زمان أيام المذاكرة، كان المدرسون ينصحوننا بأن تكون القراءة الأولى لأي موضوع لمجرد المطالعة، وان تكون القراءة الثانية بتركيز وتمعن لاستيعاب الفكرة التي ربما تحتاج الى مراجعة في وقت لاحق، ونحن رغما عنا، مع زحام الأحداث الرياضية وطغيان وزحف التلفزيون والانترنت، بدأ يضيق وينكمش وقت القراءة، ولم يعد هناك مجال للتركيز والتمعن إلا اذا كانت هناك إرادة ورغبة قوية تطارد الاستسلام للعادة والروتين اليومي. في الأسبوع الماضي مثلاً، حظيت "الخليج الرياضي" بنشر مقابلتين مهمتين وتستوجب كل واحدة منهما قراءة متأنية لمراجعة بعض المضامين التي تستوجب فعلاً الوقوف عندها ان لم يكن للبحث والتأمل في معانيها، فعلى الأقل للمراجعة والتذكرة،لا سيما وأننا لا نصادف هذه الأيام اطروحات من هذه النوعية الجادة والموضوعية. اللقاء الأول كان مع المستشار علي الخضر رئيس المكتب التنفيذي لنادي الشعب، وهو لقاء انفرد بإجرائه الزميل ايهاب زهدي وأخذ أهميته وجدواه من كونه أول لقاء يتم مع القطب الشعباوي منذ تولى المهمة في 22 يونيو/ حزيران الماضي.. وفي القراءة الثانية "المتأنية" توقفنا عند تصديه لفكرة التجنيس التي راجت في الآونة الأخيرة على اعتبار انها لمصلحة المنتخبات الوطنية، فوسط "الكورال" الذي ردد وقال "أهلاً ونعم" للفكرة بسرعة جاء علي الخضر ليغرد وحده خارج السرب وقال: اذا كانت الدعوة هذه المرة من نافذة المنتخب الوطني فيجب ان نتساءل عما يجب أن يتميز به لاعب المنتخب الوطني؟ فالانتماء والحب والغيرة في الدفاع عن علم البلد في المحافل الدولية لا يمكن ان تجدها بالصورة المطلوبة من لاعب أجنبي يتم تجنيسه، لا سيما وأننا نشكو حالياً من ان لاعبي المنتخبات ليس عندهم ذاك الحس الوطني الذي كنا نجده من جيل اللاعبين القدامى، وتساءل المستشار عما اذا كانت المسألة ستخضع لضوابط أم لا؟ وهل سيقتصر التجنيس على أندية دون أخرى؟ وخلص في النهاية الى معنى مهم عندما قال ان التجنيس ليس قراراً فردياً أو رياضياً بقدر ما هو قرار سياسي يجب ان تراعى فيه كل الاعتبارات التي تحكمه، وهو بذلك أعاد الموضوع برمته الى المربع الأول الذي لا يمكن ان ينطلق إلا منه. واللقاء الثاني كان مع الشيخ سلطان بن حمدان بن زايد آل نهيان عضو مجلس الشرف العيناوي، الرئيس التنفيذي لموقع "الزعيم"، حيث كان اللقاء فرصة لاستكشاف أفكاره ورؤاه من بعد ان قفز اسمه منذ فترة ليكون في مقدمة المرشحين لرئاسة اتحاد الكرة للمرحلة المقبلة لا سيما وانه بالفعل يسير على درب أبيه سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدولة للشؤون الخارجية، ويتمتع بالثقافة والرؤية والثقة في النفس، ولم نغال عندما قلنا انه "سر أبيه"، وفي هذا اللقاء مع القراءة الثانية يمكننا التوقف عند الطموح الذي يستهدف استيلاد دوري حقيقي للمحترفين في الامارات، وكيف انه لا يريده دوري "بين بين" كما هو الآن، ولا يريده كذلك نسخة من النسخ التي صادفت الفشل، لا النجاح، بدرجات في الدول المحيطة بنا، حيث ان خطوة الأجانب لا تكتمل من وجهة نظره إلا بدوري محترفين كامل. وهناك نقاط أخرى تطرق لها وتستوجب الوقوف عندها، مثل: ان السر في تفوق فرق الأندية في الآونة الأخيرة على فرق المنتخبات، بعكس الحال في السابق، يرجع الى ان ادارات الأندية تتمتع بجدية وحزم ورقابة لم تعد متوفرة على صعيد اتحاد الكرة بالنسبة الى المنتخبات التي تفتقد الضبط والربط وتفعيل مبدأ الثواب والعقاب. .. ومثل ضرورة انتقاء أفضل اللاعبين للمنتخب بغض النظر عن انتماءاتهم، فاللاعب الجيد يفرض نفسه، وليس مهماً ان تنحصر دائرة الاختيار في ناديين أو ثلاثة فالمهم هو ألا يستبعد لاعب واحد يستحق الانضمام للمنتخب.