في معظم القطاعات الحكومية يعاني «المراقب الميداني» من مستوى وظيفي متدن في «سُلّم الوظائف»، وما يتبع ذلك من مردود مادي قليل وحوافز شبه غائبة، ثم أن هذا الواقع لهذه الوظيفة تبعه نظرة دونية ارتسمت في مخيلة المجتمع، منذ أن تم وضعها في هذا الإطار، ليصبح مسمى «مراقب» عبئاً سلبياً على صاحبه. وتتطلب مسؤولية «المراقب» في واقعها قدراً كبيراً من التأهيل والمهارة الفنية والعلمية، وفق متطلبات الأهداف الرقابية، وهذا في واقع الحال لن يكون مستوفى بشكل كامل؛ نتيجة تراجع مستوى هذه المهنة، حيث تقبع في مؤخرة السلم الوظيفي، يشاطرها مجموعة من الوظائف الأخرى الهامة مثل «موظف الاستقبال» و»موظف الأمن الصناعي»، و»حارس الأمن»، بل إن هذه الوظيفة الأخيرة قد تبرأ منها الهيكل الوظيفي في بعض القطاعات الحكومية، ليتم توفيرها عبر شركات ومؤسسات التشغيل المتعاقدة مع تلك المنشأة، ليتأكد مرة أخرى غياب التجانس بين الوصف الوظيفي ومستوى التأهيل. ولعل تفاوت المستوى الوظيفي للمراقبين بين جهة وأخرى، وإن كان هناك تميز إلى الأفضل، فإن ذلك لا يعني أن هذه الوظيفة قد أخذت حقها الكامل، بل إن ما يعانيه «المراقب» في مختلف المواقع من ضغوط، يتطلب تحصينه، من خلال إعادة هيكلة الوظيفة وتعزيزها بكادر خاص يحسن من موقعها ومردودها المادي والمعنوي على صاحبها. «الرياض» عبر «ندوة الثلاثاء» تستطلع رأي عدد من المختصين والمهتمين لتقييم واقع وظائف القطاعات المعنية بالرقابة على مختلف أشكالها. المشاركون في الندوة طالبوا بإيجاد كادر خاص يلبي حاجات المراقبين ويمنحهم رواتب مغرية عين الرقيب في البداية قال «العييري»: إن «المراقبين» يقدّمون عملاً جليلاً وحساساً، من دون أن يلتفتوا إلى الصعوبات التي تواجههم، فهم مواطنون مخلصون، دافعهم حب الوطن وسلامة المواطن وحماية مجتمعهم، مضيفاً أنه من أجل ذلك وضعت النظم والقرارات التي تكفل تحقيق الأهداف، ويبقى الضمان الأكيد لها من خلال التطبيق الأمثل عبر التزام الأخلاق والإحساس بالمسؤولية، تجاه جودة العمل بهذه النظم وتلك القرارات، مبيناً أن اسم «مراقب» قد لا يكون محبباً لأصحابه؛ بسبب ما يتعرضون له أو ما يفقدونه من علاقة حميمية مع المجتمع؛ نتيجة ما تفرضه متطلبات وظيفتهم، وفي كثير من الأحوال لا يكون المراقب في محيط ممارسة العمل من الأشخاص المرحب به؛ لأنه يمثل عين الرقيب الصارمة على كل مظاهر الخلل أو التعدي على الأنظمة وما شابه ذلك، لافتاً إلى أن بعض ما يعانيه المراقبون من المضايقات هو محاولة «إغرائهم» أو التعرض لأشخاصهم، ما قد يصل إلى حد إلحاق الضرر بهم وتهديدهم بالقتل. الفوزان: «قسم المراقبة» تحول إلى «مقبرة الموظفين» المحبطين! وأضاف أنه أمام هذا الواقع وتلك المسؤولية الهامة فإن المراقبين بحاجة ماسة إلى ما يحفزهم لأداء عملهم بالشكل الصحيح، تجنباً للإغراءات والضغوط التي تواجههم من بعض ضعاف النفوس، مشدداً على ضرورة إيجاد كادر خاص بهم، يضعهم في المكانة الوظيفية التي يتحقق من خلالها المردود المادي المجزي والمردود المعنوي. د.