عزيزي رئيس التحرير تتمة لما كتبته الأخت وداد اللنقاوي بالعدد 11123 الصادر يوم الجمعة الموافق 14/10/1424ه في مقالها المميز تحت عنوان (العبقرية والبلاهة في الإعلان التجاري) الذي سلطت فيه ضوءا شديدا على واقع إعلاني بائس نشاهده يوميا صباح مساء يركز وبشكل ملفت على سذاجة المستهلك (المشاهد) ويفترض ابتداء ومع سبق الاصرار والترصد عدم قدرته على التمييز. وبادئ ذي بدء فان الاعلان فن ولذا يعرف بأنه فن إغراء الأفراد على السلوك بطريقة معينة. وللاعلان عناصر أساسية ومنها: ان يقتنع المستهلك بما جاء في الرسالة الاعلانية فليس هدف المعلن عن سلعة جديدة هو مجرد اخبار المستهلكين عن ظهورها في الاسواق بل الهدف النهائي هو اقناع المستهلك بشراء واستخدام تلك السلعة الجديدة فوظيفة الاعلان لاتنتهي عند حد توصيل معلومات معينة بل الأهم هو احداث آثار محددة تتخذ شكل معان ومفاهيم يقتنع بها المستهلك ويتصرف في السوق وفقا لها. وعنصر آخر مهم وهو محاولات التأثير والاغراء ولذا فان الاعلان ينقسم الى اعلان تأثيري persuasive واعلان اخباري formative والاختلاف بين النوعين هو خلاف في الدرجة وليس خلافا في النوع بمعنى ان الاعلان التأثيري يهدف الى التأثير على المستهلك بطريقة مباشرة وسريعة في حين ان الاعلان الاخباري يصل الى ذات النتيجة ولكن بطريقة غير مباشرة وأقل سرعة. ومن العناصر الأساسية للاعلان استخدام وسيلة متخصصة في توصيل المعلومات من المعلن الى المستهلك وتكون تلك الوسائل مطبوعة او مسموعة أو مرئية ولذا فان اختيار الوسيلة الاعلانية media selection من أهم الامور في ادارة الاعلان الحديثة لكون ان كل وسيلة اعلانية لها قدرة وفعالية محددة تتفق مع بعض انواع الاعلان دون غيرها. وينقسم الإعلان حسب الهدف منه إلى قسمين : 1- اعلان اولى primary حيث يهدف الى ترويج مبيعات سلعة او منتج بغض النظر عن الماركات المختلفة ومثال ذلك حين تهدف مجموعة من منتجي الالبان الى ترويج شرب اللبن دون ذكر ماركات معينة في الاعلان وفي هذه الحالة ينصب الاعلان على السلعة ذاتها دون ماركاتها المختلفة. 2- اعلان اختياري selective وذلك حين يهدف الاعلان إلى التأثير على المستهلك لشراء او استخدام ماركة معينة دون غيرها. وللاسف الشديد فان غالب ما يعرض من مواد اعلانية مقروءة (مطبوعة) او مسموعة او مشاهدة تفتقد للاسلوب العلمي الذي يخضع لمنطق التخطيط والتنظيم والرقابة باعتباره برنامجا متكاملا يتطلب توازنا في المكونات وتناسقا في العناصر لاحداث الاثر النفسي المطلوب في المستهلك ومن ثم تحقيق الاثر الاقتصادي. ولعلي اجدها فرصة سانحة لأذكر بعض الامثلة التي توضح العشوائية في الاعلانات وخاصة المقروءة (المطبوعة) منها والتي تعطيك اخي القارئ الكريم تصورا عن مدى العبثية في فكرتها واخراجها وتنفيذها واللامبالاة في طرحها للجمهور : 1- لاتجد تناسبا البتة بين النشاط الاستهلاكي وبين كثير من اسماء المؤسسات او الشركات او المشاريع. 2- الهدر المادي في اللوحات الاعلانية ويكون ذلك في صور عديدة منها : عدم تناسب حجم اللوحة مع المحل التجاري فربما تجد المحل صغيرا واللوحة كبيرة او العكس وكلا الامرين ذميم ولا يحقق الهدف المطلوب، الاهتمام بشكل كبير بتصاميم اللوحات ببرامج الحاسب الآلي ك (الفوتوشوب) والتي تمتلئ بالالوان والاشكال ويضيع تبعا لذلك اسم المحل وشعاره ونشاطه، المعلومات الكثيرة في اللوحة الواحدة مثل الاسم والشعار ورقم التلفون والفاكس والبريد الالكتروني وصندق البريد ورقم الترخيص والسجل التجاري وغني عن الذكر ان اللوحة بهذا الشكل قد تحولت للمشاهد كمن يقرأ صحيفة حائطية وهو يسير بسرعة 180 كم في الساعة!!، ومن الصور السلبية التركيب الخاطئ للوحات وتنافس اصحاب المؤسسات المتجاورة فكل يبرز لوحته على حساب الآخر ولذا فانك تجد بعض الشوارع التجارية تبدو وكأنها حدائق معلقة من اللوحات وهذا بلاشك من التلوث البيئي الذي يحتاج من جهات الاختصاص وضع حد له. 3- الاعلانات الورقية ومنها (البوسترات) و(البروشورات) و(المطويات) وغيرها فبعض المؤسسات تنتج منها كميات هائلة ويلحظ عليها ما يلي/ عدم تناسب المادة الاعلانية مع رسالة المؤسسة وأهدافها، فقدان التخطيط ومن ثم الاهداف في اعداد المادة وتصميمها واخراجها ومن ثم طباعتها وعدم اختيار التوقيت المناسب للحملة الاعلامية، العشوائية في التوزيع ينتج عنه تكدس وفائض في مناطق وخلو مناطق اخرى، لاتلحظ وجود فئة مستهدفة من الاعلان، التنافس في الشكل الفني مع فقدان المضمون، رداءة الطباعة، تكرار الاعلان ذي الهدف الواحد من اكثر من مؤسسة كاعلانات الهيئات الخيرية لمشروع افطار صائم مثلا وعلى صلة بالموضوع فانني احيي الهيئات الخيرية بمحافظة الاحساء التي تجاوزت التكرار في الاعلانات الآنفة الذكر حيث اشتركت جميعها في اعلان واحد هذا العام في شهر رمضان المبارك ولا شك انها خطوة موفقة ومباركة في الطريق الصحيح. بقي أن اذكر في الختام ان المرجع للمعلومات العلمية هي من كتاب (الاعلان) للدكتور علي السلمي، مع تحياتي العبقة وتمنياتي لكم بالتوفيق الدائم والسداد. وليد بن سليم السليم