اتفقنا في المقال السابق على ان إبقاء العلاقة الزوجية دافئة حية متينة مسؤولية مشتركة بين الزوجين ليس لأحدهما عذر في اهمالها او الانشغال عنها بما سواها من مشاغل الحياة وصوارفها. وللموت الدماغي في العلاقات الزوجية مظاهر عدة، من ابرزها انشغال كل من الزوجين بنفسه والعيش لتحقيق اهوائه ورغباته الشخصية وممارسة الأنانية واسعاد الذات بكل صورها القبيحة على حساب الأسرة والبيت. وكأني بك وأنت ترى الاطفال يعيشون حالة من الضياع مؤلمة.. لا يرون من والديهم سوى اشباح تتحرك بينهم في اتجاهات متعاكسة متوازنة كي لا تتقاطع.. يصرخون بصوت تخنقه العبرات ان: عد الينا أبتاه.. أجيبينا أماه.. ولكن تلك الصرخات ترجع اصداؤها أن: ==1== لقد أسمعت لو ناديت حيا==0== ==0==ولكن لا حياة لمن تنادي==2== ولا اخفيك سرا لو قلت لك ان اكثر الأحداث (دون الثامنة عشرة) في دور الرعاية من البنين والبنات هم ضحايا هذه العلاقات الميتة وشبه المنتهية. والسؤال الطبيعي هنا: كيف وصل الحال بهذين الزوجين الى هذه المرحلة الحرجة بعد ان كانا يعيشان حياة جميلة ممتعة يملؤها الحب وتستغرقها الأشواق؟ كيف انطفأت شمعة الود وغابت شمس الغرام؟ هل كان الامر مفاجئا ام له ارهاصات ومقدمات أدت اليه؟ وسأحاول هنا ان أشير بنقاط مختصرة - واترك التفصيل لك - الى اهم الأسباب التي تؤدي الى موت علاقتنا دماغيا لحين وفاتها الشرعية: 1- عدم مراعاة النمط الشخصي للطرف الآخر (حسي, سمعي, بصري) أثناء التعامل معه, ولعلي أبسط الحديث حول هذه النقطة في مقال قادم ان شاء الله. 2- العيش في روتين قاتل ورتابة مملة, دون محاولة التغيير والتجديد والاضافة حتى في أصغر الأشياء وأبسطها. 3- كثرة المشاغل والارتباطات خارج البيت (الزوج) مما يشغل الذهن ويستهلك الأوقات او الانشغال شبه الكلي بالأولاد وقضاء حاجياتهم (الزوجة) عن الطرف الآخر, مع افتراض خاطىء انه يقدر ذلك. 4- الانغماس في ملاذ الدنيا والركون اليها والجري وراء شهواتها مما يدعو الى تجاوز كل عقبة في طريق ذلك وأولها شريك حياته. 5- اختلاف الاهتمامات وتباينها بشكل لا يسمح بوجود أجندة مشتركة تجمعهما تحت سقف واحد. وهناك أسباب اخرى ولكني رأيت ان هذه أهمها واكثرها شيوعا بين الأزواج فأحببت الإشارة اليها وتسليط الضوء عليها دون غيرها. ويبرز السؤال الكبير: هل الطلاق هو الحل؟ فأقول جازما: لا وألف لا, فآخر الدواء الكي وليس أوله, وعلينا ان نحاول ونكرر المحاولة بعد أختها لتجاوز تلك الأسباب والتغلب عليها في محاولة ترميم جادة لكل ما تهدم من صرح المحبة والألفة.