قال فولتير يبحث الجميع عن السعادة من غير أن يعرفوا وجهتها، ويختلف مفهوم السعادة من شخص لاخر ومن مكان لاخر... فالبعض يرون السعادة في الثراء أو الحب بينما يرى البعض الاخر أن سفينة الايمان تهدي إلى شاطئ السعادة. لكن الجميع يشتركون في العالم أجمع في البحث عن إجابة لنفس الأسئلة.. كيف تكون سعيدا؟ كيف تجد طريق السعادة؟ أين السعادة؟ أسئلة تكررت كثيرا منذ زمن بعيد ومازالت محور العديد من الكتابات كما أنها الشاغل الاكبر لعقل الانسان. واختلف العلماء في الاونة الاخيرة بشأن سبب السعادة. هل هي تنبع من الحظ أم أن السعادة حالة عقلية يمكن الوصول إليها بالتدريب. وقال الكاتب هايكو إرنست الذي يدير تحرير مجلة ألمانية تعنى بالصحة النفسية نحتاج إلى مزيد ومزيد من المساعدة الخارجية لاننا فشلنا في الثقة بمشاعرنا وأحاسيسنا. ورغم أن البحث عن السعادة مكون إنساني أساسي إلا أن النساء أكثر بحثا عنها من الرجال. وقال إرنست تشعر المرأة بمسئوليتها عن سعادتها الشخصية وسعادة أسرتها وأصدقائها.. والمرأة أكثر رغبة في البحث عن السعادة. ولكن الرجال يرضون بما هو أقل مما يرغبون فيه في الحياة .. فأقل الاشياء قد تشعرهم بالسعادة مثل نزهة مع الاصدقاء أو سيارة جديدة كما يرى إرنست. ويعتقد المعالج النفسي مايكل ماري أن الرجل يبحث عن السعادة مستعينا بأشياء خارجية مثل الوظيفة الجيدة أو الثراء فالرجل يريد السيطرة على كل شئ.. ولكن المرأة أكثر عمقا وبحثا عن السعادة داخليا مثل الحب والمشاعر. بينما يؤكد كاتب آخر هو ستيفان كلاين إن السعادة أمر يمكن تعلمه ويقول أستطيع أن أستدعي المواقف التي أكون فيها سعيدا. ويضيف السعادة إشارة من الطبيعة ترشد البشر إلى مواقف قد تكون مفيدة لهم. ليست السعادة أمرا سريا. إن الصداقات وإدراك الانسان لوجوده يساهمان في سعادته. وقال كلاين نستطيع أن نتعلم أن نكون أكثر ذكاء في التعامل مع مشاعرنا وأن ندرب إدراكنا . وينصح من يريد أن يعيش سعيدا بأن يسجل بصفة يومية اللحظات والمواقف التي كان فيها سعيدا. لكن مايكل ماري لديه رأي آخر فهو يقول لا يمكن أن يتعلم المرء أن يكون سعيدا. الحياة ليست ورشة. وأوضح أسباب استحالة تعلم السعادة في كتابه كيف تكون سعيدا.. ارشادات. وهو يقول نحن نتعلم كيفية السير على أطراف أصابعنا أو التحكم في نسبة الدهون في أجسامنا أو أن نفكر بإيجابية لان هذا قد يجعلنا سعداء. العكس هو الصحيح. ويضيف ينتهي المطاف بالفرد نتيجة لذلك وهو يئن تحت وطأة ضغوط شديدة ليتمكن من السيطرة على حياته بشكل كبير وليكون مسئولا عن كل شئ. وإذا لم يتحقق ذلك يبدأ المرء العمل بجهد أكبر لتحقيقه وإن لم يتمكن يبدأ في الشعور بالفشل. وينصح مايكل الباحث عن السعادة بان يحاول تحقيق أمنياته. ويقول السعادة أكبر من الانسان لانك لا تستطيع السيطرة عليها. إنك تستقبل السعادة كهدية فحاول قدر طاقتك تحقيق أمنياتك وبعد ذلك توقف لتستمتع بها. ويضيف يتعين على المرء أن يكون أكثر تساهلا مع نفسه وأن يتجنب الضغوط التي تنبع من الاعتقاد السائد بأن كل شئ في الحياة ممكن. أما إرنست فيوصي بأسلوب أكثر سهولة ويقول يجري الانسان عادة وراء صور للسعادة مثل التي توجدها الدعاية.. يبحث البعض عن السعادة بمفهوم استهلاكي.. يجب ألا نعتمد على السعادة السطحية بل أن نستعيد السيادة على حياتنا وما نريده. ويصف إرنست السعادة بأنها إحساس بالتوحد مع النفس وأن يتمكن المرء من العيش في مواءمة مع آماله ومتطلباته. ولكن السعادة تأتي من الاخرين أيضا. ويقول إرنست تأتي السعادة الحقيقية من اعتراف الاخرين بك. ولكن لا يوجد ضمان للسعادة. فانا أستطيع أن أخطط وأعمل لتحقيق أهداف محددة وآمل بعدها أن يجعلني تحقيق هذه الاهداف سعيدا.. لكن لا يوجد ضمان كامل للسعادة. ولكن رغم كل هذه الدراسات يقول أحد الحكماء اليونانيين عندما يتوقف المرء عن تصور السعادة فهو يعيشها.