تحدثت في الاسبوع الماضي عن اربعة عوامل يمكن ان ترتقي بالانتاجية لدينا, اما هذا الاسبوع فسأشير الى بعض المثبطات الرئيسة للانتاجية. ان هناك مثبطات كثيرة للانتاجية بعض منها اجتماعي, وشيء منها تنظيمي, وكثير منها موجود في أنظمة العمل والعمال وأنظمة الخدمة المدنية والأنظمة المالية. اما المثبطات الاجتماعية فهي متنوعة مثلما أنها كثيرة, ولكن ينظمها ربق واحد هو الاعتناء بحجر الشخص عن الاحتكاك بالنتائج الايجابية والعواقب السلبية لتصرفاته, ومن ثم لا يكون لهذه النتائج والعواقب أيما تأثير على تصرفه, فاذا بدأنا بالبيت, فالطفل لا يعلم الاعتماد على النفس حتى في أبسط الأمور, بل هو مخدوم في كل شيء, والأدهى من ذلك هو (منحه) المال بدون مقابل من جهد او اداء واجب. وقد يستمر الوضع على هذا المنوال حتى في عنفوان شبابه, ولعل أحد اسباب البطالة التي نسمع عنها ارقاما مختلفة راجع الى الاعتماد المالي لبعض الشباب على عائلاتهم, ومن ثم فالواحد من هؤلاء في فسحة من أمره ينتظر بكسل الظفر بوظيفة تمنحه اكثر من جهده بكثير. وعلى مستوى المجتمع نجد معيقات اخرى للانتاجية مثل المحسوبية والوساطة والفساد كبيره وصغيره, وخطورة هذه المعيقات ناتجة عن أنها تشجع على الاتكالية اذ تؤازر من لا يستحق وتثبط من يستحق, فيضمحل الاخلاص في الأداء وتنحدر بالتالي الانتاجية. اما المثبطات النظامية والتنظيمية فهي اكثر من ان تحصر, ولكنها تشترك في ممارسة رئيسة تتمثل في تحجر بيروقراطي أعمى أصم هدفه فقط تجنب الخطأ ومنع التجاوز, وهذا هدف نبيل لولا أن انتفاء المرونة يخنق الانتاجية ويند الابداع, والمؤلم ان ما تحرص هذه الأنظمة على تحاشيه يقع على أي حال. ان تحري هذه المثبطات والمعيقات وايجاد الحلول الناجعة لها مهمتنا جميعا, خصوصا المثقفين وذوي الخبرة منا, كما ان المسؤولية تقع كذلك على اكتاف خطباء الجمع, لتبصير الناس بواجباتهم الدينية في الاخلاص في العمل واجادته, ومن المهم كذلك ان تقوم الجامعات ومؤسسات التعليم الاخرى بتعويد الطلاب على المبادرة والابداع وتكوين سمات الانضباط فيهم, وفي المقام الاول مطلوب من المسؤول في أي جهة ان يقدم المثل الحي لمرؤوسيه ولمواطنيه في الجد والاخلاص فيما كلف به من مهمات.