مراسل قناة الجزيرة المعتقل حاليا في إسبانيا تيسير علوني يثير الكثير من علامات الاستفهام.. الرجل كان متميزا مهنيا خلال تغطياته الصحفية أثناء حرب أفغانستان ونجح بامتياز في حصد أكثر من سبق صحفي لقناته الفضائية، سواء اختلفنا أم اتفقنا. واعتقاله بتهمة الانتماء لتنظيم القاعدة يثير الكثير من الأسئلة حول جدية هذه الاتهامات اولا، ومصداقيتها أم أنها ضريبة أن يجتاز صحافي عربي حدود الممنوع المسموح به "أمريكيا وغربيا". ولأن الملف ما زال غامضا.. وشائكا، وربما يهدد مصداقية الإعلام العربي كله، فقد حاولت "اليوم" استجلاء بعض الحقائق من أقرب الناس إليه.. زوجته السيدة فاطمة الزهراء حامد .. التي التقيناها بمدينة غرناطة إحدى مدن محافظة الأندلس جنوب إسبانيا. تحدثت "أم أسامة" ولا ندري هل سيكون للإسم علاقة بأسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة كتهمة جديدة أم لا (المحرر) عن الملف الذي يتابع فيها زوجها والمتمثل في اتهامه بالانتماء لتنظيم القاعدة.. وكان هذا الحوار: هكذا اعتقلوه @ كيف تمت عملية اعتقال تيسير علوني ؟ * تمت عملية الاعتقال ظهر يوم الجمعة الخامس من شهر سبتمبر الماضي، كنت آنذاك برفقة الأولاد جالسة في شرفة البيت ، عندما جاء شرطيان إسبانيان طلبا مقابلة تيسير ، فأخبرتهم أنه يأخذ حماما ، فأخبراني أن لديهم أمرا باعتقاله. وفي انتظار انتهائه من الاستحمام، قام الشرطيان بتفتيش البيت. وبعد أن انتهى تيسير من ارتداء ملابسه رافق الشرطيان على متن سيارة تابعة للحرس الإسباني بعد أن قاما بمصادرة هاتفه الجوال ومحفظته اليدوية بالإضافة إلى محفظة بها دولارات أمريكية وريالات قطرية، وثلاثة كومبيوترات محمولة ولعب "سي دي" للأطفال، ومجموعة من الكتب بما في ذلك جرائد عربية وإسبانية. غير معقولة @ من خلال معرفتك به، كيف تقبلت الاتهامات الموجهة إليه؟ * لم أستسغ تلك الاتهامات واعتبرتها غير معقولة بالمرة ، واعتقدت بادئ الأمر أن خطأ ما في الأمر، وأنه سيطلق سراحه حالا بعد انتهاء التحقيقات الأولية. لكن بعد تمديد توقيف تيسير لمدة 72 ساعة بدأت أشك في الأمر، خاصة أن الدلائل الموجودة لا تكفي حتى لإيقافه بالأحرى اعتقاله، لكن وحسب وجهة نظري فإنه بعد أحداث 11 سبتمبر فإن كل شيء ممكن ومباح. مرة واحد أسبوعيا @ بعد حوالي الشهر من اعتقاله، هل هناك أي اتصال مباشر بين تيسير علوني وأفراد الأسرة؟ * يسمح لنا بزيارة تيسير مرة واحدة كل أسبوع ، لكن من خلال حاجز زجاجي، ولأول مرة سمح لنا الثلاثاء الماضي {30 أكتوبر} بجلسة عائلية جمعته بالأولاد. وخلال زياراتي له تبين لي بأن معنوياته عالية ، فهو مؤمن بأن الأمر يتعلق فقط بلعبة سياسية لا دخل له فيها. وبالتالي فإذ كان القضاء عادلا فإنه لا محالة سيقضي ببراءته . أما عني أنا فإني بت حقيقة أخشى على مصير تيسير ، خاصة وأن القضاء الإسباني يسمح طبقا لما تنص عليه مواد قانون الإرهاب بإمكانية الاعتقال الاحتياطي لمدة تصل إلى 4 سنوات. تضامنوا معنا @ هل أثر اعتقال زوجك على علاقتكم كأسرة علوني مع المحيط المباشر لكم،وأقصد هنا نظرة وتعامل الجيران الأسبان في قريتكم "قرية آل فكار"؟ * معظم سكان قرية "آل فكار" التي نعيش فيها منذ 4 أعوام ابدوا ومنذ علمهم بالخبر تضامنا وتعاطفا واسعين مع أسرتنا ، خاصة وأن علوني معروف بينهم بالطيبة والسلوك الجيد رغم أنه لا يقضي في "آل فكار" إلا ما تيسر له من الوقت بفعل التزاماته المهنية. وكان تيسير قبيل اعتقاله يفكر في الاستقرار النهائي في إسبانيا حيث كان منكبا على دراسة مشروع فتح مكتب إقليمي لقناة الجزيرة في العاصمة الإسبانية مدريد، بل وبدأ في المشاركة في برنامج من أوربا حيث كان آخر أعماله محاورة المبعوث الأوربي للشرق الأوسط ميغيل موراتينوس، وكان يستعد لمقابلة رئيس وزراء إسبانيا خوسي ماريا أثنار ، كما كان قد بدأ العمل على موضوع يخص جامع غرناطة الذي افتتح أخيرا إلا أن اعتقاله حال دون ذلك. أولادي فخورون به @ ماذا عن الأولاد ، هل أثر فيهم غياب الأب ، خاصة أن تيسير هذه المرة هو مغيب اضطراريا خلافا للمرات السابقة التي كان يتواجد فيها سواء في كابول أو بغداد؟ * أثناء فترات الغياب السابقة لعلوني خاصة في أفغانستان كان أولادنا يشعرون بالفخر وهم يشاهدون والدهم وهو يقدم معاناة الشعب الأفغاني المسلم للعالم ، بل إن تقارير علوني عبر الجزيرة كانت السبب الرئيس في جلب العديد من المساعدات وقوافل الإغاثة لغوث الأفغانيين. ورغم أن الأبناء قد اعتادوا على غياب تيسير علوني ، إلا أنهم هذه المرة قلقون على والدهم، خاصة في ظل الوضعية الصحية التي هو عليها بسبب العمليات الجراحية التي خضع لها في الآونة الأخيرة، وهم يدعون الله أن يفرج كربة والدهم، إلا أنه وفي نفس الوقت، ولا أخفي ذلك ، يدعون الله أن يحرم أبناء القاضي سارغون بالتسار من أبيهم، حتى يتذوقوا المعاناة التي سببها لأسرتهم. غموض الملف @ الآن وبعد ما يزيد عن 4 أسابيع من اعتقال علوني ، ما المدى الذي وصل إليه الملف وهل يمكن أن يطلق سراحه؟ * الملف بأكمله يكتنفه الغموض لغياب الأدلة التي تدين علوني ، ورغم ذلك فإن فرص متابعته في حالة اطلاق سراحه غير متوقعة بسبب التوصية التي ذكرتها النيابة العامة والتي تؤكد أنه ليس هناك ضمانات من أن يظل تيسير داخل الأراضي الإسبانية رهن إشارة القضاء ، حيث من الممكن أن يتوجه إلى دولة قطر التي لا تربطها بإسبانيا أي اتفاقية لتبادل وتسليم المطلوبين، وبالتالي فهي توصي بالإبقاء على اعتقاله. واسمح لي بالتساؤل هنا، هل يعقل أن يلجأ علوني إلى الفرار وهو الشخصية المعروفة على نطاق واسع؟ نعم .. لا @ كمواطنة إسبانية من أصل عربي مغربي تحديدا هل لديك ثقة في القضاء الإسباني ، خاصة أن القاضي بلتسار مشهود له بالكفاءة ؟ إلى حد الآن لدي كامل الثقة في القضاء الإسباني ، لكن وكما أخبرتك في السابق فإني متوجسة لأن القضية ليست جنائية، بل سياسية بالدرجة الأولى ، وبالتالي فإني لا أعرف مدى النزاهة التي سيحافظ عليها القضاء، خاصة وأن القاضي غارسون بالتسار يسعى إلى الحصول على جائزة نوبل للسلام من خلال هذه القضية ومن خلال مستقبل تيسير علوني. وعلى ذكر النزاهة والعدالة دعني أخبرك أن الأمر هنا لا يتعدى لعبة سياسية، وبالتالي فإن تطورات الملف لا يجب أن تنسينا أمرا هاما آلا وهو أن واشنطن وعبر واجهة غارسون بالتسار اتخذت العدالة مطية للنيل من تيسير علوني بعد أن فشلت في ذلك بمختلف السبل خاصة العسكرية. فواشنطن حاولت لثلاثة مرات اغتيال زوجي. العملية الأولى كانت بتاريخ 13 نوفمبر 2001 وهو اليوم الذي يؤرخ لانهيار حكم طالبان وسقوط كابول حيث دمرت المقاتلات الأمريكية مكتب قناة الجزيرة في العاصمة الأفغانية والذي كان علوني مسؤولا عن إدارته . وفي هذا اليوم بالضبط