من حق هذا الرجل أن تتصدر قصته ومشوار حياته كتب القراءة في الوطن الإسلامي كله كنموذج حديث للقائد الفذ الذي يرفض الهيمنة الغربية, ونجح في المواءمة بين روح الإسلام الخلاقة.. والعصرنة. ترجل الفارس الماليزي مهاتير محمد عن السلطة بهدوء.. ودون ضجيج, ودون تغيير في الدستور حتى يبقى في الحكم لآخر لحظة في حياته, ولم يفسح المجال لأولاده او اقاربه ليخلفوه!!, حكم مهاتير ماليزيا لأجل ماليزيا ولمستقبلها.. ولذا لم يتمسك بالسلطة كما يفعل الآخرون. عمل مهاتير جاهدا حتى وصلت معدلات التنمية في ماليزيا لمستويات عالية وأصبحت تلك الدولة تعتمد على نفسها في إنتاج مواردها وحاجاتها فاكتفت واستقلت واستقل قرارها السياسي وتحقق الاستقرار الاجتماعي بين فئات الشعب المختلفة, وذلك بفضل سياسة العمل لمصلحة ماليزيا أولا وأخيرا والانطلاق للمستقبل والعصرنة مع التمسك بالجذور الاسلامية.. تماما كالنخلة. خلال 22 عاما قاد هذا الفارس بلاده في دهاليز السياسة والاقتصاد وأوصل ماليزيا الى بر الأمان وتحدى ألاعيب وخطط الجهات الاستعمارية التي حاولت عرقلة مسيرة التنمية, وقد أرسى مهاتير خطة استراتيجية تجعل من ماليزيا دولة غنية عام 2020. هذا الفارس أوقع أمريكا وأوروبا في الفخ حين تحدث في خطابه عن سيطرة اليهود على العالم وصانعي القرار في الدول الكبرى, فظهرت الثورة العنصرية النصرانية المتميزة لليهود في أبشع صورها.. وأوضحها, وتلك الثورة الغاضبة على مهاتير.. لم نرها حين أتهم الإسلام والمسلمون بالارهاب.. وهم لا يقومون بما يقوم به اليهود في إسرائيل, كما فعل (بيرلسكوني) رئيس وزراء ايطاليا, وكما فعل نائب وكيل وزارة الدفاع الأمريكية (بويكيف) حين سب الاسلام والرسول والإله. الحقائق التي ذكرها مهاتير ليست جديدة بالنسبة لنا.. بل يلهج بها لسان كل مسلم ليل نهار, وليست جديدة أيضا لنسبة كبيرة من شعوب أوروبا وصانعي القرار فيها, ولكنه الخوف من قول الحقيقة.. الخوف من انتقام اليهود وعقابهم. تحدث مهاتير بلساننا وقال كلمة حق في زمن تلوك به الألسن الباطل باعتباره الوسيلة المناسبة للتأقلم مع العصر الامريكي. حسنا فعل مهاتير.. ختم حياته السياسية بمسك.