عشت لحظات مقتل والدي.. وآخر ما نطق به هو: الشهادة.. شهادة ان لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله بعد ان اصابه رصاص القتلة المجرمين. بهذه الكلمات العفوية البسيطة والعميقة ايضا عبر (نواف) ابن الشاعر الراحل طلال الرشيد الذي فقدناه الساحتان الأدبية والاعلامية يوم الخميس الماضي في الجزائر بعد تعرضه لوابل من الرصاص على ايدي جماعة مسلحة. عبر نواف عن حزنه الشديد وجرحه العميق جراء ما اصابه من مقتل والده الذي أسس مجلة (فواصل). ما اهم خصال والدك الشاعر طلال الرشيد؟ كثيرة هي خصال والدي طلال الرشيد الحميدة، كان متوهجا لامعا، تمكن في زمن قليل ان يصنع لنفسه اسما جديرا بالاحترام والثقة.. وحقيقة انهم قلة من يتمتعون بخصاله في هذا الزمن، الا انه غادر للقاء ربه وسيبقى حاضرا في ذاكرة من عرفوه عن قرب واشعاره ستظل شاهدا على الاحداث التي وقعت... وعرف عنه رحمه الله انه كان يتواضع للجميع يحترم الكبير ويوقر الصغير، وبشوش يحب فعل الخير وكان محبوبا من جميع جيرانه واصدقائه. @ هل كان اهتمامه منصبا على الشعر فقط؟ أم كانت له اهتمامات أخرى؟ لم يكن ابي محصورا في ازقة الشعر العامي او الغنائي بل كان حاضرا في كل المناسبات الوطنية وصاحب ديوانية شبه اسبوعية تكتظ بالمثقفين والأدباء وعرف بمواقفه الانسانية التي لاتنسى.. قال نواف ل(اليوم): انه لايمكن ان ينسى فجيعته في مقتل الده والذي كان بالنسبة له صديق واخ وليس مجرد والد حنون على ولده. واضاف نواف: حينما تعرض ابي للهجوم الاجرامي كنت في سيارة اخرى وسمعت صوت الرصاص يجلجل من بعيد لكني لم اتوقع ان يكون ابي هدفا لمسلحين او غير مسلحين وهو الذي عرف بمواقفه الانسانية تجاه كل من عرفه وتعامل معه. @ هل كان والدك قريبا منك؟ أبي كان قريبا مني واشعر بالمرارة والفراغ لفقده فهو خسارة كبيرة ليس لي فقط بل لجميع اصدقائه وذويه وكذلك الساحتان الشعبية والاعلامية. رحم الله والدي رحمة واسعة.. فانني فقدت بفقدك صديقا قريبا، فقد كنت تشعرني دائما بأنك لست والدا فحسب، بل صديقا صدوقا، اكاشفك بأسراري وتكاشفني انت بأدق تفاصيل حياتك. بفقدان ابي نكون فقدنا احد الاشخاص المعروفين بحبهم وتفانيهم في مساعدة المحتاجين فبالرغم من تخصيصه أكثر من صفحة في مجلة (فواصل) تعنى بالامور الانسانية الا انه يعتبر من اوائل المتصلين بالصحف للسؤال عن الحالات الانسانية المنشورة فيسأل عن اوضاع تلك الاسرة او ذلك المريض ويتقصى امورهم ولم يبخل بمساعدتهم تحت مسمى (فاعل خير) وكان شرطه الوحيد ان لايذكر اسمه بتاتا عند تقديمه أية مساعدة مالية. @ ما الجديد الذي اضافه والدك للمجلات الشعبية؟ يعتبر والدي مؤسسا للمجلات الشعبية وهو اول من وضع زاوية (ارحموا من في الأرض) في مجلة (فواصل) لقد كان يأخذ تقارير الناس التي تأتي في هذه الزاوية ويذهب بها الى المسؤولين، يتابع ويراجع حتى يحصل على اوامر علاج لهؤلاء، لقد مات كما يليق بفارس شجاع، شهيد، كما يليق بمؤمن، ونحسبه شهيدا كالمطعون والمبطون كما جاء في الحديث الشريف. @ هل من كلمة اخيرة؟ اقول لوالدي: لقد فقدت شيئا كبيرا بفدك ايها الرجل الطيب، لقد تركت بصمات واضحة في مسيرة حياتك سوف يذكرها لك الجميع، وتركت ذكرى عزيزة لايمكن ان تمحى بسهولة. يا أبي.. بموتك تركت شجنا كبيرا في نفوس الآخرين، اما عندما يموت شخص مثلك تمتلئ حياته بالعبر والعظات والعطاء، فان ذلك يمثل خسارة كبيرة لاتعادلها خسارة. @ كيف ترى الساحتين الشعبية والاعلامية بعد غياب والدك الشاعر والاعلامي طلال الرشيد؟ لقد فقد الشعر احد رواده الكبار، وفقدت الانسانية رمزا من رموزها العظام، وفقد الكرم واحدا من رجالاته البارزين وفقد الرجال صديقا وفيا مخلصا ومعطاء، كان رمزا للشهامة والرجولة. لقد فقدت الساحة الشعبية، واحدا من ابرز الذين اثروها بعطائهم الشعري الغزير فهو شاعر شعبي ذو تجربة فريدة عانقت السماء وقطفت عناقيد العنب الناضجة منذ الثمانينات وزينها حضوره القوي في مطلع التسعينات عندما اصدر مجلة (فواصل) لتصبح فيما بعد واحدة من انجح المجلات العربية الشهرية وتحوز على المرتبة الاولى في تصنيف المجلات العربية السنة الفائتة والذي لم يمت وسيظل محفورا بعطاءاته في القلوب.