قائمة هوليوود السوداء انتهت قبل اربعين سنة, ولكن يبدو ان شهرتها السيئة لن تموت ابدا. تلك الحقبة السوداء في تاريخ السينما عالجتها افلام مثل (THE WAY WE WERE) (1973) بطولة روبرت ردفورد وباربره سترايسند, و(The Front) بنجومية وودي الن وزيرو موستيل. وتناولت مسرحيات وبرامج درامية تلفزيونية وافلام وثقائقية موضوع القائمة السوداء التي انتجت ايضا كميات كبيرة من كتب الذكريات والروايات والتاريخ. وفي مطلع ايلول الماضي عرض التلفزيون الاهلي الامريكي فيلما وثائقيا جديدا يستغرق عرضه ساعتين بعنوان (Arthur Miller Elia Kazen and The Blacklist Non Witoue Sin) ايليا كازان وارثر ميللر لاخطيئة. وصادف انه في اليوم التالي للعرض افتتح في احد مسارح نيويورك عرض مسرحية (Trumbo) الذي قرأ فيها ناثان لين رسائل من الكاتب السينمائي الحائز على الاوسكار دالتون ترامبو الذي كان من الشخصيات الرئيسية في بداية القائمة السوداء. وقال السينمائي التسجيلي مايكل ابستين ان فيلمه نابع من منح جائزة اوسكار شرف في العام قازان 1999م للمخرج ايليا كازان واثار ذلك موجة من الاحتجاجات الشديدة لانه كان قد افشى باسماء زملائه اعضاء الحزب الشيوعي امام لجنة النشاطات المناهضة لامريكا في مجلس النواب الامريكي في العام 1952م. وكان كازان قد فاز بالاوسكار. وقال ابستين ان ارثر ميللر كان احد الاصوات غير المتوقعة التي ايدت منح اوسكار الشرف لكازان. واشار ابستين الى ان كازان وميللر كانا صديقين حميمين خاصة. ولم يكن ميللر شيوعيا غير انه رفض ان يذكر اسماء الشيوعيين الذين يعرفهم في عالم السينما امام لجنة الكونغرس التي كانت تبحث عن مثل هؤلاء. ويتتبع الفيلم الوثائقي الاخير العلاقة بين الرجلين والتاريخ المرير للقائمة السوداء وضحاياها. وبين الضحايا الذين ظهروا في الفيلم الكاتب السينمائي والتر برنستين والممثلون كيم هنتر ومادلين شروود والمؤرخون الذين يعرفون الاحداث التي وقعت في تلك المرحلة معرفة مباشرة. ويضم الفيلم مشاهد ظهور كازان وميللر امام لجنة الكونغرس الا انه لم تجر مقابلات معهما للفيلم الوثائقي. ويقول ابستين انه اجتمع بكازان ولكن حالته الصحية لم تسمح لاجراء مقابلة معه, وبدا انه ليس من غير المنصف اجراء مقابلة مع ميللر دون اجراء مقابلة مع كازان ايضا. الا ان ميللر كان منفتح الصدر تجاه الفيلم وسمح لابستين باستعمال مقتطفات من مسرحية كتبها ميللر عن محاكمة الساحرات في سالم بمساتشوستس في العام 1953م, والتي شبهها ميللر بتحقيقات لجنة النشاطات المعادية لامريكا. بعد مرور خمسين سنة على ذلك لا ترى لي غرانت حرجا في المزاح وتقول ضاحكة (كنت مجنونة حب). وهذه اشارة الى ان اسمها ادرج في القائمة السوداء لان زوجها الكاتب المسرحي ارنولد مانوف كان مدرجا في القائمة ورفضت ان تشهد ضده. ومع انها كانت حائزة بالترشيح لجائزة اوسكار افضل ممثلة مساعدة. وتقول غرانت هل كان الامر صعبا؟ عندما تكون يافعا كل شيء يكون جديدا ومثيرا. كنت اتعلم لم اكن قرأت اي شيء عن ماركس وهيغل طيلة تلك السنين ولم اكن اعرف ما هو الشيوعي ولكني تعلمت ان اقاتل وعرفت ما هي القائمة السوداء واكتشفت ما هو الظلم ابن ترامبو، كريسن الذي كان في السابعة من عمره عندما رفض والده الاجابة عن اسئلة لجنة الكونغرس عن ماضيه الشيوعي فحكم عليه بالسجن سنة بتهمة تحقير الكونغرس مثله مثله مثل الاعضاء الاخرين فيما سمي (عشرة هوليوود). ويقول ترامبو الابن وهو اليوم في الثانية والستين: لا اعتقد ان والدي اقترف اي ذنب. وانتهت القائمة السوداء التي دمرت حياة عشرات الاشخاص, في العام 1960م وكان اثنان من نصوص الشاشة التي كتبها ترامبو قد فازا بالاوسكار الا ان الفضل لم يعط له وقبيل وفاته في العام 1976م قدمت له جائزة الاوسكار على فيلم صنعه قبل عشرين سنة من ذلك التاريخ وفي العام 1983م تسلمت ارمته الاوسكار الذي فاز به على فيلم عام 1953م.