عندما يكون الحديث احادي النزعة ينفرد بها الرجال في ساحة ذكورية لا تسمح للمرأة الا بالهمس فيجأر الرجل بصوته العالي لينسب جهد الآخرين لنفسه فهو المتحدث عن كل منجز وهو المسيطر على اي مشكل وهو وحده القادر على حل المعضلات حتى ولو كانت عمليات ولادة. والمتتبع لأي منشور او صحيفة يلحظ لغة الانا عند الرجل وكأنه شمس لا تغيب عن أي حدث متناسيا جهد الآخرين وتتعاظم هذه الحالة عندما يكون المنجز انثويا ليتواضع عن الأنا ويقول نحن بدلا من هن وكل هذا خلفته لنا ترسبات التقاليد البالية التي عجز معشر الرجال عن تخطيها او تجاوز ترهاتها فأكد عليها ورسخها خوفا من القوى الطاردة التي ما فتئت تنمو باطراد وبعنف لتأخذ مكانها في تلك الساحة التي يحاول الرجل ان يهيمن عليها مهمشا نصفه الآخر. وما زاد الطين بلة ان الاخوات القادرات على التصدي وما اكثرهن قبلن ان يحبسن انفسهن في الزوايا المعتمة راضين بنصيبهن الذي يجود به الرجل خوفا من التصادم الحاد الذي يخرجهن من الساحة وما اكثر الساحات التي اخرجن منها كالعلمية مثل المشاركات في المؤتمرات والمنتديات العربية والدولية والاغرب ان هناك شروطا ومواصفات لعبور ذلك النفق الوظيفي المصطنع وان عبرت فعليها الالتزام بتحفظات نوعية فالقيادة يجب ان تكون ذكورية له السلطة والصلاحية وكل الانجازات تحسب للرجل. ولا يفوتني ان انوه عن المشهد الثقافي الذي يكون فيه الرجل الرئة التي يتنفس بها الابداع الانثوي لانه يشكل جواز العبور لموثوقيته عند المتلقي ومصداقيته عند المبدعات لانهن يعتقدن ان نتاجهن الفكري لن يكتب له الانتشار اذا لم يدبجه ويعرفه مثقف ذكوري حيث لا تجدهن الا في حالة دفاع مستمر فقلما نجد ان حواء ناقشت عمل آدم لانهن يسبحن في ضبابية عدم الفهم والتواء المعايير التي تصنف المنتج الابداعي بين ذكر وانثى وصنعوا للذكورية هالة تعظيم لاتستحقها النساء مهما ابدعن مؤطرة بالحراك الاجتماعي المغذي بالثقافة الذكورية تحت وطأة العرف والتقاليد . هكذا يتحدث الرجال في حسابات الكينونة والتكوين متناسين قوله تعالى (إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) ابعد هذا نجد مجالا للتصنيف.