يعتبر الاستثمار هو المحرك الرئيسي لعجلة التنمية الاقتصادية، وقد دلت التجارب العالمية على ان الدول التي توجه قسما كبيرا من ناتجها المحلي نحو الاستثمار تحقق مستويات مرتفعة من التقدم والرفاه الاقتصادي لمواطنيها، ولهذا فان نظرة الهيئة العامة للاستثمار تقوم على اساس تحسين البيئة الاستثمارية بهدف رفع معدلات الاستثمار في المملكة بشقيه الاجنبي والمحلي على حد سواء. واذا كانت نسب الاستثمار في المملكة قد بلغت في السنوات الاخيرة في المتوسط حوالي 17% من الناتج المحلي فان المطلوب هو زيادة العمل لمضاعفة هذه النسبة لتبلغ 30% وهي النسبة المناسبة لتحقيق معدلات النمو والتوظيف المنشودة. وتجدر الاشارة الى ان الهيئة لها القناعة الكاملة بان بيئة الاستثمار في المملكة تحظى بالمقومات الاساسية، واهمها الموارد الطبيعية الهائلة وتوفر رؤوس الاموال المحلية والتي تجعلها مؤهلة لبلوغ تلك النسب. ولا يخفى على احد ان هدف تنويع مصادر الدخل ظل دوما احد الاهداف الرئيسية في جميع خطط التنمية الخمسية المتعاقبة والذي لم يتحقق حتى الان، وظلت معدلات التنمية في الاقتصاد السعودي ترتبط ارتباطا وثيقا باسعار السوق العالمية للبترول، وخلال السنوات الخمس الاخيرة انخفض معدل النمو الاقتصادي بشكل واضح بينما زاد النمو السكاني الى معدلات فاقت معدلات النمو الاقتصادي. ولتفادي هذا الخلل الواضح لابد من التركيز على زيادة معدلات الاستثمار في مختلف القطاعات الاقتصادية وبصفة خاصة القطاعات ذات الميزة النسبية. والمطلوب الان هو تكاتف الجهود لايجاد البيئة الاستثمارية التي تشجع المستثمر المحلي وتجذب رؤوس الاموال الاجنبية. ومن المعلوم ايضا ان الاقتصاد السعودي يمتلك عناصر قوة عديدة تتمثل في كبر الحجم الحالي للاقتصاد، فهو اكبر اقتصاد في المنطقة العربية، والسوق السعودي سوق واسعة ويؤدي ارتفاع معدلات النمو السكاني الى زيادة الطلب، والقطاع المصرفي منظم وقوي وعناصر البنية التحتية من طرق واتصالات وكهرباء ومطارات وموانىء متوفرة بمستوى طيب ولابد من استغلال هذه العوامل وتوجيهها نحو دعم الاستثمارات وزيادة معدلاتها. وانطلاقا من قناعات الهيئة بان المستثمر المحلي والمستثمر الاجنبي ينظران الى بيئة الاستثمار بمنظار واحد، حيث انهما يتطلعان الى توفر مجموعة من المقومات الرئيسية لهذه البيئة مثل توفر المجالات الجاذبة للاستثمار، الشفافية والوضوح في الانظمة والاجراءات وتوفر الضمانات والحماية للاستثمارات ووجود قطاع الخدمات المتطور وحرية حركة الاموال وكذلك توفر البنية التحتية المتطورة وغيرها، فقد وجهت الهيئة جهودها لخدمة الاثنين معا وذلك من خلال عقد المؤتمرات والندوات وورش العمل الداخلية والتواصل والمشاركات في المنتديات الخارجية. ان الجهود التي تبذلها الهيئة العامة للاستثمار لتصحيح المفهوم لدى البعض وتحفظاته على الاستثمار الاجنبي ستتواصل لكسب جهود الجميع وتكوين نظرة ايجابية نحو الاستثمار، وايجاد مناخ اكثر ترحيبا وجذبا للاستثمار الاجنبي والذي يتوقع منه تحقيق فوائد كثيرة نحن في اشد الحاجة اليها، واهمها ايجاد فرص وظيفية مميزة للمواطنين، واكتساب الخبرات والمهارات الادارية والفنية المتطورة، والاندماج في الاسواق العالمية. ولقد بذلت الهيئة منذ انشائها جهودا كبيرة للتواصل مع المستثمرين والتعرف على اهم المعوقات التي تحد من نمو الاستثمارات المحلية والاجنبية والعمل على ازالة هذه المعوقات بالتعاون مع الوزارات والجهات ذات الاختصاص، وقد تحقق الكثير في هذا المجال حتى الان، حيث صدرت مجموعة من الانظمة الجديدة وتأسست مجموعة من الهيئات المتخصصة ووضعت استراتيجية للتخصيص وبدأت بعض خطوات التنفيذ لها في عدد من المجالات، كما ان المجالات المستثناة من الاستثمار الاجنبي قد تم تقليصها، وخفضت معدلات الضريبة على الاستثمار الاجنبي، ولكن لا يزال هناك حاجة الى بذل المزيد من الجهود لايجاد بيئة استثمارية اكثر تشجيعا للمستثمر المحلي وجذبا للمستثمر الاجنبي، وذلك من خلال استكمال الانظمة ذات العلاقة بالاستثمار وتوضيح جوانب بعض الانظمة الاساسية التي تم اصدارها مؤخرا مثل نظام السوق المالية ونظام التأمين وايجاد الآلية المناسبة لفض المنازعات التجارية وزيادة سرعة تنفيذ برنامج التخصيص، والعمل على توفير وتطوير المزيد من البنى التحتية كالاراضي الصناعية والطرق وخدمات النقل وتسهيل تطبيق الحوافز المعلنة مثل تملك الاراضي والعقارات للاجانب وتطوير بنية وقواعد المعلومات وسهولة وسرعة الحصول عليها. واضافة الى ذلك فاننا في حاجة ماسة الى فتح الابواب امام الاستثمارات النسائية خاصة وان المؤشرات تدل على وجود مدخرات نسائية كبيرة في البنوك المحلية مقيدة الحركة نتيجة للمعوقات التي تواجه اصحابها من النساء وتحول دون الدفع بهذه الاموال والامكانات نحو الاستثمار، كما ان هناك حاجة ايضا الى الاستفادة من مدخرات العمالة الاجنبية والحد من معدلات التحويلات الضخمة الى الخارج وذلك باتاحة الفرصة لاصحاب هذه الاموال بان يقوموا باستثمارها محليا في الانشطة الاقتصادية المختلفة بما في ذلك السوق المالية ومنشآت الاعمال الصغيرة والمتوسطة. ولتحقيق طموحنا في ايجاد البيئة الاستثمارية المشجعة الجاذبة على الاستثمار فانه يجب علينا ألا نتوقف عن الحركة وان ننظر دائما للمستقبل وان ندرك ان العالم في تطور مستمر وان ايقاع هذا التطور يتسارع بدرجة كبيرة وعلينا ألا نتخلف، وان نطور دائما من انظمتنا وسياساتنا لتواكب هذه التطور وان نكون دائما روادا في منطقتنا، دون ان نغفل حجم قدراتنا وامكانياتنا وضرورة مواءمتها لتناسب متطلبات المنفاسة في الاسواق العالمية. محافظ الهيئة العامة للاسثمار