(سعودي من رابغ يرغب في إهداء ملكة بريطانيا كلباً نادراً ب(94) ألف ريال !) ... لا تحزن فهو عنوان صحفي يعكس بعضاً من كرمنا ومشاعرنا المرهفة، حيث تأثر هذا المواطن للمعركة التي أودت بحياة الكلب المفضل للملكة، فمنحها كلبه الغالي ! أخونا النشمي وصف كلبه الصغير (9 أشهر) إضافة لسلالته النادرة بأنه جميل الشكل وسريع البديهة ( ولا أعرف كيف قاس بديهته السريعة)، كما أنه يشرب الحليب، ويأكل الدجاج واللحم غير أنه لا يأكل السمك ! ثم يقول ان تبرعه هذا ينبع من رغبته في تغيير الصورة التي يأخذها الغرب عن العرب والمسلمين! ( نصاً كما جاء في خبر الوطن 1187) وفي نفس السياق الحاتمي لهدية صاحبنا لملكة بريطانيا، تبرع مؤخراً رجل أعمال سعودي بملايين الريالات للجامعة الأمريكية في القاهرة دعماً لبرنامج منحة دراسية لدراسة الأديان رشح له أستاذ متخصص في الديانة البوذية ! وفي مهرجانات ومزادات الإبل ( والتيوس أيضاً ) تصل فلوسنا التي نبعثرها لملايين الريالات أحياناً ! وفي الضفة الأخرى... وقبل أيام نشرت ( اليوم ) على صفحتها الأخيرة محاولة انتحار لرجل ثمانيني (79 سنة) بسبب ضائقة مالية يعاني منها ! حيث تحشرجت العبرة في صدره، وأعياه قهر الدين وضيق ذات اليد ! فأخذته الهواجس والأفكار وفعل ما فعل بطعنات عدة سددها لبطنه أدخلته في غيبوبة تامة وحالة خطرة ! نحن لا نملك سلطة ولا صلاحيات تمنع الناس من تصريف أموالهم كما يشاؤون كرماً إن شاؤوا أو تبذيرا، ولا يبدو أن المعنى الكبير في سؤال (... وعن ماله من أين أكتسبه وفيم انفقه)، لا يبدو أنه معنا دائم الحضور من خلال كل هذه الأخبار، وغيرها كثير. ولكننا نتساءل عن هذا الرجل الثمانيني يقتل نفسه وفينا كرماء بهذا الحجم لا يسعفونه وأمثاله! ونردد ذات السؤال يوم نشاهد مشروع مكافحة الفقر يتستر على الأرقام والمبالغ الخاصة به، ونشاهد مشروع ابن باز لتيسير الزواج يتمنى القائمون عليه مواصلة دعم المحسنين لإتمام آلاف طلبات مساعدات الزواج التي تنتظر! أو تسمع بمساجد ( وحتى مستشفيات ) يتوقف بناؤها بعد بدء المشروع، لأن المتبرع ( فاعل الخير) لم يعد راغباً في إتمام ( خيره ) ! ... وقصص كثيرة أبطالها بعض كرمائنا الذين يقفزون لنا كل يوم ! وفي الجهة الأخرى فهنالك صور مضيئة لسعوديين أبوا إلا أن يكونوا كرماء اخفياء ، فهذا رجل أعمال سعودي يرسل مبلغاً من المال ليحقق أمنية الحج لعجوز هندي يبلغ من العمر (130) عاما! وسيل من المساعدات المالية والعينية نشاهدها بفخر يوم تنشر محلياً مأساة عائلة تعيش في العراء، أو فقير عجز عن تسديد تكاليف علاجه أو أحد أطفاله الصغار! السبب الذي يجعلنا لا نسمع كثيراً عن الفئة الأخيرة، لأن أصحاب هذا التوجه يفضلون السرية التامة في أعمال طعمها الحقيقي يوم تكون سراً لا تعلم يمناه ما أنفقته شماله. أما ( الكرام الجدد ) فأخبار كرمهم لها صخيب مدو... فاسألوهم وحاوروهم بحوار وطني: ما قيمة الكرم إن كانت غمامته فوقي وعند سواي الخصب والمطر؟ فأنا لا أعرف جواباً لحيرتي... هل هو جزء من بذخ وفخامة إعلامية، أم هي صفقة سرية اختطفها صحفي مشاغب في سبق مثير؟ أسألوهم أرجوكم... ، فالأيام أيام حوار وطني، و لا يحق لي معها أن أقفز إلى نيات الناس أو أتهم أحدا بالبذخ أو الخيانة الوطنية!