لم تعد الأساطير تغويه، لم يعد "عنترة" البطل المحبب إلى قلبه، لا يريد أن يقرأ الأساطير بعد اليوم، يريد أن يحكي الحقيقة. أنه رشيد حلاق، حكواتي دمشق الذي أمتع الناس في مقاهي دمشق القديمة طوال أكثر من 20 سنة قبل أن تأتي الحرب وتغير حياته. هو سبعيني عشق منذ الصغر حكايات الشاعر عنترة ودفاعه الشجاع عن محبوبته عبلة، كان يجلس في قهوة "النوفرة" الدمشقية ببنطاله الواسع وطربوش الحكواتي، يعتلي كرسياً كبيراً ويبدأ السرد، يرفع يديه ويتحمس مع كل مشهد. "أنا واحد من الذين غيّرت الحرب في سورية حياتهم، خسرت منزلي وعملي"، يقول رشيد مضيفا: "عندما بدأت الحرب قلّت ساعات العمل واقتصر حضوري الى القهوة على مرتين أسبوعياً، فالوصول من الغوطة إلى دمشق القديمة يتطلب المرور عبر نقاط تفتيش عدة". حتى دكانته التي كان يعتمد عليها كمصدر رزق إضافي ما عادت تنفع: "ماذا يبقى عنما تقتل طفلة في دكانتك فقط لأنها أرادت أن تشتري شيئا، لقد قُصف بيتي وأنا جالس في الدكان تحته، ماتت طفلة هنا أمامي، وشاب بالقرب مني"، يقول حلاق وهو يبكي. ويتابع: "كل حياتي تدمرت، عائلتي فرت، ولا أعرف ماذا حصل حتى لمجموعتي النادرة عن عنترة والمؤلفة من 30 جزءاً". حلاق فرّ أيضا إلى لبنان، ولكنه عاد إلى دمشق في بداية العام بعدما تلقى عرضاً للمشاركة في مسلسل للتلفزيون السوري. ويوضح "علي أن أختصر القصص في 15 دقيقة، الناس ما عادت تحب الإطالة". عاد حلاق إلى دمشق وسيبدأ العمل مع التلفزيون، ولكن قصص "عنترة" لا تزال تروى في قهوة "النوفرة" التي استبدلته بحكواتي خمسيني اسمه أحمد لحام. لا يزال حلاق يعشق أن يكون حكواتياً، ولكنه يريد أن يروي "الحقيقة هذه المرة... فالأساطير ما عادت تنفع".