التويجري: نفتقد إلى التسجيل الآلي لضبط المخالفات فوراً! تحفيز الجميع وأوضح «العييري» أنه لابد من الاهتمام بالجانب النفسي في علاقة المراقب مع وظيفته، من خلال اختيار اسم آخر غير «مراقب»، الذي لا يحظى بالاستحسان في معظم الأحوال، مضيفاً أنه ينبغي توعية وتثقيف المجتمع تجاه المراقب والدور الذي يؤديه، وأهميته في ضبط سير العمل وتحقيق الرقابة التي تنعكس فوائدها على ما يحقق الجودة التي يأملها الجميع، مشيراً إلى أن هناك من الأشخاص من لا يرتاح إلى المراقب أياً كان موقعه، على الرغم من أنه لا يوجد أي نوع من أنواع العداء مع أي شخص بشكل مباشر أو غير مباشر، بل إنه يؤدي «دورة تكاملية» تحقق المعادلة السليمة في حياتنا العامة والخاصة. العييري: صورة المراقب مجتمعياً لا تزال بحاجة إلى تصحيح وعلّق «د. التويجري» أن تثقيف المجتمع تجاه المراقب وأهميته، يجب أن يمتد إلى تحفيز الجميع على ممارسة دور العمل الرقابي التعاوني، من خلال التبليغ والكشف عن أي مظاهر الإخلال بأمن وسلامة المجتمع والمكتسبات الوطنية، ومنها التبليغ عن أوكار الإرهاب وأوكار ترويج المخدرات، وكذلك التبليغ عن مظاهر التلاعب بما يؤثر في الصحة العامة وإزعاج المجتمع وغير ذلك من الأمور المحذورة، مؤكداً مقولة سمو ولي العهد وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز - حفظه الله - «المواطن هو رجل الأمن الأول»، داعياً إلى أن يكون هذا المبدأ الرقابي التعاوني سلوكاً اجتماعياً يمارسه المواطن والمقيم تجاه أي مخالفة وتجاه من يرتكبها، وحول مع ما يعانيه المراقبون من نظرة غير مقبولة من المجتمع، مشدداً على ضرورة مساواتهم في منحهم «بدل ضرر»، أسوةً بما يحصل عليه الأطباء، أو بعض رجال الأمن، ومثلهم ممن يتعرضون لأذى أو ضرر أو تهديد. د.الوهيبي: «خط الدفاع الأول» ينتظر رفع مخصصاته المالية مسؤولية ووفاء وأكد المشاركون في الندوة أن عمل المراقبين في كافة القطاعات يقوم على أداء الأمانة والتزامها قولاً وعملاً، وهي المرتكز الذي يتحقق من خلاله جوهر أداء المسؤولية والوفاء بها. وقال «د. التويجري»: إن الأمانة في العمل وفي كل الواجبات والمسؤوليات وفي كافة الأوضاع تمثل وجهاً من وجوه الإنصاف والتجرد، وإنزال الناس منازلهم وأن لا نبخسهم حقهم، كما قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى»، مبيناً أن من الأمانة أن لا يستغل الإنسان منصبه الذي عُين فيه من أجل منفعة له أو لأحد من أقربائه أو معارفه أو أصدقائه، وأن من أخذ مثل ذلك فهو «سُحت» وأكل أموال الناس بالباطل، لأنه ثمرة استغلال للمنصب أو الوظيفة، مشيراً إلى خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم حينما قال: «استعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله، فيأتي فيقول: هذا مالكم، وهذه هدية أهديت لي، أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته، والله لا يأخذ أحد منكم شيئاً بغير حقه إلاّ لقي الله يحمله يوم القيامة، فلأعرفنّ أحداً منكم لقي الله يحمل بعيراً له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تعير، ثم رفع يده يقول: اللهم هل بلغت». وأضاف أن الشارع قد أمر بحفظ الأمانة وأدائها، وذم الخيانة وحذر منها في نصوص كثيرة منها قوله تعالى: «إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها»، وقوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون»، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له». د.