انني ارويها كقصة سبق لك وان سمعتها» هكذا يقول كيرك دوغلاس بصوت عال لابنه مايكل عندما يدخل الابن الى غرفة الجلوس في منزل والده. «اروها وكأنك ترويها للمرة الأول»، يرد مايكل وهو يمازح والده البالغ من العمر 88 سنة وشريكه في نجومية في فيلم شبكة «اتش بي او» التلفزيونية التسجيلي الذي يروي حياتهما العملية وعلاقاتهما بصراحة كبيرة. اسلوبهما المزاحي المحبب هذا معروض على الشاشة باسم «أب وابن: حدث ذات مرة في هوليوود» الى جانب ومضات من التجاذب والتوتر بين والد غزا الصناعة السينمائية وابن يتبع خطاه ليحقق ذاته ويترك بصماته الخاصة. وإذا ما اضفت الى ذلك قصة الانتقال من الفقر الى الغنى، وبهارج هوليوود القديمة والزوجات الجميلات والخيانات والطلاق الى الخليط، تصبح لديك صورة اسرة ونظرة حميمة الى عائلة طالما لاحقتها الوسائط الإعلامية الا انها تغتنم الفرصة هنا لتروي قصتها بنفسها. المخرجة لي غرانت صديقة كيرك دوغلاس منذ زمن بعيد التي اخرجت وشاركته نجومية «قصة متحري» سنة 1951، هي التي اقترحت المشروع ثم صورتهما والمقربين منهما وهم يتجاذبون اطراف الحديث امام الكاميرا. وتقول غرانت: «الأب والابن كانا يتوقان لعمل فيلم عنهما معا»، فالفيلم الذي صنعاه في العام 2003م بعنوان «يحدث في العائلة» لم يكن ناجحاً، وأعتقد ان حلما كان يراود مايكل لعمل شيء من اجل والده وليرد له الجميل لكل التشجيع والجهود التي بذلها كيرك من اجله». ويثني كيرك ومايكل على غرانت لمهارتهما ويعربان عن ثقتهما بها كصديقة لتصويرها، الا انهما كانا مستعدين ليكونا صريحين وشجعا الآخرين على التحدث بصراحة مثلهما. وفي احد المشاهد تتذكر كاترين زيتا - جونز تقدم منها عندما التقيا في احد المهرجانات السينمائية ليقول لها بوقاحته المعهودة: «اريد ان اكون والد اطفالك». وترد كاترين قبل ان تودعه: «قرأت الكثير عنك وكم هو جميل ان يكون ما سمعته حقيقياً». وهناك مواجهة متأججة حول مسرحية «واحد طار فوق عش الكوكو» التي لعب كيرك دوغلاس نجوميتها، وأنتجها مايكل كفيلم سينمائي سنة 1975 وفاز بالأوسكار واسند بطولة الفيلم للممثل جاك نيكلسون بدلاً من والده. والصدام الذي نجم عن ذلك عاد الى السطح خلال المقابلة، عندما قال كيرك دوغلاس: «هذا هو الفيلم الذي دمرتني فيه». وسواء كان كيرك يمازح ام لا، يضحك ابنه مايكل قبل ان يرد: «ها اننا عدنا الى ذلك. ويسرني انك غفرت لي ونسيت». وحتى المسائل الشخصية جداً يواجهها الأب والابن مباشرة. ويسأله كيرك: «هل كنت ابا» صالحاً؟ «والسؤال يستخرج جوابا» معقدا من مايكل. ان متطلبات النجومية والشخصية الطموحة التي صقلها الفقر في مرحلة الطفولة لم تصنع من كيرك والدا متساهلاً كما يستدل من الفيلم. الا ان كيرك دوغلاس بذل قصارى جهده لمساعدة ابنه في سني عمله في المسارح. وهذا «يعني الكثير» حسب مايكل (60 سنة) الذي تطلقت والدته ديانا من كيرك عندما كان طفلاً. وثمة وقائع درامية كثيرة للرجلين، على الشاشة وخارجها لتسجيلها، كيرك مثلاً، تحدى اللائحة السوداء التي وضعتها هوليوود ومنعت الشيوعيين او ما يشتبه بأنهم شيوعيون، من العمل - او العمل علناً - مصراً على وجوب ان يحصل المؤلف دالتون ترامبو على حقه في الفضل لكتابته النص السينمائي لفيلم «سبارتاكوس». وخلال المقابلة قال مايكل لوالده: «كان يمكن ان يكلفك ذلك عملك السينمائي». ورد كيرك دوغلاس: «هل تعرف؟ طالما فكرت انه لو كنت اكبر سناً بكثير لما عملت ذلك. عندما يكبر الإنسان يصبح متحفظاً اكثر، ولكنني كنت شاباً وعفوياً. وما ازعجني هو الرياء». وبالنسبة لمايكل كان الفوز بجائزة الأوسكار لفيلم «وول ستريت» اعظم لحظة في حياته في العمل السينمائي. وفي خطابه شكر والده على «مساعدة الابن للخروج من الظل». الرجل الجالس في منزله في بيفرلي هيلز لا يزال محتفظاً بوسامته ولكن جسمه ضعيف بسبب العمر وحديثه متعثر بسبب النوبة الدماغية التي اصيب بها. انه بعيد عن الشخص المربوع والجريء الذي سيطر على افلام الخمسينات والستينات، وبينها فيلم «سبارتاكوس».ويقول كيرك: «عندما تسقط طائرتك الهليكوبتر وتزرع لك اداة لتنظيم ضربات القلب وتتعرض لنوبة دماغية تتأثر قليلاً. وابنه يدعي انه اصبح له ادراك اوسع ويقارن حياته الحالية بما كان عليه عندما اصبح اباً لأول مرة (له ابن اسمه كاميرون من زوجته السابقة دياندرا).يقول مايكل: «لقد بدأت حياة عائلية جديدة وفي هذه المرحلة استمتع بطفلي الاثنين اكثر من استمتاعي بكاميرون اذ كنت غارقاً في العمل آنذاك. عندما تعمل في السينما، تأتي حياتك الشخصية وحياتك العائلية في المرتبة الثانية».في الفيلم التلفزيوني الحالي الأولوية هي للعائلة. انما الحديث هو عن مجال عمل العائلة. يقول مايكل عن والده: «كم مفرح ان ترى شخصاً ينجز آخر فصل بمثل هذه الطريقة اللبقة». ويرد كيرك دوغلاس: «انني من اشد المعجبين بك».