@ أرعبتنا الصورة التي ظهرت بها بعض المنتخبات الخليجية في خليجي 16 خلال الجولات الثلاث الأولى، حتى إن ذرة شك واحدة لم تعد تخامرنا من أن زلزالا فنيا عنيفا قد حدث فأعاد جغرافيا الكرة الخليجية إلى تضاريس الخوف من القادم والآتي ولم تشف كل التبريرات التي رمى بها مدربو هذه المنتخبات غليل البحث عن سر هذه الإنتكاسة'' الفنية التي لم تسبقها أي مؤشرات، فقد قال بعضهم:إن لعب مباريات بأعلى صدى للحساسية في توقيتات زمنية غير متباعدة يعتبر جريمة في حق لاعبين نعرف بيئتهم وظروف تكوينهم. وقال بعضهم الآخر: إن المنافسة مفرغة من كل عناصر التحفيز، ولا يمكن أن نرغم لاعبين على الإقبال بشهية فنية مفتوحة على طبخة لا يريدونها أصلا ولم أعرف أن دورة الخليج في الوقت الذي بلغت فيه مرفأها السادس عشر قد اشتكت كما في هذه المرة من أعاصير لا توجد للأسف إلا في ذهن مدربين عرتهم خليجي 16 ،وكشفت عن محدودية خلقهم وإبداعهم وقد كنا مجبرين على طي مباريات خليجي 16 الواحدة بعد الأخرى بأيد مرتجفة في رفوف الذاكرة، وليس هناك ما يقنع بأن الذي نشاهده على الطبيعة إفراز لكرة قدم تحدت مناخها وبيئتها ووضعت رجلا في العالمية، إلى أن جاء لقاء الكويت والاخضر فأحسسنا بالفعل أن ما كنا نشاهده من قبل كان صورا شاردة ليست لها أي علاقة بالفضاء الكروي الخليجي إنها مباراة تستحق أن تكون وحدها مرجعية في تجمع كل التوابل الفنية الضرورية لأي طبخة كروية بمذاق ممتع إنهما منتخبان يقبلان على المباراة بنية الفوز ،وحصد النقاط الثلاثفف يكرسان من أجل ذلك كل ما بمخزونهما البدني والتكتيكي، ويكون من الطبيعي أن نشهد مباراة بإيقاع خرافي، إن سعى منتخب لإنزاله، ارتفع به الآخر إلى الأعلى وبين هجمة هنا وهجمة هناك عبرت الموهبة الفردية عن نفسها، وعبر الأسلوب الفني الجماعي الذي يزاوج بدقة بين الدفاعية والهجومية عن نفسه، وقدم اللاعبون الكويتيون والسعوديون على مدار 90 دقيقة كاملة الدليل على بطلان كل الحجج التي تذرع بها مدربو منتخبات أخرى لايهامنا بأن رداءة الأداء، وضعف الإيقاع اللذين طبعا مباريات منتخباتهم كانا لأسباب بدنية محضة إن قدر الأخضر السعودي أن يكون بطلا ل خليجي 16 والمنطق على فكرة يقول بذلك،إذ إن هناك مؤشرين فنيين وضعا الأخضر أكثر من غيره في عباءة البطل: أولهما أنه المنتخب الوحيد بين المنتخبات السبعة الذي يتدرج أداؤه ومستواه من دون أن يفرط في النقاط التي تبقيه في الصدارة، حتى لا أقول: إنه أكثر المنتخبات قدرة على توليف المخزون البدني مع متطلبات كل مباراة على حدة ، وثانيهما أنه المنتخب الذي يملك بالفعل قائدا في كل منطقة لعب، وقد يكون أروع هؤلاء المايسترو الشلهوب الذي يتصف بكل ما يتمتع به صانعو اللعب من مهارة في الربط وفي حل أعقد المشكلات الهجومية، وفي القفز على أقوى جسور الرقابة والأكثر من ذلك في بلوغ المرمى في أحرج اللحظات أتوقع أن يكون الأخضر هو بطل خليجي 16 إلا إذا وجد في آخر الجولات من يستطيع الإطاحة بالمنطق.@ *الإتحاد الاماراتية