أبا الخيل: تأهيل المراقبين وتطوير أدواتهم أهم عناصر المواجهة تعزيز المعرفة وشدد «د. التويجري» على ضرورة إعطاء المراقبين دورات وندوات تذكيرية في أخلاقيات المهنة والأمانة، مع إيضاح نهاية الحرام لكافة العاملين في القطاعات الرقابية، إلى جانب حثهم على التناصح في ذلك فيما بينهم، مضيفاً أنه يجب تأكيد حق الأمة والوطن ومسؤولية كل إنسان وبالذات المعنيين بالرقابة، فهم يشرفون على منافذ الوطن، وعلى تلك البوابات التي من الممكن أن تدلف من خلالها مخاطر كثيرة في حال نام الرقيب أو تغافل، وكذلك من هم في الأجهزة الرقابية في الداخل، الذين يشرفون على العمالة وعلى الأسواق والمواد الغذائية والاستهلاكية والعلاجية ومستوى صلاحيتها وسلامتها، وكذلك جودة تنفيذ المشروعات ودقتها، إضافةً إلى الوقوف بحزم في وجه ترويج المخدرات والمسكرات والممنوعات وكل ما يفسد المجتمع أو يحاول النيل من سلوكياته. وتداخل «العييري» قائلاً: إن تعزيز معرفة المراقب بالأنظمة واللوائح في إطار وظيفته بشكل واضح، سوف يمنحه المزيد من الأداء المتميز في عمله وتأدية دوره بشكلٍ سليم، مؤكداًأن ذلك سوف ينعكس أيضاً على ممارسته لمهام عمله والإقبال عليه بشيء من الرضى والمهنية، ذاكراً أن هذه المعرفة سوف تكون صمام أمان كي لا يتصرف المراقب خارج حدود صلاحياته، ما قد يوقعه أو يوقع المنشأة التي ينتمي إليها في حرج أمام الآخرين. مراقب صحي يفحص الغذاء في غرفة الطعام تحريك العاملين وأوضح «د. التويجري» أن هناك أهمية لتنقل وتحريك العاملين ومديريهم بين المواقع؛ لقطع الطريق على المحسوبيات، مؤكداً أن بقاء المراقب صاحب في مكان واحد مدة طويلة يحقق له فرصة التعرف والتكيف مع المتلاعبين داخل تلك الدائرة والاندماج في محيطهم - حسب قوله - إلى جانب توسيع دائرة العلاقات مع أمثالهم، مبيناً أنه لا داعي لبقاء المراقب في منطقة عمل واحدة لمدة طويلة تمتد إلى أعوام، بل يجب تشتيت هذه العلاقات لكي يندمج مع وظيفته فقط، داعياً إلى ضرورة تطوير العمل الآلي للمراقبين من خلال تزويدهم بأجهزة رصد وتسجيل المخالفات فوراً، ولا مجال فيها للتراجع، ومن خلالها إصدار المخالفة، وتكون قراءتها متاحة لرئيسه المباشر في أي وقت، مشيراً إلى أن ذلك ما يعطي للمراقب شعورا بالدور ويرفع عنه الحرج أمام محاولات وضغوط اسقاط المخالفة عن المخالفين، وكذلك ترك التفاوض أو التغاضي عنها لإدارة المنشأة. ..وآخر في جولة تفتيشية على أحد المطاعم وعلّق «د. الوهيبي» قائلاً: لا شك أن المراقبين يمثلون أحد أهم صمامات الأمان في أي دولة، بل هم الخط الدفاعي المدني الأول، مضيفاً أن المراقبين بوجه عام مثل المراقب المالي والجمركي والصحي، إضافةً إلى البيئي والهندسي والأمني، هم من يجب رفع مخصصاتهم المالية بشكل كبير ومجد ومغر لعدة أسباب منها؛ أنهم من أكثر الناس عرضة للخطر، وأنهم يتعرضون بشكل شبه يومي لبعض الإغراءات، إلى جانب أنهم