تتزاحم الافكار في ذهني أحيانا فاحار بماذا ابدأ ولكني حسمت الأمر في النهاية وقررت الكتابة في أمر يخص ابناءنا الطلبة وبناتنا الطالبات ولعل ما حفزني على ذلك هو انني جمعتني الصدفة بثلة منهم عندما وقفت في طابور فرع أحد البنوك المحلية وكان عدد من طلبة جامعة الملك فهد للبترول والمعادن يقفون فيه لصرف مكافآتهم فالتفت إلي احدهم كان يقف خلفي وقلت له: مبروك يبدو انكم قد تسلمتم المكافأة؟ فرد علي قائلا: الله يبارك فيك ولكن ايش الفايدة. فهم يعطوننا اياها بيد ويأخذونها باليد الأخرى فتعجبت من ذلك التعبير الوجيز البليغ وسألته: عفوا ماذا تقصد بذلك؟ قال: نحن ندفع منها للسكن وللقرطاسية والادوات وللمخالفات ايضا. تصوروا المخالفات تخصم في الجامعة من مكافآت الطلبة وانني اكاد أجزم قطعا ان معظم تلك المخالفات هي مخالفات وقوف فهل هذا هو الاسلوب الامثل للحد من المخالفات؟ ان يحاسب الطالب بالخصم من المبلغ اليسير الذي تمن عليه الجامعة به اوليس هناك أسلوب اخر للحد من المخالفات أم ان جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وجدت فكرة عبقرية في ذلك؟ أذلك يكون لقصور في ميزانية الجامعة أم انه وسيلة موجعة لايذاء الطلاب والحد من المخالفات؟ في رأيي ان هناك عشرات الاساليب للحد من ظاهرة المخالفات غير محاربة الطالب من خلال الخصم من مكافأته التي اصبحت بسبب التضخم الذي نعيشه لاتساوي شيئا تخيلوا 990 ريالا يخصم منها بدل السكن ويطلب من الطالب توفير القرطاسية والادوات والدفع للمخالفات ايضا انه لمن المضحك المبكي حقا ان يخصم بدل السكن من الطلبة وانا أعلم علم اليقين انه في أكثر البلدان العربية فقرا يتم توفير السكن للطلبة بالمجان وان دفع الطالب شيئا في بعض البلدان فان ذلك المبلغ يكون (ملاليم) هي للنظافة والصيانة فقط ويعفى منها الطلبة المعوزون والفقراء. نحن في بلد بحمد الله يتمتع باقتصاد قوي ومنتعش حسبما يصرح بذلك كبار المسئولين وديوننا الخارجية تكاد تكون معدومة وولاة الأمر ايدهم الله امروا بالتوسع في فتح الجامعات لاستيعاب الاعداد الكبيرة من خريجي الثانويات فكيف يكون ذلك من دون نظرة لأوضاع الطلبة الذين يأتون من مناطق نائبة في جنوب المملكة وشمالها وشرقها وغربها كثير منهم من أسر فقيرة يمدها ابناؤها بما يتسلمون من مكافآت تأتيهم بالقطارة وتدفع لهم في شهر وتحجب عنهم ثلاثة اشهر فأين التخطيط واين الميزانيات التي ترصد لوزارة التعليم العالي وغيرها من الجهات التعليمية لهذه الاغراض؟ لنتصور طالبا جاء من قرية في أقصى جنوب المملكة أو شمالها تغرب عن اهله للدراسة في احدى الجامعات في الرياض أو جدة او المنطقة الشرقية يعيش حد الكفاف على المكافأة الجامعية تحجب عنه المكافأة او يخصم منه جزء منها ويدفع لتوفير الادوات والقرطاسية كيف تكون حال ذلك الطالب او الطالبة؟ كيف يعيش وكيف يفكر في الدراسة والتحصيل بل كيف يعيل اسرته التي تركها في قريته تعاني الشح والعوز؟ ان هذه كلها تساؤلات مشروعة اطرحها على لسان الطلبة والطالبات اننا في مجتمع بني على التكافل والدولة حماها الله بألف خير فلماذا هذا الأسلوب القاسي في معاملة طلابنا وطالباتنا اليسوا هم عماد المجتمع وأمل الامة وقادتها في المستقبل تساؤل اخر نضعه أمام القائمين على أمر التعليم والتعليم العالي منه بشكل خاص علهم يجيبون عليه لا على صفحات الصحف والمجلات كالعادة بل على أرض الواقع فالامر لا يحتمل التأخير.