تواجه شركات النفط الوطنية في دول العالم الثالث مرحليا تحديات لم تشهدها منذ نشأتها في النصف الثاني من القرن الماضي، على نحو يشكك في أدائها خلال السنوات الماضية. و اتخذت هذه التحديات عدة أشكال منها ما هو سياسي ذو صلة بالمتغيرات الدولية وبالذات تلك المتعلقة بنشر مبادئ الاقتصاد الحر والخصخصة، ومنها ما يتعلق بالمنافسة من قبل الشركات النفطية الدولية العملاقة، و منها ما هو داخلي مثل الجهات المتضررة من العراقيل التي تضعها شركات النفط أمام القطاع الخاص المحلي. و في خضم هذه الأجواء التي تعيشها الشركات الوطنية، فإن عليها أن تتعامل بايجابية وديناميكية مع التحديات، وتطور من نفسها لملاءمة الأوضاع الجديدة على الساحة النفطية العالمية والساحة الداخلية على حد سواء. وفي هذا الإطار يطرح الدكتور وليد خدوري، رئيس تحرير مجلة (ميس) أن حكومات الدول المنتجة اعتمدت على شركات النفط الوطنية في أداء عدة مهام في آن واحد : ومنها إدارة الثروة الهيدروكربونية بمعزل عن الشركات النفطية الدولية، وبناء صناعة وطنية تستقطب الخبرات والكفاءات المحلية، بالإضافة إلى تطوير سوق عمل منتج للأيدي المحلية، إضافة إلى توفير المنتجات البترولية للسوق المحلية، وأداء مهام اقتصادية وسياسية واجتماعية متنوعة في حقل التدريب ونقل التقنية في بعض الأقطار او استخدام العقود النفطية كأداة سياسية للدول في علاقاتها الخارجية. ومع نجاح هذه الشركات في تنفيذ المهمة الأساسية المنوطة بها الا وهي إدارة القطاع النفطي بنجاح، الا ان خدوري يرى ان ذلك كان له ثمن باهظ وهو وضع سقف للطاقة الإنتاجية في كثير من هذه الدول، بل تقلص هذه السقوف والمعدلات وحجب الاستثمارات الضرورية، وذلك في الوقت الذي اندفعت فيه الشركات العالمية لتطرق أبوابا استثمارية جديدة سواء في الدول المغلقة او في أعماق المحيطات. ولكن معظم الشركات الوطنية في أقطار الأوبك لم تتمكن من انتهاز الفرص وتطوير أوضاعها وعملياتها وأبحاثها للحاق بركب الشركات الدولية، ومن ثم التفاوت الكبير في الأداء والتوسع والتغيير، على الرغم من سيطرة تلك الشركات على الاحتياطيات النفطية الضخمة. ووضع خدوري يده على السؤال الصعب الذي يواجه شركات النفط الوطنية في أقطار الأوبك منذ سنوات، ولم يجد جوابا شافيا له حتى الآن، هو دور الشركة في خضم المتغيرات الاقتصادية الراهنة داخل الدول المنتجة نفسها وعلى الصعيد العالمي عموما، حيث كان الوضع واضحا في السبعينات عند المشاركة او السيطرة الكاملة، أما اليوم فالأمور مختلفة كليا وتتعدد التحديات التي تواجه الشركات الوطنية من بلد إلى آخر.