يرى خبراء اقتصاديون انه يمكن لشركات الهاتف الجوال الثلاث ان تعول على تحقيق ارباح واسعة في العراق كونها تمثل البديل الوحيد لشبكة الهاتف الثابت التي دمرت خلال الحرب، في حال عدم تعرض منشآتها لعمليات على يد مقاومي الاحتلال. ويقول المحامي محمد الروبي الذي يعمل في مكتب محاماة وتوجد بين زبائنه شركات عديدة للاتصالات وتجهيزاتها، "تجاريا سيمثل ذلك نجاحا". ويضيف: "في البداية، يجب اصلاح شبكة خطوط الهاتف الثابت الكبيرة". اما هاتف الثريا عبر الاقمار الصناعية، فله حدوده، لانه لا يلتقط المكالمات في الاماكن المغلقة كما انه باهظ الثمن. ويجب دفع 600 دولار للحصول على جهاز الثريا ويبلغ سعر دقيقة المكالمة به دولارا واحدا في بلد يقل متوسط الراتب الشهري فيه عن 150 دولارا. ويتابع المحامي: "سينتشر نظام جي اس ام بطريقة اسرع من الثريا بالنظر الى كونه اقل سعرا"، مشيرا الى ان عدد المشتركين في الثريا في العراق يبلغ 60 الفا. ومن شأن نظام "جي اس ام" الذي يترافق مع امكانية ارسال رسائل "اس ام اس" عبر الهاتف الجوال ان يزيد من الاقبال على شراء الهاتف الجوال. ويقول طبيب العيون عبد الله عبد الستار الذي يعول ايضا على النظام الجديد لتنظيم مواعيده بشكل افضل: "سأكون اقل قلقا على ابنتي عندما تكون في الجامعة". ومن المتوقع ان يطلق الهاتف الجوال منتصف الشهر الجاري بقدرة استيعاب مبدئية تبلغ 125 الف مشترك، ويمكن ان تصل الى 400 الف مشترك بعد شهرين من ذلك التاريخ. ومنحت التراخيص لشركات الجوال لمدة 24 شهرا. ويتوقع محمد الروبي ان يتم استرداد قيمة الاستثمار "قبل نهاية" مدة الترخيص. واختيرت الشركة المصرية "اورسكوم" لتشغيل شبكة الجوال في المنطقة الوسطى التي تشمل بغداد، وشركة "اسيا سل" للشمال وشركة "اثير تل" للجنوب. ويملك اغلب اسهم الشركتين الاخيرتين مستثمرون كويتيون. واعلنت شركة الهاتف الجوال الكويتية للاتصالات (ام تي سي فودافون) الاسبوع الماضي تأخيرا في اعمالها في الجنوب بسبب غياب الامن، غير انها وعدت بأن المشروع سينفذ في آجاله المقررة. واعلنت كل من "اورسكوم" و"ام تي سي فودافون" استثمار ما لا يقل عن 100 مليون دولار في هذه المشاريع في العراق. غير ان نشرة "ميس" الاقتصادية المتخصصة التي تصدر في نيقوسيا استبعدت الانتهاء من اعداد شبكة الهاتف الجوال في العراق قبل نهاية العام "لان توقيع العقود تأخر بسبب تحقيق تقوم به وزارة الدفاع الامريكية في اتهامات بوجود تلاعب في اسناد التراخيص". وكانت ال "فايننشال تايمز" البريطانية قد اشارت الى ان تحقيقا شمل مسؤولين في التحالف ووزير الاتصالات حيدر العبادي بشأن اتهامات بالفساد تتعلق بعقد اورسكوم. ونفت اوركسوم وشركاؤها وكذلك الوزير العراقي هذه الاتهامات. ومنذ يوليو الماضي، تدير شركة "ام سي آي" الامريكية خدمة هاتف جوال خاصة بعشرة آلاف عسكري في التحالف وعراقيين يعملون مع سلطة التحالف.والعراق هو البلد الوحيد في المنطقة الذي لا يملك شبكة هاتف جوال. وشبكة الاتصالات هي البنية التحتية الوحيدة التي يقر التحالف بأنه قام بضربها خلال الحرب على العراق كونها كانت تستخدم لغايات مدنية وعسكرية. وتم اصلاح خطوط الهاتف الثابت بين البلدات ضمن المنطقة نفسها. غير ان 12 محولا من 38 تربط 240 الف خط من 540 الفا في بغداد لا تعمل، بحسب الوكالة الامريكية للتنمية الدولية التي تشرف على اعادة الاعمار. وفي سنة 2002، كان هناك حوالي مليون و200 الف مشترك في الشبكة الثابتة العراقية اي بمعدل اربعة خطوط لكل 100 ساكن مما يمثل معدلا متدنيا عن معدلات المنطقة. وكانت الاتصالات سيئة قبل الحرب، وتعود محولات الهاتف الى السبعينات. ولم تساعد العقوبات الدولية التي كانت مفروضة على العراق قبل الحرب في تحسين هذا الوضع.