يواجهون إحراجات متكررة من قبل من يتولون مراقبة أعمالهم، إضافةً إلى أن بعضهم يستخدم سيارته الخاصة في أداء عمله، وكذلك التفاعل مع مهمته الوظيفية أحياناً خارج دوام العمل الرسمي. أعداد قليلة وأوضح «د. الوهيبي» أن ضم المراقبين الصحيين العاملين في قطاعات وزارة الشؤون البلدية والقروية الى وزارة الصحة، سوف يكون هو الأفضل من الناحية الفنية ومن ناحية التخصص والمباشرة، وكذلك من الناحية الوظيفية للمراقب. وتداخل «د. أبا الخيل» قائلاً: من الملاحظ أن هناك قلة في أعداد المراقبين في بعض المرافق، ما يشكل عبئاً إضافيا عليهم، نتيجة الضغوط ومحاولة تنفيذ المهام، مضيفاً أن المراقبين يعانون تدني الرواتب وقلة الحوافز بشكل لا يتناسب مع حجم العمل المطلوب منهم، الذي يمتد أحياناً إلى أوقات خارج دوام العمل الرسمي كعمل ميداني، وما يجدونه خلال العمل من معاناة من أشخاص مخالفين يصعب التفاهم معهم أو اقناعهم، مبيناً أن المراقبين إضافةً إلى حاجتهم إلى تحسين أوضاعهم المادية من خلال الرواتب والحوافز والبدلات، فإنهم بحاجة أيضاً إلى رفع تأهيلهم وإلحاقهم بدورات تمكنهم من استشراف كل جديد في مجال الرقابة، إلى جانب إطلاعهم على مستجدات الأنظمة واللوائح في مجال عملهم بشكل دائم، حتى يكونوا قريبين من التطورات التقنية والمهنية في مجال الرقابة، مؤكداً على أن ذلك سوف يخلق لديهم شعورا بالمسؤولية، مع الابتعاد عن العمل النمطي والتقليدي الممل. نحتاج إلى «كادر وظيفي» وبدلات خاصة ومحفزات آخر العام وسد العجز في أعدادهم تكريس المفهوم وأشار «الفوزان» إلى أن موظف «الأمن الصناعي» في كثير من المنشآت، يعيش المستوى نفسه من التهميش وعدم الأهمية، رغم ضخامة المسؤولية عليه، مضيفاً أنه أمام هذا الواقع كيف نطلب من موظف أن يؤدي رسالة كاملة وعظيمة براتب (1200) ريال؟، ونحن نعلم أن هذا الموظف الذي قبل بهذه الوظيفة شخص لم يوفّق في تعليمه، بل ولم يوفق في حياته، متأسفاً على أن المسؤول إذا أراد معاقبة أحد موظفي إدارته، فإنه ينقله إلى قسم المراقبة، أو قسم الخدمات كإجراء عقابي!، وهذا نوع من القناعة لدى الجهاز الإداري بتدني مستوى هذه الوظيفة، ما يرسخ هذا المفهوم بشكل رسمي وعملي، مشيراً إلى أن عدم تقبل المجتمع لهذه الفئات الوظيفية جاء بسبب أننا نحن من زرع هذا الصورة وهذه الثقافة وهذا الواقع لهذه الوظائف طوال السنوات الماضية، بأن وظيفة الاستقبال أو حارس الأمن أو المراقب وظائف تمثل وظائف مؤخرة السلم الوظيفي. هل يعقل مراقب مؤتمن على «أمن بلد» وسلامة مواطن راتبه 4000 ريال؟ وحول ضعف الوازع الديني قال: لا خلاف على أهمية الوازع الديني لدى كل شخص، فهو ولله الحمد يمثل السمة الغالبة لدى الأغلبية، لكن يجب أن نتساءل عن أسباب ضعف هذا الوازع الديني لدى البعض، خاصةً لدى ضعاف النفوس، وبالتالي يجب أن ننظر إلى عوامل من الطبيعي أن تكون مساعدة على وجود ضعف الوازع، أو ترسيخه لدى هذا المراقب، منها ضعف الراتب وتدني المستوى الوظيفي والنظرة الاجتماعية السلبية، متسائلاً: كيف نطلب منه انتاجية جيدة؟. أهم وظيفة وذكر «الفوزان» أنه حينما ننظر إلى المراقبين وأهميتهم ومدى الخطورة حينما يكونوا في منافذ البلاد، يجب علينا أن ننظر إلى راتب هذه المراقب وننظر إلى سكنه وإلى وضعه بشكل عام، متسائلاً: كيف تريده أن يكون صمام أمان في وجه المخدرات والممنوعات بكافة أشكالها وكذلك المواد الغذائية والطبية والكمالية والتجهيزات والمعدات المخالفة وغير المطابقة للمواصفات، وهو بهذا الراتب؟