كتبت مقالتين في هذه الجريدة, حول الحمل والوحام, في عددين سابقين فيهما نوع من الفكاهة, بقصد الإصلاح, وعقبت الأخت الفاضلة نجيبة الشيبة من الاحساء مشكورة.. ولكن كانت متعجلة, كما هي عادة بعض النساء وقالت: فمتى أصبحت نعمة من نعم الله شقاء على صاحبها؟! ربما كانت متعجلة عن غير قصد, لكن الواضح من تعقيبها انها لم تقرأ المقالة الأولى الصادرة يوم الاثنين, في العدد 11042 بتاريخ 11 رجب 1424ه, والتي كانت بداية للموضوع برمته وفي جميع الاحوال, فالذي اوردته في كلتا المقالتين عن العلاقات الزوجية, كان فيه نوع من الفكاهة, وليس الفكاهة كلها, فالفكاهة أعم من السخرية, وهي تشمل بالاضافة الى السخرية والتهكم والهجاء والنادرة والدعابة والمزاح والنكتة الهزل والتصوير الساخر.. أي الكاريكاتير.. وأحسب ان كل (نجيب) وكذلك كل نجيبة تعرف الكاريكاتير, وإلا لما أصبحا اسما على مسمى!! تقول العرب: كل إنسان له من اسمه نصيب! وتضيف الأخت نجيبة في تعقيبها, بانها تعرف بعض النسوة اللاتي لا يجرؤن على التمني.. مجرد التمني. وهنا اقول لها: هل النسوة اللاتي تعرفينهن يعشن على سطح هذا الكوكب؟ وهل بيننا نسوة يكتفين بالتمني؟! واضيف: التمني نعمة من نعم الله, ونسوتك اللاتي تعرفين لا يجرؤن على التمني, فهل يكفي هذا جوابا لسؤالك عن النعمة يانجيبة؟! يبدو انك تخفين في تعقيبك بين الحروف تسلط (بعض) النسوة على الزوج (المسكين) وأخشى ان تكوني تعرفين الكثير منهن, وان كنت فلا يهمني, وان لم تكوني فلا يهمني أيضا, فأنا مجرد كاتب ارسم صورة بكلماتي, تعكس الواقع المرير الذي يعيشه (بعض) الرجال المساكين, مع (بعض) النساء المتسلطات في مجتمعنا, وارجو ملاحظة كلمة (بعض) هنا او كما اردت في تعقيبك.. ثم ان العيش مع المرأة (نعمة) لا بد منها يجب ان نشكر الله عليها. وأخيرا ياسيدتي الفاضلة نجيبة الشيبة? الناس عادة يضحكون من كل شيء مخالف للعادة والمألوف, والسخرية فرع من أرقى فروع الفكاهة اذا كانت هادفة, وهي تحتاج الى ذكاء ومهارة, والى قارىء (نجيب) لماح ياأخت نجيبة.. أعني تحتاج الى قارىء يفهمها وهي (طايرة) حيث فيها نوع من التلاعب في تصوير الغبي بالذكي, والظالم بالعادل والدميمة بالجميلة, والقارىء العزيز يكره المباشرة في القول والجدية الصارمة, والتلميح يشحذ ذهنه, وبذلك يصل الكاتب صاحب الرسالة الى مبتغاه ولفهم التلميحات التي في كلتا المقالتين ربما تحتاجين الى العودة لبعض الكتب المعروفة في هذا المجال, ككتاب نوادر الحمقى والمغفلين والمتطفلين, او كتاب البخلاء وغيرهما, ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة, فكان يمزح ولا يقول إلا حقا, ومن أقواله: (روحوا القلوب ساعة بعد ساعة فان القلوب اذا كلت عميت) والفكاهة بوجه عام والسخرية بوجه خاص, في (بعض) مقالاتي, ليس الغرض منهما هو الضحك, بل لهما غرض اسمى من ذلك, هو النقد والتوجيه الى الإصلاح, ولكن بأسلوب التلميح لا التصريح!! وهذا هو أسلوبي في الكتابة, وأسلوب الكاتب هو شخصيته, وان اردت التزود من هذا الفن فعليك قراءة (صندوق الدنيا, وحصاد الهشيم, وقبض الريح) لإبراهيم المازني رحمه الله. ختاما يجدر ان أشير هنا الى ما ذكره الأخ عبده محمد علي جناح من المدينةالمنورة في هذا الصدد, في تعقيب بعثه الى المحرر في هذه الصحيفة, رغم ان تعقيبه لا يستحق الرد, بسبب انه توقع اني قد شننت هجوما كاسحا على المرأة الحامل, بينما ما ذكرته هو نوع من أنواع الأدب الساخر, ولكن أجد ان الأخت القارئة الفاضلة فتحية احمد عباس, من الخبر قد كفتني الرد عليه, فهي بينت لنا أهداف الأدب الساخر, في رسالة وجهتها الى المحرر أيضا, وكان تعقيبها مسك الختام, فهي بينت اننا في حاجة الى الأدب الساخر في هذا الزمان الذي يعج بمصادر القلق.