السفه كما هو معروف قيام الإنسان بتصرفات غير طبيعية وغير معقولة وغير متزنة هي تصرفات رعناء تسيء لدينه أولاً ولشخصه ولمجتمعه وتقلل من قيمته بين أفراد مجتمعه. فالبذخ والإسراف وإنفاق المال في غير محله وبملايين الريالات وفي توفير أشياء لا تسمن ولا تغني من جوع في ظل وجود الكثير من المحرومين والمحتاجين والفقراء في مجتمعنا السعودي هو السفه بعينه. وديننا الحنيف وشريعتنا الإسلامية السمحة حرمت هذا النوع من السفه وإنفاق المال في غير موضعه، فالإنسان مساءل عن ماله يوم القيامة من اين اكتسبه وفيما أنفقه ولا يعني امتلاك المسلم لملايين أو مليارات من الريالات أن يعطيه حق التصرف به وانه حر في إنفاقه فيما يريد من متع هذه الدنيا الفانية وكيف ما شاء فقد خلفه الله ليكون حسن التصرف في إنفاقه وفي اوجه الخير والمنفعة فلا ينفقه على شهواته وملذاته ونزواته المريضة ومتعه الزائلة وقد شبههم الخالق عزو جل بالشياطين فقال تعالى: (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا) وقال تعالى:(وكلوا وأشربوا ولا تسرفوا) وقال تعالى:(ولا تبذر تبذيرا). عن الحسن الأنصاري: أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم(سألوه: ما أنفقنا على أهلنا؟ فقال ما أنفقتم على أهليكم في غير إسراف ولا تقتير فهو في سبيل الله) والتبذير هو إنفاق المال مع عدم توخي الوجه الشرعي فيه.. وقد استغربت كثيراً بل شعرت بكثيرمن الإحباط والقهر والألم لما وصل إليه حال بعض ممن وهبهم الله نعمة المال الوفير فينفقونه من غير حساب وفي قنوات تؤدي بهم إلى التهلكة والضياع والعذاب في الآخرة وبدلاً من أن تكون نعمة لهم تكون وبالاً عليهم. فقد طالعت خبراً تحت عنوان:(سعودي يدفع 136 ألف دولار ثمناً لزجاجة خمرة) في نادي كافالي أشهر وأرقى النوادي الليلية في دبي وهي زجاجة نادرة الوجود من أصل ثلاث زجاجات في العالم وبالتحديد في ناديين ليليين في امريكا ولندن، كما أن من ضمن نص هذا الخبر أنه أشار إلى أنه في أقل من شهر على قيام ملياردير سعودي آخر على دفع مبلغ 60 ألف دولار أمريكي لشراء قارورة شمبانيا فاخرة في إحدى حانات تشيلسي الإنجليزية. قمة الاستهتار وقمة التخلف وقمة السفه وقمة الانحطاط لمثل هذه التصرفات الطائشة، والمصيبة الكبر أنها جاءت من أشخاص ينتمون لهذه البلاد العظيمة والأرض الطيبة ارض الحرمين الشريفين فهم بذلك يسيؤون له قبل أنفسهم. إن صرف مثل هذه الألوف الطائلة على نزوة عابرة ومحرمة تحريماً شرعياً في القرآن الكريم فقال تعالى: (إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلأم رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه) ونسيا بان هنالك فقراء ومحتاجين وجياعا لرغيف الخبز وهم يهدرون مثل هذه الأموال ببذخ دون حسيب أو رقيب ولكن الله لهم بالمرصاد وسيحاسبهم على ذلك سواء كان ذلك في الدنيا أو في الآخرة. ومن هنا أرى ضرورة ان يحاسب أمثال هؤلاء على مثل هذه التصرفات الرعناء التي هي بطر النعمة من قبل الجهات الأمنية والشرعية المختصة فور وصولهم إلى أرض الوطن ومحاسبتهم فحرية الإنسان خارج وطنه لا تعني أن يسيء لسمعة الوطن وحتى يكونوا عبرة لغيرهم فالشرع له حرمة عظيمة يلزم احترامها وكذلك الوطن له حرمته والسعودي له سمعته التي تسيء إليه بهذه السلوكيات المنحرفة.