لا بأس ان اقطع سلسلة المقالات التي بدأتها في الأسبوع الماضي عن حاجات الشباب لأشرع بالكتابة عن موضوع يستجد على الساحة المحلية وله ابعاد عالمية على حد سواء ألا وهو موضوع الإرهاب فالمتغيرات متسارعة في هذا العصر المحموم بصراع الايدلوجيات والأفكار المغلوطة التي طالت فئة من شبابنا من الذين غرر بهم وانجرفوا وراء التيارات الهدامة والتي لا تؤدي إلا لتعطيل حركة التنمية المحلية التي تسعى اليها الحكومة بكل سواعدها للنهوض بالإنسان السعودي في كل مجالات التنمية الإنسانية. ظاهرة الإرهاب بمفهومها العالمي والذي تحاربه كافة الدول بحاجة الى وقفة مشتركة من كل دول العالم وما العولمة إلا وسيلة لمحاربة مثل هذه الظواهر المشتركة وغيرها كالمخدرات وغسيل الأموال وتجارة الرقيق والظواهر المشتركة التي لا تستطيع أية دولة بمفردها القضاء عليها حتى وان كانت دولة عظمى. لذا كنت أتمنى ان يتم توظيف جانب من جوانب العولمة لمعالجة مثل هذه الظواهر من أجل القضاء عليها بدلا من الاستسلام لنظرية المؤامرة المطلقة والتي تؤجج مفهوم الأمركة وصراع الحضارات ومبدأ سيطرة الدول الغنية على الفقيرة وغيرها من الاعتقادات التي تحتاج الى تشريح معمق للوصول الى مدى صحتها إذ لا تزال مسلمات وفرضيات لم تثبت صحتها. والمملكة جزء من هذا العالم المتعولم الذي لم يعد له حدود للفكر والأفراد ورؤوس الأموال ولقد ساعدت ثورة المعلومات على انتقال الفكر دون قيود او حدود حتى طالنا ما طال غيرنا من الأفكار الهدامة والتي أصابت مجتمعاتنا التي طالما يضرب بها المثل على انها من أكثر المجتمعات أمنا وسلما وستعود الى ما كانت عليه بإذن الله. وقد يتساءل البعض لماذا المملكة دون غيرها وفي هذا الوقت بالتحديد؟ ولعلي اجيب بان الإرهاب لا مكان ولا زمان له ولا يختلف اثنان على انه لا ترمى إلا الشجرة المثمرة فالمملكة بسياساتها الهادئة وجهودها التي سعت من خلالها الى تنمية المجتمعات الإنسانية في شتى بقاع الأرض ومكانتها السياسية التي تحظى باحترام المنظمات الدولية وتجاوزا لذلك مكانتها الدينية واحتضانها لقبلة المسلمين قاطبة ومهد الرسالة المحمدية. كل هذه الأسباب مجتمعة تسببت في قلق الكثيرين ممن يقف وراء تصدير الفكر المنحرف الى مجتمعاتنا والتي جعلت من المملكة هدفا للعمليات الإرهابية التي تسعى الى تقويض هذه المكانة. ودعونا نتساءل سويا أي أصلاح يهدف اليه مثل هؤلاء المجانين والذين يعتقدون ومن وراءهم بانهم بهذه الأساليب الهجمية التي يرفضها كل دين وعقل سحيققون ما سيصبون اليه من أهداف وضيعة واستنكر مطالبهم فأية مطالب تأتي من مثل هؤلاء إذ يتبع أسلوب ترويع الآمنين أيا كانت ديانتهم او جنسياتهم لا يمكن ان تكون مطالبهم إصلاحية فهناك تناقض كبير بين الأسلوب والهدف مما يجعلنا نخلص لأن مطالبهم ومفهومهم للاصلاح ما هو إلا صنيع أساليبهم البراجماتية والمرفوضة من كل عقل ومنطق. وأيا كانت مطالب مثل هؤلا فباعتقادي انها لا تهدف إلا الى جرنا