، كذلك المراقبين في البلديات نحن نأتي بأهم وظيفة معنية بالرقابة على المواد الغذائية والمشروبات والأطعمة من خلال الأسواق والمطاعم والفنادق والمطابخ والمسالخ، إضافةً إلى الرقابة على قطاعات الخدمات والإنشاءات، بينما هذا المراقب ليس مؤهلاً علمياً ولا فنياً، بل وغير مدرب لمثل هذه المهام، وكذلك ليس لديه مستوى وظيفي وراتب محفز حتى يؤدي وظيفته كما يجب وبشكل قوي، وحتى يدفعه للالتزام والتنشيط الذاتي للوازع الديني ومواجهة كافة الضغوط. الاكتفاء الذاتي يقطع الطريق على «المحسوبيات» ويعري النفوس الرخيصة وتداخل «د. الوهيبي» قائلاً: أرى أن موضوع الوازع الديني من المهم أن يأخذ الجانب الأهم من خلال تعزيز القيم والمبادئ الشرعية والأخلاقية والسلوكية لدى المراقبين عبر كافة وسائل التوعية، وأن يكون هؤلاء المراقبين ممن يخشون الله بأفعالهم وفي سلوكهم ومواقفهم، فلا يحابون أحداً أو يتنازلون عن أعمالهم الرئيسة مقابل المادة، أو مقابل أي شيء مهما كان؛ لأنهم مسؤولون أمام الله ثم أمام ولي الأمر وأمام المجتمع عن كل تجاوز، وعن أي إخلال بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم. تغيير أسماء وحول اغتراب المراقبين من الشباب في المنافذ الحدودية، قال «د. التويجري»: لقد أتيحت لي الفرصة للمرور على عدد من المراكز الجمركية الحدودية في عدد من مناطق المملكة، فوجدت عدد من المراقبين الجمركيين من الشباب حديثي السن من العزاب لم يؤهلوا بسكن لائق في بعض المراكز، بل ولا يوجد لهم بيئة مناسبة، مضيفاً أنه إذا نظرنا إلى هؤلاء الشباب في اغترابهم، فإنهم يأوون إلى اقرانهم في السن، وكذلك مجالس «الشِلل» والسهر، وهذه بيئة غير ناجحة، مشدداً على ضرورة اسكان هؤلاء الشباب في سكن خاص تحت حراسة مشددة، يضبط فيها الخروج والدخول، وتكون هذه المجمعات السكنية مكتملة الشروط، حتى ينضبط الموظف في نومه وفي حياته بشكل عام. مراقبو البلدية والجمارك والتجارة يواجهون تحديات ومازالوا ينتظرون الأمل وعلّق «الفوزان» قائلاً: إذا أردنا أن نرفع من مهنية ودور المراقبين ونرتقي بها، فعلينا أن نعيد النظر بمستوى هذه الوظيفة، من خلال وضع «سُلّم» خاص، مع بدلات مجزية، وكذلك تثقيف المجتمع بأهمية وقيمة المراقب، مضيفاً أنه من المهم إعادة النظر بالاسم على غرار ما عملت به وزارة الصحة من تغيير اسم سائق سيارة اسعاف إلى اسم «مُسعف»، وكذلك تمييز هؤلاء المسعفين ب «اللباس الخاص»، وتأهيلهم وتدريبهم على العديد من المهارات الاسعافية، إلى جانب القدرة على مساعدة الأطباء في المهام الاسعافية الخارجية، علماً أنهم خريجين معاهد فنية تخصص مُسعف، مشيراً إلى أن وزارة التربية والتعليم غيّرت أيضاً اسم وظيفة «مفتش» إلى اسم «موجِّه»، ثم جرى تغييره مرة أخرى إلى اسم «مشرف»، وهو