عزيزي رئيس التحرير.. اليوم هو اخر يوم من شهر رمضان المبارك وتحديدا الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل كنت متجها للسوق ومصطحبا معي تلك الاكياس اللامعة والتي بها بعض الملابس الداخلية الجديدة وبعد وقت ليس بالقصير حصلت على موقف بعد ذلك اتجهت ناحية ذلك المحل الذي اشتريت منه الملابس لقد تهت لكثرة تشابه المحلات ومن زحمة الناس سبب لي الارتباك. فجأة سمعت شخصا ينادي باستمرار صديق.. صديق، التفت واحدقت طويلا حينها اكتشفت انه الشخص الذي اشتريت منه الملابس.. اين انت يا رجل لقد بحثت عنك طويلا لقد اعطيتني ملابس زبون اخر كل الملابس ذات حجم صغير، وبعد ان غيرت الملابس وقد شارفت الساعة على الثانية والنصف فجأة رن هاتفي المحمول: الو.. الو، اهلا.. كان المتصل احد الاصدقاء لقد اخبرني ان غدا هو اول ايام عيد الفطر السعيد وان الافطار سيكون "فول وعدس" في احد المطاعم سوف اكافىء معدتي بعيدية لن تنساها ابدا. المهم توجهت الى احدى محطات الوقود كي املأ خزان سيارتي وكالعادة دائما اكرر تلك الكلمة (فل) التفتت عيناي ووقعت على تلك الشاحنة التي كتب عليها بعض الجمل وبخطوط ملونة ومن بعض تلك الجمل: (ساهر الليل وحداني. مسافر ولا ادري وين رايح). وجملة قد اختفى لونها وتحمل معاني عظيمة ذكرتني تلك الجمل عندما كنت صغيرا وبصحبة والدي وكلما سألته عما هو مكتوب على هذه الشاحنة وتلك اجابني بتهرب: انها امثال شعبية يابني وفي الحقيقة كانت ابيات غزلية وشعرية. لقد كان عندي حب الفضول في كل شيء واحب دائما ان اكتشف ما يدور من حولي على صغر سني حتى عندما اذهب مع والدي في العيد الى بيت احد اعيان الحارة و الذي امتلأ بيته بالمهنئين بالعيد تجدني الولد الصغير الوحيد الجالس في ذلك الكم الهائل من الرجال.. لقد كان المجلس عامرا بتلاحم اهل الحارة وبتواصلهم وتوادهم ببعض. لم يعد هذا التلاحم موصولا في هذا الزمان لقد كان الكل مبتسما لم يشدني من كل ذلك سوى ذلك الرجل المسن الذي تجاوز عمره الستين سنة استمعت لما يقول من حكايات وقصص ابائنا الاولين. لقد كان الحديث ممتعا جدا ولم يخل الحديث من بعض المزحات عندها خاطبني احد الرجال الجالسين بجانبي قائلا: كم من العيدية جمعت؟ اخرجت من جيبي عددا لا بأس به من الريالات لقد كانت ريالات غالية جدا.. عندها ابتسم الرجل واخرج محفظته واعطاني عشرة ريالات لم اتمالك نفسي من الفرح كانت تلك العشرة في نفس عمري ذا السنوات العشر. كم من عشرات السنين مرت وكم من عشرات الريالات في الاعياد قلت لم يتبق سوى الريالات وان وجدت يا لها من ايام واناس قد رحلوا لن ولم يجود الزمان بمثلهم. يبدو اني قد سرحت كثيرا حينها قد اخذ عامل المحطة يضرب صندوق سيارتي بيده ما معناه ان الخزان قد امتلأ (خلاص صديق فل). تحركت ونظرت لساعتي ادركت ان الوقت يداهمني بسرعة وتوجهت للحلاق الذي احلق عنده فوجدته ممتلئا بالزبائن مررت على تسعة حلاقين لم اجد لي عندهم مكان وعند الحلاق رقم عشرة وجدت بداخله عددا لا بأس به من الزبائن عندها خرج الحلاق عند الباب وكان شكله مرعبا وهو يلوح بالموس في يده ويناديني. بلعت ريقي ورضخت للامر الواقع ودخلت وجلست كباقي الزبائن نتصفح تلك المجلات التي مضى عليها ربع قرن من الزمن طال الوقت كثيرا وغلبني النعاس واخيرا جاء دوري جلست على الكرسي وسلمت رقبتي لذلك الحلاق وتشهدت وبدأ صاحبنا بعمله. فجأة تعالى صوت تفحيط.. سألت الحلاق من الذي يزعج الناس ويفحط في هذا الوقت اجابني بانه دائما في هذا الوقت من كل ليلة يقوم احد الشبان بالتفحيط. طأطأت رأسي له وطلبت له الهداية، كانت سيارته نفس سيارتي في النوع والموديل واللون. بعد ان انتهى الحلاق من حلاقة ذقني لم يتبق الا شاربي سألني هل تريد ان احلق شنبك بشكل جديد فقلت له شكرا اريده كثيفا هكذا فاصر صاحبنا بحلاقته واقنعني بحلاقته بالماكينة وتحديدا رقم واحد وان شكلي سيكون اخر موديل وحين فرغ من حلاقتي نظرت للمرآة فوجدت نفسي وكأني دجاجة منتوفة الريش. عندها قررت ان انصرف.. كم الحساب يا صديق؟ فقال لي عشرة ريالات.. لم استغرب ما طلبه من مبلغ لان صحبة الرقم عشرة اصبحت تطاردتني في كل مكان. ركبت سيارتي ووضعت شماغي جانبا وبعد دقائق لاحظت سيارة الشرطة تسير من خلفي فاوقفني الجندي وقال لو سمحت الرخصة والاستمارة وتفضل معانا سألته عن السبب فقال لي: اني فحطت منذ قليل حاولت اقناعه باني لست الشخص المطلوب فاصر باني هو ولم تفلح محاولاتي واخذني للتوقيف كي اخذ جزاء فعل غيري كان التوقيف شبه ممتلء بالزبائن المفحطين جلست لوحدي اتحسر الكل يعيد عند اهله واصدقائه وانا اعيد هنا. حينها رأيت شخصا يقترب مني ظننت اني سأتعرض لمضايقاته لكنه جلس بجاني وسألني يبدو ان الاخ موظف في شركة الاتصالات فاجبته بخوف نعم نعم.. فقال لي ممكن تشوف لنا رقم مميز يا الاخو! @@ عون علي الملا الاحساء