يحكى ان محاضرا كان يتحدث لطلابه عن التحكم في ضغوط واعباء الحياة، فرفع كأسا من الماء وسألهم: ما هو في اعتقادكم وزن هذا الكأس من الماء؟! وكانت الاجابات تتراوح بين 50 الى 200 جم. ثم قال معلقا: لا يهم الوزن المطلق لهذا الكأس، فالأثر هنا يعتمد على المدة التي أظل ممسكا فيها بهذا الكأس. فلو رفعته لمدة دقيقة فلن يحدث شيء، ولو حملته لمدة ساعة فسأشعر بألم في يدي، ولكن لو حملته لمدة يوم فستأخذونني للمستشفى. الكأس له نفس الوزن تماما، ولكن كلما طالت مدة حملي له زاد شعوري بثقله. ان مثل الكأس في حياتنا كمثل تلك المشاكل الصغيرة والاعباء البسيطة التي نحملها معنا طوال الوقت سواء في بيوتنا او مكاتبنا او مجالسنا حتى اذا ما اعيانا التعب وشعرنا بالضجر انقلبت الحياة فجأة الى جحيم لا يطاق وجعلنا عاليها سافلها. ان كثيرا من الزوجات بل والابناء يشتكون من آبائهم فهم لا يتحدثون معهم الا عن مشاكلهم مع رؤسائهم او ظلمهم لهم وحرمانهم من حقوقهم، حتى صار لدى البعض من الزوجات (ثقافة وظيفية) فهي تعرف التقسيمات الادارية في عمل زوجها واسماء رؤسائه بل وبعض المصطلحات المهنية عندهم. ومن الناس من يحمل مشاكله الاسرية معه الى العمل او الجامعة او (الديوانية) فلا تجده الا مقطبا للجبين تعلو وجهه سحائب الحزن والكآبة فلا يشارك في مناقشة او يدلي برأي منطويا على نفسه غارقا في مشاكله وأحزانه. عزيزي القارئ.. ان حدوث المشاكل او الشعور بالهم والضيق امر متوقع في هذه الدنيا، وكما قال ابو الحسن التهامي:==1== جبلت على كدر وانت تريدها ==0== ==0==صفوا من الآلام والأكدار==2== فالمشكلة اذن ليست في وجود المشكلة بل استغراقك في التفكير بها واصطحابها معك من مكان الى آخر، تشغل عليك فكرك ويضيق بها صدرك حتى اذا آويت الى فراشك للنوم لم يغمض لك جفن ولم تهنأ بنوم. وبدلا من ان تضع الكأس جانبا لترتاح يدك، تبقى حاملا له الى ان يعييك حمله. @ ان الواثق بنفسه لا تربكه مشكلة ولا تكبر في عينيه صغائر الامور فهو يتعامل معها بثقة مطلقة ورباطة جأش واتزان يقلب فيها الآراء المطروحة وينظر الى كل الخيارات المتاحة، يستوعب المشكلة ولا تستوعبه او تستغرق من حياته وقتا طويلا، فيدرسها ويحللها ومن ثم يتخذ القرار المناسب فيخطط له ويبدأ بالعمل دون تأخير او ارباك لشؤون حياته الاخرى. @ وامر آخر أرى انه من الأهمية بمكان هو ان نضع هذه الهموم الصغيرة او حتى المشاكل البسيطة العارضة جانبا وان لا نخلط بين الامور فما كان متعلقا بالعمل فمكانه العمل وما كان للبيت فمحله البيت وما كان مع الاصحاب فمحله الديوانية وهكذا بدلا من ان نحملها معنا اينما ذهبنا، فلا ذنب لزوجك وابنائك بمشاكل العمل وليست مشاكل البيت مسوغا لضعف انتاجيتك في العمل وقس على ذلك ما شئت.