قال خبراء امريكيون في القانون: ان الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين قد يستخدم محاكمته بارتكاب جرائم حرب ليوجه رسالة معادية للامريكيين في العالم العربي ويحرج الولاياتالمتحدة ويكشف عن تأييدها القديم لنظامه. وصرح مايكل شارف الذي يرأس مكتب ابحاث جرائم الحرب في جامعة كيس وسترن ريزيرف بكليفلاند انه من المرجح ان يلجأ صدام الى نفس الاستراتيجية التي استخدمها الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش الذي استمرت محاكمته في لاهاي حتى الآن لاكثر من عامين. وقال شارف الذي الف كتابا عن ميلوسيفيتش: صدام قد يتولى الدفاع عن نفسه ويقضي سنوات وسنوات وهو يوجه للشرق الاوسط عبارات ادانة قوية مناهضة للامريكيين. كما يمكنه ايضا ان يضمن تحول المحاكمة الى احراج كبير للولايات المتحدة. سيحاول استدعاء كل الشخصيات الكبرى الممكنة كشهود بما فيهم شخصيات مثل دونالد رامسفيلد. وكان رامسفيلد الذي يشغل الآن منصب وزير الدفاع الامريكي قد زار العراق قبل 20 عاما كممثل خاص للرئيس الامريكي الاسبق رونالد ريجان داعيا لروابط عسكرية وتجارية وثيقة بين واشنطن وبغداد استمرت طوال الحرب العراقيةالايرانية من عام 1980 وحتى عام 1988 والتي اندلعت بعد عام واحد من قيام الثورة الاسلامية التي عادتها واشنطن. واستمرت هذه العلاقات الى ان غزا صدام الكويت عام 1990 . وساعدت واشنطن صدام وقدمت له المعدات العسكرية والمعلومات المخابراتية. وورد ايضا في وثيقة للمركز الامريكي لمكافحة الامراض حفظت في سجلات مجلس الشيوخ العام الماضي ان العراق حصل ايضا من الولاياتالمتحدة على عناصر بيولوجية يمكن ان تستخدم في الاسلحة. وكانت الولاياتالمتحدة في ذلك الوقت تؤيد العراق في حربه ضد ايران خصم واشنطن اللدود وغضت الطرف حين استخدم الرئيس العراقي السابق اسلحة كيماوية ضد القوات الايرانية وضد اكراد العراق. ويمكن لصدام ايضا من خلال محاكمته احراج قادة دول آخرين. فقد اقام الرئيس الفرنسي جاك شيراك علاقات وثيقة مع صدام ترجع الى عام 1974 وشارك في مفاوضات صفقة بيع مفاعلات نووية للعراق. كما مدت بريطانيا والمانيا وايطاليا وعلى وجه الخصوص الاتحاد السوفيتي السابق العراق بالكثير من المعدات والخبرات والاموال طوال سنوات. ولم يتحدد بعد شكل المحاكمة لكن صدام قد يواجه مجموعة من الاتهامات بارتكاب جرائم ضد الشعب العراقي وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية. واعلن الرئيس الامريكي جورج بوش يوم الاثنين ان محاكمة صدام يجب ان تكون نزيهة وعلنية على ان تجري بالتنسيق بين الولاياتالمتحدةوالعراقيين. وترى فيليس بينيس من معهد الدراسات السياسية وهو معهد مستقل ان محاكمة صدام ستكون فرصة لا فقط لمحاسبة صدام بل لدراسة تاريخ العراق على مدى 40 عاما. واقترحت بينيس ان تذهب محاكمة صدام الى ابعد من قضية سلوكه لتطرح سؤالا عن الذي مكنه ومول اسلحة الدمار الشامل هذه ومن قدم له الدعم ومعلومات المخابرات. هذا السيناريو هو بالضبط الذي يريد الرئيس الامريكي جورج بوش الذي يخوض العام المقبل انتخابات الرئاسة تفاديه وتوقعت بينيس ان تفرض واشنطن سيطرة كاملة على العملية وتضع التدابير التي تقلص فرص صدام في احراجها من خلال محاكمته التي سيتابعها العالم كله. ويقول ديفيد سيزاراني المؤرخ البريطاني الذي كتب السيرة الذاتية لادولف ايخمان الزعيم النازي الذي حوكم في القدس عامي 1961 و1962 عن جرائم ارتكبها ضد الانسانية: ان تلك المحاكمات لا تحقق الكثير خاصة فيما يخص الشعب العراقي نفسه. وقال: الطريقة التي تسير بها الامور في المحكمة لا تؤدي الى قول الحقيقة كاملة من البداية الى النهاية.