الى الوراء لقرون والى عهود الظلام والتخلف تشبها بمن يعيش في كهوف الجبال المظلمة رافضين الآخر بكل تجلياته بل لهم الرغبة في العيش منفردين ومنعزلين عن عالما لا تفصله حدود. المبدأ الذي يرفضه الدين الإسلامي الذي يدعون انهم ينتسبون اليه الدين الذي يأمرنا بالتعايش والفهم المشترك مع الآخر حتى يئن له التسامح الذي يمليه علينا الإسلام. أي دين هذا الذي يستبيح حرمة المسلمين من نساء وأطفال دون تفريق بل أي دين الذي يجيز قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق.. تساؤلات وعلامات تعجب كثيرة لا استطيع ان أجد لها تفسيرا من هكذا سلوكيات. قد أضحكوا علينا العالم بمفهومهم.. نعم لقد شوهوا سماحة الدين الإسلامي بل واجتثوا الدعوة الإسلامية العالمية بجرهم المنظمات الإسلامية في الخارج الى الوراء لقد أضروا المسلمين في بقاع الدنيا بل أسهموا بحرمان المسلمين من المؤسسات التعليمية والخيرية التي يستفيد منها الملايين من أبناء المسلمين في كافة أرجاء العالم.. لقد ضيعوا جهود سنين عديدة امضاها أهل الخير من هذه البلاد وغيرها لمساعدة وإعانة المسلمين. لقد شوهوا صورة الإسلام بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.. وماذا بعد ذلك. ألم يستخلف الله سبحانه وتعالى بني آدم ليعمروا الأرض ومن هذا المنطلق ألم تأمرنا الشرائع السماوية بان يكون لكل إنسان رسالة في هذه الحياة يتحدد من خلالها شخصيته التي على أساسها يريد ان يتعامل معه الآخرون من خلالها.. أليس من الواجب الديني ان يكون لكل مسلم هدف في هذه الحياة يتحقق من خلاله ما اوجبه الله علينا عندما استخلفنا في هذه الأرض.. أليس من المفترض ان يكون هناك أساس صلب لهذه الأهداف تتمثل في قيمنا ومبادئنا الإسلامية.. أين كل ذلك مما اقترفته هذه الأيادي والتي لم تخلف لنا إلا الدمار على خلاف ما أمرنا الله به. ينشدون الإصلاح المصطلح الذي لا يدركون له معنى فمسيرة الإصلاح بالمفهوم السليم لم تتوقف قط هل يريدون الإصلاح بين عشية وضحاها.. بل ما مفهومهم للإصلاح؟ هل في تحقيق مصالحهم الشخصية ونزواتهم الشيطانية؟ هل هذا من الإصلاح في شيء؟ هل يأتي الاصلاح من ذلك القابع في لندن يثير الفتنة ويضلل الجهلة من العامة بتوظيفه أداة العولمة في تحقيق أهدافه المدمرة من خلال ايصاله سمومه الى شباب الأمة؟ هل من الإصلاح في شيء تأليب الناس على ولاة أمورهم وإشاعة الفوضى في المجتمعات؟ هل من الإصلاح جمع المرتزقة والخارجين عن الاطار المجتمعي ليتحدثوا بصوت مسموم يشيع الفساد في الأرض.. اجزم بان لهؤلاء مقاصد شريرة ومنافع غريزية لم يتمكنوا من تحقيقها في إطار العمل المجتمعي المتماسك من الداخل ولذلك هرعوا الى الخارج كالجرذان الجرباء جراء شعورهم باليأس الذي دفعهم لمثل ذلك. ومضة: (لست أخاف على أمتي من رجل مؤمن ورجل كافر فالمؤمن يحجمه إيمانه والكافر يقمعه كفره ولكني أخاف من منافق عليم الكلام يقول ما تحبون ويفعل ما تكرهون) (حديث شريف).