تعددت الهجمات بالسيارات المفخخة على مراكز الشرطة وكان اوسع يوم شهد مقتل شرطة عراقيين هو الاول من شهر رمضان الماضي، حيث هوجمت خمسة مراكز شرطة بسيارات مفخخة في يوم واحد، ما اوقع اكثر من 100 شرطي بين قتيل وجريح، واستمرت الهجمات حتى آخر عملية هجوم على مركز للشرطة جرت في الاسبوع الماضي في مدينة بعقوبةالعراقية حين هاجمت سيارة مفخخة مركزا للشرطة وسط المدينة ما ادى الى مقتل واصابة اكثر من 18 شرطيا. كثير من المحللين يرى ان استخدام القوات الامريكية للشرطة العراقية رأس حربة وسواتر في هجماتها ضد من تسميهم الارهابيين ودروعا بشرية في مداهماتها المستمرة لمنازل العراقيين هي السبب وراء استهداف الشرطة العراقية. اضافة الى تزايد الاتهامات لبعض رجال الشرطة بممارسة ادوار مشبوهة في الاخبار عن العراقيين الذين يقاومون الاحتلال. وهذا ما يجعل هؤلاء المحللين يرون ان مهاجمة الشرطة العراقية يتم من خلال المقاومة التي هددت المتعاونين مع القوات الامريكية في العراق. وتشير معلومات الى ان عددا كبيرا من المتعاونين مع القوات الامريكية قد تلقوا رسائل تهديد بالقتل في حال عدم توقفهم عن التعاون مع قوات الاحتلال الامريكي، وذكرت المعلومات ان هيئة تأسست حديثا اطلقت على نفسها اسم (هيئة اجتثاث العملاء والجواسيس) قامت بارسال رسائل تهديد الى عدد من الشرطة تنذرهم فيها بوقف التعاون كما ارسلت مثل هذه الرسائل الى اشخاص آخرين من شيوخ عشائر وموظفين لوقف تعاملاتهم مع القوات الامريكية، وقد دفع ذلك عددا من الشرطة العراقية الذين يواجهون هذه المصاعب اضطرارا الى التعاون مع المقاومة، او ان المقاومة خططت اصلا لدس عدد من رجالها في صفوف الشرطة لنقل المعلومات اليها. وقد بدأت خيوط هذا الشك تنكشف حين تعرض نائب وزير الدفاع الامريكي وولفتيز الذي زار العراق قبل شهرين وتعرض الى هجوم في فندق الرشيد مع ان القوات الامريكية حرصت على اخفاء مكان اقامته، وتعزز هذا الشك الامريكي بعد معلومات اشارت الى ان عددا من الشرطة العراقية في مدينة كركوك شمال العراق قد وفروا معلومات للمقاومة العراقية لشن هجمات ضد مراكز حيوية مثل مراكز الشرطة ومقرات امريكية. الا ان القشة التي قصمت ظهر البعير وزادت من اليقين الامريكي هو تعرض موكب قائد المنطقة الوسطى للقوات الامريكية الجنرال جون ابي زيد الى هجوم مسلح خلال زيارته الى منطقة الفلوجة حيث تواجد عدد من المقاومين على اسطح بعض المنازل ووجهوا ثلاثة صواريخ على موكب ابي زيد، حيث اشارت المعلومات الى ان الزيارة التي قام بها جون ابي زيد الى مركز لتطوع عناصر اجهزة الدفاع المدني والشرطة كانت في منتهى السرية، وان لا احد يعرف بهذه الزيارة، في حين شكك الأمريكان بان تكون المعلومات عن هذه الزيارة قد تم تسريبها للمقاومين من قبل الشرطة التي كانت تنتشر في الفلوجة لحماية موكب ابي زيد، مما دفع القوات الامريكي الى اعتقال عدد من رجال الشرطة اتهمتهم بتسريب المعلومات. وتشير المعلومات التي ابلغتها (لليوم) مصادر في الداخلية العراقية الى ان عددا كبيرا من افراد الشرطة العراقية قدموا استقالاتهم خوفا من تعرضهم الى هجمات من قبل المقاومة وخاصة في المناطق الريفية العراقية التي تسيطر فيها العشائر التي ترد غالبا على اجهزة الشرطة بعد اعتقال عدد من افراد تلك العشائر، حيث يشارك رجال الشرطة مع القوات الامريكية في عمليات المداهمات التي تنفذ ضد المقاومين. ولكن مع كل هذا يرى بعض آخر من المحللين ان العصابات الاجرامية التي بدأت تواجه مصاعب في ممارسة جرائمها بسبب عمليات القبض عليها من قبل الشرطة العراقية هي التي تقف وراء بعض الاحداث وهو ما يفسر مهاجمة مراكز شرطة بالاسلحة الخفيفة وقذائف ال ار بي جي 7 التي تتوفر لدى تلك العصابات. حصاد الشرطة الذي لم يتوقف على ايدي المقاومة او العصابات، لم يتوقف ايضا على ايدي الامريكان في العراق فرصاص القوات الامريكية حصد منهم كثيرا ففي مدينة كركوك قبل ايام قتلت القوات الامريكية ثلاثة رجال شرطة عن طريق الخطأ، ثم تبع هذا الحادث، حادث آخر قتل فيه عدد من الشرطة كما سبق وان حدث مثل هذا الحادث مرات عديدة في عدد من المدن العراقية، وعلى الرغم من إجراءات الامن والحماية التي يتبعها رجال الشرطة في العراق فان الحوادث والهجمات الذين يكونون ضحيتها ما زالت مستمرة. الشرطة العراقية التي باتت تعيش تحت خط الموت ما زالت قلقة على مستقبلها مع قلقها على معيشتها حيث غالبا ما تتأخر رواتب افراد الشرطة العراقية الذين يقومون بين فترة واخرى بمظاهرات مطالبين بدفع رواتبهم المتأخرة وهم يعيشون القلقين في وقت واحد دون ان تكون هناك في الافق اية حلول لوضعهم المتدهور الا مواجهة الصعاب.