أمسك علي جبار بعجلة القيادة وطلب منه المدرب الهدوء. لكن كيف يمكنه ذلك وسط السيارات المندفعة بجواره في هذا الشارع المزدحم في بغداد في اول درس يتلقاه لتعلم القيادة.. وبعد لحظات واجه جبار (18 عاما) زحمة مرورية. استخدم السائقون ابواق سياراتهم واشاروا لبعضهم البعض بغضب. وكادت شاحنة تفصل المصد الامامي لسيارة جبار. قد تكون العاصمة العراقية اصعب مكان في العالم يمكن فيه تعلم القيادة، فالحوادث تسوى بقبضة اليد او بالبندقية. واغلب اشارات المرور لا تعمل والسائقون يتجاهلون ما يعمل منها. ولا يجد العراقيون غضاضة في مخالفة اشارات المرور الحمراء او السير في عكس الاتجاه او حتى السير على ارصفة العديد من الجسور في بغداد. فبعد عقود من الحكم الدكتاتوري في عهد صدام حسين عندما كانت عقوبة مخالفة اشارة المرور السجن يبدو ان العراقيين سعداء بمخالفة التعليمات خاصة المرورية. ولدى العراق قواعد مرورية وشروط للحصول على رخصة قيادة لكن السائقين في بغداد يتجاهلون الكثير منها اذ يدركون ان الشرطة لديها جرائم واعمال عنف اكثر خطورة تشغلها عن معاقبتهم على مخالفات مرورية بسيطة. وتبدو مدارس تعليم قيادة السيارات في بغداد مثل شيء خارج عن السياق، ويقول زياد خالد حسن مدير مدرسة الرياض لتعليم القيادة وهي واحدة من نحو 10 مدارس في بغداد التي يقطنها خمسة ملايين نسمة: الناس تقود سياراتها بهذه الطريقة بسبب غياب القوانين حتى المتعلمون يفعلون ذلك. وبالطبع يكون تلاميذنا متوترين وأضاف قبل بضعة اشهر قطع الطريق على تلميذ ومدربه. هاجمهم ثلاثة مسلحين وسرقوا السيارة. المدرب ترك العمل بعد ذلك كان خائفا جدا . ومما زاد من الفوضى المرورية تدفق السيارات الجديدة على العراق في ظل غياب القواعد الجمركية بعد سقوط حكم صدام ورغبة العراقيين في التباهي بسرعة سياراتهم المرسيدس والبي.ام.دبليو. ولدى مدرسة حسن ست سيارات جميعها تحمل لافتات كبيرة على سقفها توضح انها سيارات تعليم. وقال ان المدربين يحاولون تعليم التلاميذ قواعد المرور. ويتضمن البرنامج التعليمي الذي يتكلف 20 دولارا 24 ساعة مقسمة بين القيادة والدروس النظرية. وتستقبل مدرسة الرياض نحو 60 تلميذا كل يوم. واكدت نور (20 عاما) التي تدرس الادب الانجليزي وتجلس في غرفة انتظار مدرسة الرياض انها لا تشعر بالتوتر. لكنها كانت تبدو ابعد ما تكون عن الاطمئنان قبل ان تخرج الى الشارع لتعلم القيادة. وقالت انها لن تقود السيارة في الليل.. وأضافت لا يعنيني بقية الناس في الشارع. اريد تعلم القيادة فقد سئمت من استخدام سيارات الاجرة. ويواجه رجال شرطة المرور مهمة صعبة في بغداد فالعديد من السائقين يتجاهلون وجودهم.. وقال شرطي يحاول السيطرة على مفرق طرق لقد جن الناس لا احد يتبع القواعد. هذه هي الصعوبات التي نواجهها كل يوم وأضاف: لكني لا ألوم الناس فقد عاشوا مقموعين 35 عاما وبعد ان انحسر الزحام اسرع جبار مكتسبا مزيدا من الثقة. حتى انه تجاوز سيارتين ولم يعلق المدرب. وقال جبار: هذا احساس رائع لم اعد خائفا لكن اذا كان جبار يحتاج الى تذكرة بمخاطر القيادة في بغداد فليس عليه سوى إلقاء نظرة على ساحة المدرسة المليئة بالسيارات المحطمة.