سمعته يتحدث بارتياح عن المقالب التي يصنعها مع زملائه في المدرسة ببعض معلميهم وتاملت في الوجوه المستمعة وهي تقابل هذه المواقف بالضحك تارة وبالمزايدة في سرد القصص والحكايات المشابهة تارة اخرى فشعرت بالالم للحال التي وصلت اليها مكانة المعلم عند بعض الناشئة وعدم اعتراض المجتمع على تصرفات بعض الطلبة المهينة ضد معلميهم. ان للمعلم هيبة محفوظة وكرامة سامية يستمدها من هيبة العلم ومن سمو رسالة التعليم ولا خير في جيل ينهل من العلم على انقاض هيبة وكرامة المعلم لقد كان للضرب قديما دور مؤثر في فرض هيبة وكرامة المعلم واعطاء التعليم الهالة التي يستحقها في النفوس ولكننا للاسف ومنذ ان منعنا الضرب في المدارس وصادرنا حق المعلم في فرض هيبته التربوية على طلابه زرعنا في نفوس ابنائنا القدرة على التمرد والتعالي والقفز على صور هيبة المعلم. وقديما عندما كان الاب يسلم ابنه الى المدرسة كان يوصيهم بان (اللحم لكم والعظم لنا) في تأكيد على اهمية الحزم في التربية والتعليم اما اليوم فان بعض الاباء يهب في وجه المدرسة باكملها اذا عطس احد في وجه ابنه. ولا ادري كيف نريد لهذه الناشئة ان تحترم المجتمع وتهاب انظمته وقواعده اذا كانت تنشأ منذ البداية على التجرد من الاحترام والتقدير والهيبة تجاه معلميها وقد حكى لي معلم ذات يوم ان الاستهانة بقيمة ومكانة المعلم لم تعد تقتصر على طلاب المراحل الثانوية حيث المراهقون المتمردون ولكنها بدأت للاسف تنسحب حتى على طلاب المراحل الادنى. اننا نلاحظ اليوم ان الكثير من المراهقين في الاماكن العامة لم يعودوا يظهرون الاحترام للاكبر سنا ولم يعودوا يتحلون بالادب في تعاملهم مع كبار السن فباتوا اكثر جرأة على الاساءة واظهار الاحتقار بل والتطاول بالاعتداء اذا لزم الامر وهذه ظاهرة خطيرة زرعت بذورها في المدارس عندما تمت مصادرة حق المعلم في فرض هيبته وعندما كسرنا عصاه التي يؤدب بها تلاميذه. هشام عبداللطيف النعيم