العيد معلم بارع في تعليم القيم السامية والمثل العليا.. يزورنا غبا (مرتين في العام) ولكنه يزيدنا حبا، ويشحن عواطفنا بالتسامح والعفو والصفح، ويعلمنا كيف نفرغ هذه الشحنات في محيطنا، فنشمل بها من حولنا من اهل واحباب واصدقاء واقرباء، بل حتى البعداء، ومن لم نعرفهم ماداموا اخواننا في الدين.. هذا هو العيد.. بحر من السرور وموجات خضراء من الفرح البريء، وانوار سماوية تتدفق من السماء الى الارض، فيختص بها الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين المخلصين فتنعكس في قلوبهم وعلى قوالبهم. وكل امة لها اعيادها التي قد تكثر مناسباتها ولكن الامة الاسلامية لها عيدان، عيد الفطر وعيد الاضحى فقط، وكل عيد له رمزه الديني الذي يثري الدنيا والآخرة. فرمضان عندما نقضي فرض صيامه نحتفل بعيده.. وهذا العيد كما يقول العقاد: يحمل صفتين من صفات النفس الانسانية التي تقوم عليها قواعد الاخلاق. وهما: الارادة والتغلب على العادات. نعم نحتفل بعيد الفطر لاننا في رمضان استطعنا ان نحد من شهوة المأكل والمشرب واستطعنا ان نغير باقتدار عادات كانت ضرورية لازمة في حياتنا اليومية. والمرء في قبضة العادات آلة من الآلات. اما عيد الاضحى الذي نحن الآن نعيش نفحاته ونتنسم نسماته. ونحيا في رحابه فانه عيد الفداء والتضحية والبذل. والبذل ادب راق من اخلاق الانسان، ولقد صدق العقاد حين قال: ان اكثر الامم تتبادل التهنئة في اعيادها بتمني (السعادة) للمهنئين فتقول: يوم سعيد، او عام سعيد، او عيد سعيد وهو الاصطلاح الذي يتبادله معظم الغربيين في امثال هذه المناسبات وهي امنية جميلة محبوبة. واما نحن العرب فنقول: كل عام وانتم بخير وهذه امنية اجمل واحب الينا من قول الغربيين لان الخير اعظم من السعادة، والخير يشمل السعادة ويحتويها ولكن السعادة لا تشمله ولا تحتويه لان الانسان قد يكون سعيدا وهو مخدوع في سعادته او قد يكون سعيدا بما لا يشرفه، او قد يكون سعيدا لانه فارغ من المتاعب لا يشغل نفسه بواجب ولا مروءة ولا يتطلع الى مجد او فضيلة فالسعادة جميلة محبوبة ولكنها معدن قابل للتزييف والخداع، اما الخير فهو المعدن الذي لا يقبل تزييفا ولاخداعا. فمن كان في خير فهو في صحة ورضا وراحة ضمير وهو سعيد والناس به سعداء. اذاً فالخير اسم جامع لسعادة الدارين دون شك فاذا اردت ان تتمنى لك او لاحبائك شيئا جميلا او اردت ان تدعو الله بذلك فادع لنفسك ولاحبابك بالخير لا بالسعادة. فالسعادة نسبية وقد تكون خادعة. اما الخير فانه مطلق. وكل عام وانتم بخير.