يؤدي نفس الدور الذي كان يعمله في السابق. توازن مطلوب وأوضح «العييري» أن الدعوة إلى إعادة النظر في رواتب وحوافز المراقبين في جميع القطاعات الرقابية، والدعوة إلى إعادة هيكلة مهام وواجبات المراقبين مع ما يرافق ذلك من تغيير للاسم، أو تحسين للصورة الذهنية تجاه هذه الوظيفة لدى المجتمع وداخل الهيكل الوظيفي، أمر ينبع من القناعة بأهمية دور المراقبين ومعاناتهم مع هذه المسؤولية، مشدداً على أنه لابد أن يرافق هذا التوجه صرامة في معاقبة «المراقب» عند إخلاله بالمسؤوليات بما يتناسب مع درجة التهاون والتقصير، مبيناً أن هناك قطاعات رقابة ليس لديها القدرة الكافية على مواجهة مسؤولياتها الرقابية، لافتاً إلى أن وزارة التجارة تشرف على قطاع يكبرها ويفوق إمكاناتها الرقابية، ذاكراً أنه لا يوجد على سبيل المثال في مدينة بريدة حتى العام الماضي سوى أربعة مراقبين، وهؤلاء من المؤكد أنه لن يكون بإمكانهم مراقبة نشاط سوقين تجاريين فقط من حيث الأسعار، فكيف بمراقبة نشاط تجاري متنوع بمدينة كاملة، داعياً إلى أن يكون هناك توازن بين ضخامة المهام وعدد المراقبين، حتى يمكن السيطرة بقدر مقبول لمواجهة المخالفات التي تحدث في الأسواق. «الفكر الرقابي» أساس التغيير للأفضل أكد المشاركون في الندوة على أن هناك دوراً كبيراً للعمل الرقابي بمختلف أنواعه ومواقعه وأوقاته، حيث أصبح اليوم جزءًا من متطلبات ضبط سلوك الحياة ومفرداتها، مستشعرين الأهمية البالغة له في حياة الفرد والمجتمع، وكذا أمن الوطن والمواطن، بما في ذلك الأمن الفكري والسلوكي والأمن الغذائي ومحاربة المخدرات، وكذلك المؤثرات العقلية والوقوف في وجه تسربها وتهريبها إلى البلاد، إضافةً إلى مواجهة تهريب الأسلحة وأدوات الإيذاء والتخريب والإفساد، مشددين على أهمية "المراقب" في حماية الملكية الفكرية وحماية الملكية الرمزية للمنتجات والمخترعات، موضحين أن دور المراقبين يأتي في ضبط الإجراءات النظامية ودورة العمل في المنشآت، وما إلى ذلك من أوجه الرقابة التي لا يمكن حصرتها. ومن خلال التقييم وهذه الرؤية لواقع "المراقبين" ودورهم في تحقيق وتفعيل هذه المعطيات، فإن المشاركين في الندوة يقدرون جهود هذا الفريق الذي يكرس فكره وعمله في كل مرفق من أجل هذه الغاية الأخلاقية والوطنية، داعين أن يكون هناك خطوات جادة وعاجلة للارتقاء ب"الفكر الرقابي"، من خلال عدة أمور منها؛ إعادة دراسة المنظومة الرقابية (نظم- وسائل- كوادر)، من خلال مشروع تقوده وتشرف عليه وزارة التعليم العالي يضم فريق عمل مكون من ممثلين عن وزارة الداخلية، والصحة، والشؤون البلدية والقروية، وكذلك التجارة والصناعة، والهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس، إلى جانب الهيئة الوطنية للأرصاد وحماية البيئة، ومعهد الإدارة العامة، إضافةً إلى بعض الجهات ذات العلاقة بالتخطيط والتنظيم وبناء الاستراتيجيات الوطنية والأمنية، مشددين على أهمية الاطلاع على تجارب الدول المتقدمة في مجال الرقابة، واستثمار معطيات التقنية الحديثة والمتطورة في مجال الرقابة بكافة أشكالها؛ لتذليل الصعوبات التي تواجه أعمالهم المتنامية. مراقبون في