تميز جابر بن حيان الازدي على غيره من علماء العالم في حقل الكيمياء، فقد حلق عاليا في سمائها، واعترف له بذلك المتخصصون بعلم الكيمياء. ولكن مع الاسف الشديد ان هذه الشهرة العلمية العظيمة التي حاز عليها بجده واجتهاده، صارت في آخر ايام حياته وبالا عليه، لان اعداء الامة العربية والاسلامية بقوا يقولون وبصوت عال ان جابر بن حيان لا وجود له، وساعد على ذلك عائلته، حيث طلبوا منه الاختفاء من الناس خوفا عليه ان يقتل مثل ما عملوا مع والده حيان. وينقل احمد عبدالرحيم السايح في كتابه الحضارة والاسلام (ان الفيلسوف الانجليزي باكون يقول) ان جابر بن حيان يعد معلم العالم اجمع في الكيمياء). اما هنري كوربان فيقول في كتابه تاريخ الفلسفة الاسلامية) ان شخصية جابر بن حيان ليست اسطورة ولا خرافة. ولكن جابرا هو اكثر من شخصية تاريخية. واضاف برتيلو في كتابه تاريخ الكيمياء في العصور الوسطى قائلا (ان لجابر بن حيان في الكيمياء ما لارسطو طاليس في المنطق). تميز جابر بن حيان عن غيره في حقل الكيمياء، وابدع فيها ايما ابداع، واعترف له بذلك الكثيرون من المتخصصين بعلم الكيمياء. ويقول سنجر في كتابه المختصر في تاريخ الفكر العلمي (لقد نال جابر بن حيان الشهرة المرموقة بين معاصريه، بأنه ابو الكيمياء الحديثة على السواء دون منازع. ولكن لسوء الحظ هذه الشهرة قادت الحسدة، والسفهاء، والجهلاء الى عدم احترامه، بل حاكوا له المؤمرات التي اضطرته الى الاختفاء، والتستر عن اعين الناس، وهنا اناس مغرضون من مؤرخي العلوم استغلوا هذا ، وذهبوا الى ان جابر بن حيان لا وجود له، اما البعض الآخر فيقولون انه لا يمكن ان يكون له هذا الانتاج العلمي الضخم). اما جلال مظهر فيقول في كتابه حضارة الاسلام واثرها في الترقي العلمي (ان الفترة التي عاشها جابر بن حيان متنقلا متسترا ، كانت السبب في تلك الروايات المختلفة التي حيكت حول اصله ونشأته ومذهبه، بل حول انكار وجوده. ولايستبعد انه هو نفسه، او بعض افراد اسرته قد عمد الى اطلاق روايات حول اختفائه، وانكار وجوده تضليلا للباحثين عنه). ويضع اسماعيل مظهر النقاط على الحروف عندما يقول في كتابه تاريخ الفكر العربي (ان كثيرا مما عانى منه كيميائيو العرب لدى اشتغالهم بهذا العلم، من الاضطهاد والمصاعب. وذكر عن جابر بن حيان انه خلص من الموت مرارا عديدة، كما انه قاسى كثيرا من انتهاك الجهلاء لحرمته ومكانته، وانهم كانوا يحسدون عليه علمه وفضله). ومع الاسف الشديد ان بعض المؤرخين الغربيين غير المنصفين لتاريخ الحضارة العربية والاسلامية وصل بهم الاستهتار والهوس الى ان قالوا ان جابر بن حيان ليس حقيقة، بل اسطورة نسبت اليه الكثير من العمليات الكيماوية التي قام بها مثل التقطير والتصعيد والترشيح والتكليس وغيرها الكثير، وان عملا كهذا لايستطيع فرد واحد القيام به.