حوار وحاور ويحاور ونحاور وحوارات، كلمات تواجهك في كل سطر وكل حاشية من صحفنا المحلية ومطبوعاتنا المتنوعة، اليومية منها والأسبوعية والإلكترونية ووسائل الإعلام المسموعة والمنظورة. وهي نتاج اللقاء المبارك الذي أستهله الوطن في الأيام القليلة المنصرمة. وقد أشتق من معنى الحوار ووظف في التعبير عنه مصطلحات لم يألفها إعلامنا الوطني أو زاول بعضها بأستحياء وعلى خجل في الماضي. واستجابة للقيمة التربوية للحوار وإيماناً مني بأن الحوار لا يصبح جزءاً من النسيج الطبيعي لسلوك الأمة إلا أن يكون منهجاً تربوياً تبدأ به الأسرة وتؤكد عليه في الرعاية التربوية ومن ثم المدرسة والمجتمع والدولة. وفي هذه الأجواء المشبعة بالتفاؤل والأمل، وتفعيلاً لدوري كمواطن في المساهمة في بناء مستقبل وطني، أخذت على عاتقي متابعة المصطلحات الحوارية وتوابعها الفكرية كي تكون في نسيج لغتي المنزلية لأغرد بها في كل حديث مع زوجتي وأولادي. فعكفت على حفظ واستذكار المصطلحات الشائعة: كالحوار، الأمن الفكري، الإرهاب الفكري، الانفتاح، الآخر، التزمت، الحراك الاجتماعي، حرية الاختيار، التعدد الفكري، أطياف المجتمع، التنوع الفكري، الديمقراطية، حق الاختيار، وغير ذلك مما شاع وطفح على السطح. وبدأت وأنا حريص على أن يكون حديثي مع أسرتي كافة وزوجتي خاصة مشبعا بالمصطلحات أعلاه. وقد أذكرها لسبب يستوجب ولسبب أفتعله أو أحشر المصطلح حشراً في أي حديث. وإذا بالمصطلحات قد أصبحت لغة يتداولها أولادي وزوجتي وأنا فرح بما أنجزت ومسرور بما وفرت من أجواء الحوار في منزلي. ولكن وأنا في لحظة تأمل أحاور نفسي وأسائلها- هل يفقه بيتي ما يزاول من مصطلحات؟وهل يدرك معنى ما يمارس من تلك المصطلحات في حديثه؟ لا بأس دعنا نختبرهم أقول لنفسي لنرى حقيقة ذلك. وقيمتهم من حيث لا يشعرون لأعرف مدى فهم أبنائي للمصطلحات التي أكثرت من استخدامها معهم مثل: يا بني أن الأبوة تقوم على أسس الحوار وحسن الاختيار وليس للوالد أن يربي أولاده على الإرهاب الفكري ويسلب حقهم وهم في ما يذهبون من الفكر أطيافا وأن التعدد الفكري يستوجب أن يكفل الأبوان أولاً الأمن الفكري له في المنزل وغير ذلك. وربما استخدمت الأكثر من ذلك مع زوجتي. وإذا بي أواجه أن بيتي سايرني في ما مضى وفعل ما طلبته منه لا لشيء إلا أني ملأت مسامعة بمصطلحات لا يدرك مغزاها ولا يعرف فحواها ولا يدري لماذا جاءت الآن ولم تكن في البيت بالأمس.. فعلمت وأنا أتعلم بذلك من بيتي شيئاً مهما وليس العكس، أن من الأولويات البسيطة لأي عملية تغيرية تربوية أن يقتنع الجميع بها ويدرك الكل على ضرورتها وقيمتها وليست المسألة يا أخي أن تشنف أذان أولادك بمصطلحات أنت لا تدري معناها ناهيك عنهم. فدعوتي للسادة المفكرين والعلماء المتحاورين في لقاء الحوار الوطني الثاني أن يكتبوا لنا أولاً قاموساً بمصطلحات الحوار حتى نفهم معناها الأبجدي وندرك مغزاها الفكري كي نعيش في ممارستها الحوار الأبدي. وجزاكم الله خيراً د. أحمد محمد اللويمي