آخر السلم الوظيفي! أكد "عبدالعزيز الفوزان" على أن معظم القطاعات الحكومية يوجد بها جهات رقابية، لكن المؤسف أن فئة المراقبين تُعد الأدنى في المستوى الوظيفي، مضيفاً أن هذه الاشكالية لم تأت من النظام، بل جاءت من المسؤول الموجود على رأس تلك الجهة؛ لأنه هو من اختار هذا المراقب بهذه الوضعية التأهيلية المتدنية، حيث إنه لا يوجد في النظام شيء ينص على أن المراقب يجب أن يحمل مؤهلاً محدداً، كما لا يوجد في النظام شيء ينص على أن المراقب يجب أن لا تتعدى وظيفته مستوى محدد من المراتب. وأشار إلى أن التهميش لوظيفة المراقب شمل أيضاً تهميش وظيفة "موظف الاستقبال"، على الرغم من أهميته كواجهة أولى لأي منشأة تعبر عمّا بداخلها وكذلك مستوى خدماتها، ومع ذلك يوضع عليها أدنى المستويات الوظيفية والتأهيلية، بينما من المفترض أن يوضع على هذه الوظيفة مؤهل عال يستطيع أن يواجه المجتمع ويقدم صورة معبرة وجميلة عن المنشأة، ذاكراً أن الأمر ينطبق على وظيفة "حارس الأمن"، والتي لا تقل بأي حال من الأحوال عن أهمية أي وظيفة أخرى، حيث إن هذا الموظف نستودعه في القطاعات الصحية مثلاً على أجهزة ومعدات بمئات الملايين من الريالات، ومع ذلك يتم توظيفه براتب (1200) ريال، عبر إحدى الشركات المشغّلة وبساعات عمل أطول وبيئة عمل لا تكون مشجعة في كثير من الأحيان، على الرغم أننا نعلم أن هذا المبلغ لا يكفي لسداد فاتورة الجوال مثلاً، أو مصروف محروقات السيارة الخاصة، كما أن هذا الراتب لا يمكن أن يكون كافياً للصرف على أسرة صغيرة. مقترحات وتوصيات اقترح المشاركون في الندوة سرعة سد العجز الحاصل في عدد الكوادر الرقابية في بعض القطاعات المدنية، وكذلك إيجاد عدد من الوظائف بما يتلاءم مع متطلبات وحاجة العمل في تلك القطاعات، إلى جانب إيجاد كادر خاص يلبي حاجات المراقبين ويمنحهم الرواتب المغرية والبدلات المناسبة، وكذلك المكافآت التشجيعية المحفزة على المزيد من الإبداع والحماس. وبرر المشاركون مقترحاتهم إلى أهمية الجهد الرقابي في الحفاظ على سلامة المجتمع، وما يتعرض له المراقبون من ضغوط مباشرة ومتنوعة تمس سلامتهم الشخصية عبر التهديد والإيذاء عند مواجهة المخالفين، أو ما يتعرضون له من إغراءات لاستمالة أمانتهم، وما يتعرضون له كذلك من إصابات ومخاطر مهنية عند اتمام أعمال الضبطيات، إلى جانب النظرة الاجتماعية التي تقلل من أهميتهم عطفاً على موقع وظائفهم في سلم الهيكل الوظيفي، إضافةً إلى ما يعانيه بعض المراقبين في بعض القطاعات من الإحباط والملل وسيطرة الروتين على طبيعة الممارسة؛ نتيجة قلة التدريب والتأهيل وقلة الوظائف والترقيات، وكذلك عدم وجود البدلات التي قيدها ذلك المستوى الوظيفي. المشاركون في الندوة د.عبدالله بن محمد الوهيبي -أستاذ مساعد في كلية الاقتصاد والإدارة بجامعة القصيم د.صالح بن عبدالعزيز التويجري-كلية الشريعة بجامعة القصيم فهد بن إبراهيم العييري -نائب رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بالقصيم د.حسن بن محمد أبا الخيل -الإدارة العامة لصحة البيئة في أمانة منطقة القصيم عبدالعزيز بن محمد الفوزان -مدير القطاع الصحي في الأسياح