فشلت الآلة الإعلامية الإسرائيلية في ردم الهوة التي أخذت تتسع بين الرأي العام الأوروبي وإسرائيل التي فقدت صدقية رواياتها المختلفة التي أعدتها بذكاء ومكر شديدين عن الصراع العربي الإسرائيلي بعامة والانتفاضة الفلسطينية بخاصة.. وكنتيجة لهذا الفشل وشعور دهاقنة الإعلام الصهيوني الذين لايهدأون ولاينامون بعدم جدوى الاتجاه نحو الرأي العام ل ( تصحيح ) نظرته و(تغيير) قناعاته راحت الحكومة الإسرائيلية تشكو للحكومات الأوروبية (المسؤولين ) عن (تشكيل) الرأي العام الأوروبي وما اعتبرته ازدياد ميول العداء للسامية في القارة العجوز من خلال (التغطية الإعلامية السلبية التي تستهدف إسرائيل في العواصم الأوروبية )!! @ وهكذا أخذت الآلة الإعلامية الصهيونية تتخبط أينما اتجهت بعيداً عن النظرة الواقعية والتقييم السليم لنتائج استطلاع الاتحاد الأوروبي وإصرار عجيب على التلاعب بالرأي العام الأوروبي الذي لم يعد يستجيب للمراوغات الصهيونية والمكابرة والاستكبار بالقدر الذي كان سائداً والذي يشعر بدوره بامتعاض إزاء الزعم الإسرائيلي من أنه خضع لعملية خداع بفعل التغطيات الإعلامية للأحداث التي تجري على الساحة الفلسطينية مما يعني أن (الإعلام الأوروبي مخادع ومنحاز للعرب)!! وان المواطن الأوروبي بلغ من السذاجة حداً يمكّن من خداعه!! @ ومع أن الرئاسة الإيطالية للاتحاد الأوروبي ووزير الخارجية الإيطالية حاولا التقليل من أهمية نتيجة الاستطلاع الأوروبي والزعم عبر بيان رئاسي أن( النتيجة لا تعكس موقف الاتحاد فسياسته ليست نتاجا لاستطلاعات الرأي )!! إلا أن هذا النفاق المكشوف والكذب المخزي لم يقنع الحكومة الإسرائيلية لأنه إذا كان رأي الشعب الأوروبي لا قيمة له فكيف يرجع الاتحاد إليه في استفتائه حول الدول الراغبة في الانضمام إلى الاتحاد؟ ولماذا لم ينظم الاتحاد السويسري إلى الاتحاد الأوروبي حتى الآن ؟ أليس ذلك لأن أغلب الأوروبيين قالوا لا؟! @ يأبى قادة الإعلام الصهيوني أن ينصاعوا إلى الحقيقة التي تقول : ( يمكنك أن تخدع بعض الناس لبعض الوقت ولكن لا يمكنك أن تخدع كل الناس كل الوقت ) بالرغم من الصفعات المتتالية التي يتلقاها هذا الإعلام في جميع أنحاء العالم والدول الغربية بوجه خاص ليس إزاء ما يتعلق بالقضية الفلسطينية فقط بل تجاه أكاذيب أخرى كانت تشكل لإسرائيل مصادر ابتزاز مالي وفكري وسياسي.. إلا أن بعض الكتاب والأدباء والمفكرين والسياسيين الشرفاء بعضهم يهود تصدوا لها ولم يأبهوا لما تعرضوا له.. أو يتعرضون من ملاحقات.. ومحاكمات.. وغرامات.. وسجون.. وإيذاء نفسي وجسدي من أمثال ( جون كي ) صاحب كتاب ( خياطة الريح بذور الصراع في الشرق الأوسط ) الذي اتهم اليهود والبريطانيين بتزوير الحقائق عندما صوروا فلسطين على أنها أرض بلا شعب !! .. والمؤرخ الإسرائيلي ( إيلات بابي ) الذي طُرد من جامعة حيفا لدعمه الباحث ( تيودور كاتز ) الذي طُرد بدوره من الجامعة بسبب إعداده بحثاً حول مجزرة قُتل فيها جنود إسرائيليون فلسطينيين في بلدة الطنطورة عام 1948م !! @ والمخرج السينمائي اليهودي المعروف (ستيفن سيلبيرغ) الذي أعد فيلماً عن الانتفاضة الفلسطينية انطلاقاً من قناعته بأن تاريخ ( الهولوكوست الحزين) يتكرر مرة أخرى في فلسطين !! مؤكداً أنه (مع أنه يهودي لا يستطيع أن يبقى صامتاً إزاء ما يفعله الإسرائيليون والحركة الصهيونية باسم اليهودية وبواسطة المال الذي يدفعه إلى مصلحة الضرائب) !! والكاتب السويسري (كاستون آرماند ادمودورو) البالغ من العمر 83 عاماً الذي أُدخل السجن للمرة الثانية في غضون 10 أشهر تنفيذاً لحكم بالسجن لمدة ثلاثة أشهر بسبب نفيه في إحدى كتاباته وجود ما يسمى ب (غرف الغاز النازية) كان كافياً لوصمه بتهمة العداء للسامية !! والفيزيائي الفرنسي (روبرت فوريسون) الذي واجه عقوبات كثيرة للتهمة نفسها واستأنف أحد الأحكام وكسبه ليعلق قائلاً : (في نهاية الأمر لابد من طريقة يعرف بها العالم أي قدر من الأكاذيب قامت عليها الصهيونية)!! @ ومن بين عشرات المؤلفات التي تصدت للمزاعم والأكاذيب الصهيونية كتاب (الحرب المقدسة) لمؤلفته (كارين ارمسترونق) التي حمّلت فيه الصهيونية والغرب الصليبي والاستعماري مسؤولية الصراع الدائر على أرض فلسطين !! وكتاب (كشف حقائق التوراة) للعالمين الأثريين الإسرائيليين (فيل أرثر, إسرائيل فنكلشتاين ) الذي ينقضان فيه (الحقيقة التاريخية للتوراة) ويؤكدان أن معتقدات اليهود كُتبت في القرن السابع قبل الميلاد لتحقيق طموحات إقليمية !! وهناك كتاب (ديفيد ديوك) بعنوان (النظرية السيادية اليهودية) الذي يكشف بجرأة وصراحة ووضوح مخططات اليهود التآمرية على العالم !! وكتابه (الصحوة) عن النفوذ اليهودي في الولاياتالمتحدةالأمريكية !! ورواية (قضية فلسطين ) لأستاذ الأدب الإنجليزي في جامعة تافتس الأمريكية (جوناثان وليسون) الذي يذكّر العالم بجذور القضية ويصور الصهاينة أشخاصاً بلا رحمة .!! @ ويعد الحاخام اليهودي البارز (ديفيد واليس) الناطق الرسمي باسم جماعة (ناطوري كارتا) المعارضة للحركة الصهيونية من أشرس اليهود عداءً للصهيونية التي يرى أنها (كانت وراء إقامة دولة إسرائيل على أرض فلسطين التي ليست لليهود بل طردوا منها بسبب ذنوبهم)!! ناهيك عن اعتباره المقاومة الفلسطينية عملاً مشروعاً.. وتجد آراؤه أصداءً إيجابية عند نسبة لا يستهان بها من اليهود والمسيحيين على حد سواء!! ولا يقل تشدداً عنه المحامي اليهودي (ستانلي كوهين) الذي يجاهر بعدائه لإسرائيل ودعمه للشعب الفلسطيني وحق هذا الشعب في دولة مستقلة!!