استكمالا لموضوع الأمس من كتاب (هل مات الولاء.. أم تغيرت صورته؟!) الصادر حديثا والمعني بالشخصية العاملة ودراسة أبعادها الوظيفية: إن الحياة الحديثة بكل ما فيها من تعقيدات توجد إحساسًا بالعزلة. إن المشاركة الكبيرة في عملنا وفي علاقات محل العمل توفر إحساسًا مجزيًا بالانتماء. وقد تعلم معظمنا بعض الأمور عن الولاء والالتزام في أولى مراحل حياتنا؛ في المنزل، وفي الأنشطة الاجتماعية. ومن ثم؛ يسهل استيعاب أهمية الانتماء والمساهمة والولاء. هاكم ثلاث فئات من الأسباب التي تجعل الناس يبذلون الولاء للمنظمة. تخيل قوة هذه العناصر مجتمعة معًا. يدين الناس بالولاء لأنهم: يُلهَمُون الولاء. الولاء جزء من تكوينهم. الولاء صفقة عادلة. ماذا يعني كل ما سبق للإدارة؟ حسنًا. كل ما سبق يعني أن هناك اتفاقًا جديدًا بين الإدارة والموظفين. هاكم الاتفاق الجديد. لم يعد الموظفون يتوقعون الاحتفاظ بالوظيفة مدى الحياة، ولا حتى ينتظرون الاستقرار. إن التغيير أصبح طابع عالم رجال الأعمال. من ناحيتهم، يريد أرباب العمل التعامل مع عمالة متغيرة؛ لها ولاءات متعددة، ومجموعة قيم مختلفة عما كان لدى الجيل السابق. يرى المخططون، اليوم، أن التطلع الدائم للحصول على وظيفة، طريقة لا غضاضة فيها، للنماء المهني والإنجاز الشخصي. على الشركات الذكية والمسؤولين الأذكياء أن يستثمروا التزام الموظف، عن طريق إدراك ثم قبول الحقائق الجديدة، ووضع البرامج، وإقامة العلاقات الكفيلة باستثمار هذه الوقائع الجديدة. وتتضمن عناصر الاتفاق الجديد: @ تغيرت العلاقة بين الموظفين والمنظمات من علاقة قائمة على أساس اتفاق طويل الأجل إلى علاقة تعالج الطبيعة المؤقتة لمعظم الارتباطات المتبادلة مع رجال الأعمال. تذكر فقط أن الناس يريدون العمل في منظمات يهتمون بها حتى لو لم يكن هذا العمل دائمًا. @ لم يعد الولاء بالنسبة للموظف يعني بالضرورة إلغاء الولاء لبقية مناحي الحياة الأخرى المهمة. إن التعريف الجديد للولاء يتيح الموازنة بين ولاءات متعددة؛ تتضمن الولاء للأسرة، والولاء للأخلاقيات الشخصية، والولاء لجميع أهداف الحياة المهنية. إن ترتيب الولاءات، على نحو ملائم، يتيح لها أن تعزز كل واحدة منها الأخرى، وبذلك يستفيد كل من الفرد والشركة من الولاء للمنظمة. @ توجد علاقة إيجابية قوية بين الفرص المتاحة أمام الموظفين مستقبلا مع رب عملهم الحالي وبين ولائهم له. إذا كانت المنظمات جادة بشأن تقديم حوافز من أجل الولاء في الأجل الطويل، عليها أن تركز على التخطيط المتواصل، وتطوير القيادة، والمهام الخاصة، والعمل المثير، وبرامج التدريب، وردود الفعل المستمرة. أن ما يعقد القضية هو أن الموظفين يكونون أكثر إخلاصًا، حين يتم تحديهم ويحصلون على فرصة تطوير مهاراتهم؛ المهارات نفسها التي تُستغل في البحث عن وظيفة جديدة في مكان آخر في وقت ما. @ الراتب قد لا يكون هو أهم شيء دائمًا لكنه يأتي دائمًا ضمن أهم المطالب. الراتب لا يمثل قضية حين لا يعتمد الموظف في معيشته على الراتب أو حين يكون لديه مصدر آخر للدخل. والقاعدة العامة هي أنك يجب أن تقدم رواتب مجزية تفوق ما يقدم منافسوك مقابل نفس الوظيفة. @ المزايا مماثلة للراتب. إذا كانت الشركات الأخرى المماثلة لشركتك، تقدم مزايا ومنحًا معينة فعليك أن تفعل الشيء نفسه. إن الشركات الحاذقة تقدم فوائد "على نمط الكافيتريا" أي يكون بوسع الموظفين انتقاء أفضل ما يناسبهم من هذه المزايا. @ على القادة وضع جدول أعمال خاص بالولاء، يفصلون فيه الكيفية التي ستساهم بها مشاركة الموظف في زيادة النفع على المنظمة. ويجب أن يتجاوز هذا النفع مجرد المساهمة في النتيجة الأخيرة لأداء الشركة وبناء حصة في السوق. ويتعلق هذا النفع- في نهاية المطاف- بالقيم، والمهمة، والغرض، ويتصل بشيء أكثر أهمية من هذا النفع في حد ذاته. @ إثارة الولاء تتطلب إدارة جيدة. يكون أداء الموظفين في أفضل حالاته حين تكون علاقاتهم ذات مغزى مع رؤسائهم في العمل. وهذا لا يعني، بالضرورة، أن تأخذ هذه العلاقة شكلا اجتماعيًا (وليس هناك مانع في ذلك) لكنها تأخذ- في أقل الأحوال- شكل علاقة مفتوحة تتسم بالثقة؛ يتشارك فيها الطرفان في الأخبار السيئة؛ كما في الأخبار السعيدة تمامًا. ويجب أن يشعر الموظفون أنهم يشكلون إضافة إلى قوة العمل بعيدًا تتجاوز ما هو أبعد من الاتصال الأمين (الذي يسير في اتجاه واحد). يتطلع الموظفون إلى حوار بين طرفين لا حوار من طرف واحد.