عندما يشهر رشيد الحلاق ابو شادي السيف يسود الصمت في مقهى النوفرة في أحد أحياء دمشق القديمة ويقول ( صلوا على النبي ) ثم يبدأ بسرد حكاياته وسط متابعة واهتمام الحاضرين الأوفياء له رغم كل وسائل الترفيه الحديثة ويعود بهم الى عوالم الشرق الساحرة الى أيام ألف ليلة و ليلة وحكاية عنترة بن شداد و الظاهر بيبرس و الزير سالم و سيرة بني هلال، هذه الحكايات التي ضاعت في زحمة المسلسلات ويجيب ابو شادي ساخراً (أهلين مسلسلات) مشيرا بيده الى بعض الجالسين محدداً عمل كل منهم، الصيدلي والمهندس والضابط وصحفيين من المانيا ويقول بفخر ان هذا الجمهور كل يوم يزداد وهذا ما يدفعني للبقاء بهذا العمل الذي أمارسه منذ خمسة عشر عاما. ويتحدى أبو شادي التلفاز ووسائل الترفيه الحديثة لأن الجمهور كما يقول يبحث عن الجديد والجديد كما يعتقد صار في القديم المحدود والنادر الحضور لأنه (مثل الذهب كل ما جليته يزداد جودة). ويمتلك أبو شادي حس الدعابة والثقة بالنفس والأداء السليم والأسلوب المشوق في سرد الحكاية وقد أضاف الى أدوات الحكواتي - المقتصرة على اللباس الشعبي التقليدي والكتاب والسيف يقبض عليه دائما في يده اليمنى - أسلوبه المشوق، فبين وقت وآخر يضرب بشدة على قائمة معدنية فيجعل الجميع في انتباه إليه كما تتعالى صيحات العاملين في المقهى تجاوبا معه مدركا أن جمهور الحكواتي اليوم ليس جمهور الأمس الذي كان يذهب الى بيت الحكواتي حتى يكمل له الحكاية ويخرج عنترة من قصر النعمان ويعود بالإبل مهراً لعبلة تتعالى أصوات الجمهور (حيوا عنتر ) . في كل ليلة من ليالي رمضان يجدد ابو شادي الحكاية ويتجدد الجمهور الذي يعود الى تلك الأجواء هربا من ضجيج الحياة المعاصرة وزحمة المحطات الفضائية . فهل يرجع الناس القهقرى ويعودون إلى الماضي الجميل؟؟ إلى زمن (أبو زيد الهلالي) وحكايات الأبطال والفتوحات الإسلامية؟ هل يرغب الناس في العودة إلى منابع التراث الحقيقي، والذي يسعى لربطهم بماضيهم الجميل، وتاريخهم المشع؟ إذا كانت هذه الرغبة حقيقية فسيجدونها قطعاً. كل ما هنالك أن يتوجهوا إلى مقاهي دمشق العتيقة، حيث سيف (أبو شادي) مشرع وكتابه مفتوح وحكاياته لا تنتهي.. اتحدى التليفزيون بحكاياتي