لا حديث فى مصر الآن إلا عن مرض الملاريا الذى أصاب عددا كبيرا من أعضاء البعثة المصرية التى شاركت فى دورة الألعاب الأفريقية فى العاصمة النيجيرية أبوجا فى النصف الأول من شهر أكتوبر الماضي ، خاصة بعد وفاة رئيس بعثة منتخب الشطرنج و أحد أفضل لاعبيه متأثرين بالمرض . و قد توصل( الميدان ) لعدة حقائق بعد ثلاثة أيام من التقصي والبحث مع مختلف الأطراف ، و ثبت أولا أن الرياضيين الذين أصيبوا بمرض الملاريا بالعشرات وأن العدد الذى أعلنت عنه اللجنة الأوليمبية المصرية ليس صحيحا و إنما لتهدئة الرأي العام المصري الثائر من الإهمال الذى قد يودى بحياة عدد من خيرة شباب مصر ، وليس أدل على ذلك من اكتشاف عدد من اللاعبين المصابين مصادفة بعد أن وجدوا محتجزين فى مستشفى الحميات دون أن يتم الإعلان عن ذلك و من هؤلاء اللاعبين بطل الجودو باسل الغرباوى و هو ما يؤكد أن هناك أطرافا معينة تحاول إخفاء حجم الكارثة الحقيقي . النقطة الثانية تختص بمشكلة المصل أو التطعيم الذى يحاول كل طرف أن يلقي بتبعيته على الطرف الآخر ، فالحقيقة الكارثية التى لا يجب أن تمر مرور الكرام أن البطل المتوفى عصام أحمد علي لم يتم تطعيمه و هذا ما أكده قبل ساعات من وفاته حيث أكد أحد أقاربه أنه قال له و هو يحتضر أنه لم يتم تطعيمه و لم يطلب منه أحد أن يتلقى التطعيم و لم يكن يعرف أن هناك تطعيما ضد الملاريا من الأساس ، وهذا ما يجب التحقيق فيه و معاقبة أى طرف يثبت تقصيره فى إخبار اللاعبين بضرورة التطعيم . و من جانب آخر فإن هناك من يؤكدون أن اللجنة الأوليمبية ليست مسؤولة عن الكارثة و أنها قامت بإرسال فاكسات قبل السفر به إلى الاتحادات الرياضية المختلفة للتأكيد على ضرورة تطعيم البعثة بكاملها من الأمراض الأفريقية المعروفة ومنها الملاريا و الحمى الشوكية والحمى الصفراء ، و أن أعضاء اللجنة الطبية التي رافقت البعثة قد قامت بمنح اللاعبين والمدربين والاداريين حبوب الوقاية من الملاريا قبل السفر . فى الوقت نفسه يتشكك بعض المصابين فى جدوى التطعيم الذى حصلوا عليه و على رأسهم أحمد خيري عضو منتخب ألعاب القوى و مصطفى محمود حسن لاعب ألعاب قوي معاقين و قد ثبتت إصابتهما بالملاريا رغم أنهما تلقيا التطعيمات اللازمة قبل و أثناء السفر بالفعل ، و فى الوقت نفسه يؤكد بعض الرياضيين أن اللجنة الأوليمبية المصرية مقصرة بالفعل لأنها لم ترسل إلا أربعة من الأطباء مع البعثة التى يزيد عدد أفرادها على 700 رياضي و إدارى و إعلامى ، كذلك أهمل هذا الفريق الطبي البسيط نصائح السفير المصري فى أبوجا الذى أكد عليهم قبل العودة إلى القاهرة أنه لابد من فحص كل أعضاء البعثة فور العودة إلى القاهرة مؤكدا لهم أن الأمراض الفتاكة تنتشر بشدة فى نيجيريا و لكن البعثة الطبية أهملت النصائح و استخفت بها حتى فقدت الرياضة المصرية شخصيتين وعندئذ ظهرت المأساة . و الحق أن مرض الملاريا ليس غريبا عن الرياضيين المصريين فمنذ خمس سنوات أصيب به لاعب الزمالك السابق عبد الحميد بسيونى لاعب نادى حرس الحدود الحالي و ذلك فى إحدى الرحلات الأفريقية للزمالك و تسببت الملاريا فى ابتعاده عن الملاعب عاما كاملا ، و كاد يفقد حياته لولا سرعة الكشف عن المرض و علاجه ، ولكن هذا اعتبر وقتها حادثا فرديا خاصة أن أحدا من لاعبي الزمالك الذين صاحبوا اللاعب لم يصابوا . الغريب أن أقراص التطعيم ضد الملاريا متوافرة فى مصر بشكل واسع جدا و كل الرياضيين و الإداريين يعرفونها تمام المعرفة وسعر عبوة الأقراص مدعم من وزارة الصحة المصرية و لا يبلغ ثمنها إلا 25 جنيها فقط رغم أن العبوة المستوردة يقترب ثمنها من 250 جنيها و لابد أن تؤخذ هذه الأقراص قبل أسبوعين من السفر إلى المناطق التى تنتشر بها بعوضة الأنوفوليس التى تنقل مرض الملاريا و فى مقدمة هذه المناطق دولة نيجيريا التى تبلغ نسبة الإصابة بالملاريا فيها 99 % . و قد يقلل هذا من مسؤولية اللجنة الأوليمبية علي اعتبار أن التطعيم موجود معروف للمواطنين العاديين الذين لايخضعون لأى رقابة من أى نوع ، و لكن هناك مسؤولية ألقيت على كاهل اللجنة وكان يجب أن تقوم بها و تتابعها جيدا لاأن تلقي بالأوامر و تترك تنفيذها لإداريين قد يكونون غير مؤهلين لمثل هذا النوع من المهام وتنتهى مسؤوليتها عند هذا الحد . هكذا تصبح حالة المصاب بالملاريا