قامت قوات الشرطة الإسبانية باعتقال من أسمتهم بعناصر الخلية الإسبانية لتنظيم القاعدة. العملية الثانية كانت في الثامن من أبريل ، وهو اليوم الذي يؤرخ لليوم الذي سبق سقوط بغداد حيث قامت القوات الأمريكية بقصف مكتب الجزيرة في ضاحية الكرخ في الوقت الذي كان فيه تيسير علوني في بث حي ومباشر عبر قناة الجزيرة، إلا أن مشيئة الله اختارت أن يذهب الشهيد طارق أيوب ضحية لهذا القصف. العملية الثالثة كانت في نفس اليوم وبعد حوالي الساعة ، حين استهدفت المقاتلات الأمريكية فندق "فلسطين الميريديان" في الوقت الذي كان يتحدث فيه علوني عبر أحد الهواتف الفضائية التي كانت في ملكية أحد الإسبانيين اللذين لقيا حتفهما بسبب التدمير الذي لاقته معدات قناة الجزيرة ومنها الهواتف المحمولة ، والتي لم ينج منها آنذاك إلا الهاتف الذي كان يتحدث منه ماهر عبد الله انطلاقا من حديقة فندق فلسطين مباشرة عبر الجزيرة عندما حدث القصف. وقد أدى القصف إلى اغتيال مواطنين إسبانيين من زملاء علوني الذي كان يتواجد بالغرفة المجاورة لغرفتهما. وضعه الصحي خطير @ طبيب علوني في الدوحة حذر من تعرضه لتصلب في الشرايين إذ ما تم رهن الاعتقال ، هل لديك أي معلومات عن حالة تيسير الصحية؟ * في هذا شهر أكتوبر الحالي كان تيسير يستعد لإجراء عملية جراحية في الدوحة ، وكنا على وشك المغادرة إلى قطر، إلا أن الاعتقال حال دون ذلك، انطلاقا من هذا فأنا منشغلة بالوضع الصحي لزوجي خاصة وأن حالته تسير نحو الأسوأ ،والجدير بالذكر هنا أن تيسير يعيش في فترة نقاهة تستمر 10 أشهر جراء عملية قسطرة جراحية أجراها له الخبير العراقي الدكتور طالب خير الله في الأول من شهر أبريل نيسان الماضي ببغداد على مستوى الشرايين ، إذ يعاني تيسير علوني من "تآكل الشرايين" وأنا أحمل هنا القضاء الإسباني وعلى رأسه القاضي بالتسار أي ضرر أو أذى يلحق بزوجي خاصة وأننا تقدمنا بطلب أن يجري تيسير فحوصات طبية على حسابنا الخاص على يد خبراء من إحدى المصحات الخاصة في مدريد. @ كيف تلقيتم الدعم العربي والدولي للمنظمات الحقوقية والسياسية والإعلامية لزوجك في محنته الحالية؟ * من خلال منبركم هذا أشكر كل أوجه الدعم الذي تلقيناه كأسرة علوني ونحن نواجه هذه المحنة والذي كانت قناة الجزيرة سباقة إليه ، لتتوالى بعد ذلك أصوات الدعم والتي جاءت من أكثر من جهة ، أبرزها الزعيم الليبي العقيد معمر القدافي الذي تباحث في الأمر مع رئيس الوزراء الإسباني خوسي ماريا أثنار، والرئيس اليمني علي عبد الله صالح، ووزير الخارجية السوري فاروق الشرع، ومن أوجه الدعم التي حولت تيسير علوني إلى ظاهرة كان ذلك الذي عبرت عنه قنوات فضائية عربية منافسة لقناة الجزيرة ك"العربية وأبو ظبي وMBC ". كما أننا اليوم نحن بصدد تجميع مليون توقيع لحشد التأييد لتيسير علوني، كما لا يفوتني أن أشكر هنا اللجنة العربية لحقوق الإنسان ورئيسها الدكتور هيثم المناع لوقوفها معنا، وإذ أنوه بهذا الدعم الذي أتمنى أن يزداد، فإني أذكر وبمرارة ما قامت به بعض المنابر الإعلامية في حق زوجي من أفعال، ونحن الآن نجري مباحثات مع المحامي لرفع دعوى قضائية ضد صحيفة "لاراثون" ، بالإضافة إلى صحيفة عربية دولية والتي نقلت أني نصرانية وأني أسلمت بعد زواجي بتيسير وسميت نفسي فاطمة الزهراء وهذا كله محض افتراء وبهتان، فأنا سيدة مسلمة. منزل علوني حيث جرى اعتقاله